سعاد الجزائري
الحرف الأول يشكّل الاتجاه ومعنى الكلمة التي نريدها، أو التي سنخلقها بالمعنى أو بدونه..
الكلمة تشكّل البؤرة لانعكاس الفعل الذي سيأتي بعدها أو حولها، لنصل الى سطر تقييم حقيقة ما نحن عليه أو الذي سنكونه.
السطر يمتد طويلاً ليعبر بحور التنوع الفكري كقارب يرفع شراعه كي يواجه العواصف التي تريد كسر ساريته..
السارية تتمايل مع أمواجها والرياح تسوّقها بين خوف مختبىء ومجهول كامن في مكان ما، قد يستدل إليه القارب..
القارب تهزه الريح وتطعنه الأمواج، لأنها تسير عكس الاتجاه، وهذا التضاد، قد يقود الى الموت، أو نحو البدء..
أكتب بضجة كلماتي لزمن لن يأتي، ولحب لم ينبت بعد..أكتب على الرمل لتزحف كلماتي كافعى تهرب من فريسة أو تطارد فريستها..
تحت زخات مطر الكلمات أغسل روحي من غبار الأيام التي سحقت جملة قضيت زمناً أبحث عنها لاشكّل معناها وأكوّر مدلولها علّها تصيب هدفها..
تتصارع الأهداف وتغتال بعضها بكاتم صوت، ومن الفكر وصولاً للهدف، يتقاتل الكل مع الكل الآخر، وفيه نسقط ضحايا، ليبقى الهدف لاقيمة له ولا معنى للوصول إليه..
صراعي مستمر مع تلك الحروف الملتوية، أو المكسورة، فقد تركت للآخرين كلماتي المفتوحة، وأبقيت لي آخر كلمة رفعتُها الى الأعلى، الكلمة التي تتموسق مع ضمتها لترقص مثل انحناءة رائها، أو حيرة الواو فيها أو مثل حرقة حائها...(روحٌ)...
أي روح أنت؟!! تهيم في البراري، وبين مراعي تسكنها وحوش الأساطير، روح تمطر طوال الفصول، لكنها قاحلة، قيعانها متشققة..
إين غابت تلك الروح التي استوطنت الفضاء ما بين الرأس والقلب، أما زالت تبحث عن المعنى، وعن سر وجودها، تبحث عن العدم في صخب الحياة وضجيج الزمن..
لمن نكتب تلك الجمل الطويلة منها والقصيرة، الموسيقية الإيقاع أو التي تخلو من نغماتها، لماذا نستهلك الزمن ونرهق الآخرين بنصوص هي في الأول والنهاية ألم مسكون عند الجميع..
فعند حواف هذا الألم تتساقط المعاني وتتبعثر وتختفي الكلمات مثل الرماد، قد يضيع أثرها، لأن حافة الألم قاطعة وحادة في ثناياها، والألم يلغي الحواس جميعها عدا الإحساس به..فما جدوى أن تكتب للرماد، وما جدوى كلمة لا قيمة لمعناها، وما جدوى أن تكتب عن ألم مخنوقة جمله، وستقطع حوافه الحادة عنق السطور..
كتبت لزمن لم ولن يأتي..
ضاعت جملي في غربة النصوص
وعلى رماد الحرف
سأكتب قصة أول حرف لوى عنقي
وألقمني مرّ المعاني وأقساها...
الى الرماد سأكتب آخر سطوري..
اترك تعليقك