م.حسام المعمار
كثيراً ما يشغل اهتمام متابعي جدول ترتيب الفرق في دوري كرة القدم عند نهاية كل دور سواء في الصحف أو في وسائل الإعلام وحتى في المواقع الألكترونية المختلفة متصدّر الترتيب والفارق النقطي بين الأندية إنتهاء بمتذيّل الأندية وربّما يكسر البعض هذه القاعدة
عندما يهمُّ بحساب المباريات المتبقية من عمر المسابقة من باب التكهّن بهوية البطل أو لمعرفة المواجهات الصعبة المتبقية لأحد الأندية بيد أن قيمة هذا الجدول تختلف بدرجة كبيرة لدى المحلل الكمي، الشخص المتخصّص الذي عادة ما يحاول الخروج بمشاهدات فنية وقراءات دقيقة وتفسيرات أخرى تساعد الجهاز الفني بحيث يختلف عن بقية الجداول التقليدية المتوارثة.
في الجدول المرفق وقبل عمود النقاط هناك عمودان جديدان هما "الشباك النظيفة" (عدد المباريات التي خرج فيها كل فريق بشباك نظيفة) و"سجّل في" (عدد المباريات التي تمكّن أن يسجل فيها كل فريق أهدافاً). ما يعطي الانطباع عن المنافس أكثر دقة للجهازين الفني والإداري وحتى المتابع في الوسط الرياضي.
لو كان لديك مباراة ضد فريق نفط ميسان، فإن هذين العمودين يوضّحان بأن هذا الفريق يمتلك هجوماً قوياً بإمكانه التسجيل في أغلب مبارياته، وبالتالي فإن الحيطة الدفاعية واجبة أمامه، لكنه أيضاً لديه مشكلة في عدم إمكانية الحفاظ على شباكه نظيفة، أي أن التسجيل عليه شيء ممكن، وبالتالي يبني الجهاز الفني قراره على ذلك.
المحلل الكمي أيضاً ينظر الى الأعمدة التقليدية بشكل مختلف، نلاحظ جميعاً النجوم الموجودة في بعض الأعمدة. هذه النجوم هي قياس مقارنة بين الفرق وتقسيمها الى ثلاثة مستويات من الأقوى إلى الأضعف النجمة الذهبية هي للأقوى والنجمة النصف ذهبية هي لمتوسط القوة والنجمة البيضاء الفارغة هي للأضعف.
فريق الشرطة هو وحده بالقسم الأقوى في عمود تسجيل الأهداف مثلاً بـ 62 هدفاً، بينما وفي نفس العمود تعتبر فرق القوة الجوية والكرخ والزوراء ونفط ميسان والنفط والطلبة من الفرق متوسطة القوة بينما تصنف بقية الفرق الـ 13 بنجمة فارغة وهي الأضعف.
نقولها بأسف شديد، فقد درجت العادة في العراق بأن تكون المنظومة الكروية (أندية ومدربين) هي آخر من تهتم بالحداثة، وتكاد أن تكون وظيفة المحلل الكمي معدومة إلا ما ندر، بل إن أغلب الإدارات والأجهزة الفنية تجهل أي شيء عن التحليل الكمي ولم تستغل هذا الاختصاص ولا تدرك أهميته كونه يعد اليوم أحد هذه الاختصاصات الفاعلة في كرة القدم الحديثة، بل ركناً اساسياً، وفيه يستقطب مُحللو احصاء أو مهندسين للتعبير عن كل شيء بالأرقام وبمعادلات تمكنهم من قياس الأمور النسبية التي يصعب الفصل فيها، ويتم وضع أطر وقياسات ومعايير للتقييم للخروج بنتائج حتمية تساعد الجهازين الفني والإداري في الأندية على اتخاذ القرار الأسلم إنتهاء بالمنظومة المتكاملة التي تعتمد في عملها على اختصاصات مختلفة تكمل بعضها البعض بطريقة متجانسة للخروج بنتائج مثمرة فعّالة، فكلما وزّعت المهام وقسّمت الى واجبات متعدّدة وفي حلقات أصغر يشرف عليها المتخصصون كلما كان الأداء أكثر تكاملاً وأكثر دقة.
*المحلل الكمي في كرة القدم