كلاكيت: سيرة مجرمين في السينما

علاء المفرجي 2019/05/22 12:00:00 ص

كلاكيت: سيرة مجرمين في السينما

 علاء المفرجي

تفترض أفلام السيرة الذاتية، وهو افتراض ينقصه الكثير من الصواب، إن الشخصيات التي تنال سيرتها تكون مكتملة وبمثابة (مثال) كما يقول تاركوفسكي ، فلا يمكن إنكار أنه ليس كل سيرة حياة تدور حول (( عملاق )) ، لكن أغلبها كذلك . حتى لو كان الشخص محل السيرة جديراً بالإزدراء ولا يستحق الإعجاب والمديح ، فلا يزال هناك العديد من الدروس التي يمكن إستخلاصها من سيرته .
فنجوم المجتمع ليسوا هم الوحيدين الذين يستحقون أن نستعرض سيرهم، بل أغلب من كان تأثيره في المجتمع كبيراً، يستحقون ذلك.. المجرمون مثلاً، طالما حققوا (شهرة) كبيرة ولفتوا إليهم الأنظار.
خلال هذا الموسم عرض فيلمان تناولا السيرة الذاتية لمجرمين كان لهما أثر واضح في مجتمعاتهم.. الفيلم الأول للمخرج الدنماركي الكبير لارس فون ترير (المنزل الذي بناه جاك)، والفيلم الثاني والصادر حديثاً عنوانه (شرير للغاية، شره صادم وحقير) من إخراج جوي بيرلينجر.
فيلم ترير يعود به الى "مهرجان كان السينمائي" بعد سبعة أعوام من منعه من المشاركة في المهرجان ، بسبب قوله مازحا إنه نازي، حيث قدم مشاهد رعب مروعة جديدة، تسببت في انسحاب جماعي من العرض الأول لفيلمه بالمهرجان. رغم إنه عرض خارج المسابقة.
يروي الفيلم قصة جاك، القاتل المتسلسل اﻷمريكي خلال حقبة السبعينيات، وحياته على مدار 12 عاماً من منظوره الخاص، والجرائم البشعة التي ارتكبها خلال هذه الفترة الزمنية، حيث يتعامل مع كل جريمة قتل جديدة يرتكبها بوصفها عملاً فنياً. حيث يعمل القاتل في مجال العمارة، وهو مهندس دارس للهندسة وعاشق للمعمار، ويشمل الفيلم، مشاهد دموية حادة، ويجسد دور سفاح في سبعينيات القرن الماضي، والطريقة المصممة للقتل.. الفيلم لايقف عند السيرة التفصيلية للقاتل الذي أثار الرعب حينها، تربيته، وضعه النفسي، نشأته العائلية.. لكنه في الوقت نفسه أضاف بدل ذلك ما يعزز إحاطتنا بالقاتل وسيرته.. عمله كمعماري، وأيضاً حالته النفسية، والأهم رحلة المخرج إلى عالم الأساطير، حيث يتجلى البعد الديني في الكثير من مراحل سيرة القاتل، والنزول الى الجحيم خاصة في الرحلة التي يصحبه فيها الصوت الذي يرافقه خلال الفيلم، خاصة وأن صورة الجحيم في الفيلم تتوافق مع بعض الديانات والأساطير. قام بدور القاتل في الفيلم الممثل مات ديلون في دور جاك، الذي يملك ابتسامة قاتلة بينما كان يخنق ويطعن ويشوه ويطلق النار على ضحاياه قبل تجميع جثثهم في غرفة تجميد صغيرة.
الفيلم الثاني يتناول جانباً من سيرة محاكمة القاتل المتسلسل (تيد باندي) من منظور رفيقته (إليزابيث كلويبفير) ؛ والتي رفضت تصديق حقيقته طيلة سنوات. فالفيلم يركز على جانب محاكمته من دون أن نتعرّف على سيرته، والتي سنقف عند جانب منها في المشاهد الأخيرة للفيلم ، عندما تحضر والدته الى قاعة المحكمة. الفيلم نفسه يسلط الضوء علينا ، وهو المكان الذي أبدع فيه بيرلينغر المخرج وزاك إيفرون في دور باندي وهو اختيار مستوحى منهما .
تضعنا بيرلينغر داخل رعب ليز المتزايد بأنها كانت تعيش مع الرجل الذي ربما فعل الأشياء الرهيبة التي تراها في الأخبار. تتشابك علاقتهم السعيدة ، التي تظهر في لقطات من الأفلام المنزلية ، مع تقارير إخبارية محلية واسعة عن فتيات فقدن في المنطقة ، فتيات يظهرن قتلى ، واثنتان من عمليات الاختطاف الوقحة في وضح النهار. يبدو رسم الشرطة الذي تمّ إصداره للجمهور وكأنه صديقها ، لكن ليز لا يمكن أن تكون متأكدة. وتتبع بيرلينغر بوندي أيضاً ، لكننا نرى فقط سلوكه الخارجي ، ماذا يفعل . هذا يجسد سيرة بوندي الغامضة ، والشعور بالتمويه الذي يخفي طبيعته الحقيقية. يصر بوندي - مع زيادة التشدّد - على أنه متهم خطأ.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top