قصي عطية*
سردابٌ نسكنُ فيهِ
يسكنُه قلقٌ ... يسكنُ فينا
سردابٌ يقفُ على قدمٍ واحدةٍ
ويمدُّ أذرعَه نحوَ جبينِ الفجرِ
الطّالعِ من ليلٍ أبرص...
***
سردابٌ يتنهّدُ شوقاً للضّوءِ
يختبرُ يقينَ الشّمسِ...
في كلّ زاويةٍ فيه رغباتٌ
تمورُ بالقيء...
رغبةٌ حدباءُ تتقرّى المجهولَ
وتتفيّأ مرايا الوقتِ
تفتق سروالَها،
وتُعيدُ رتقَه من جديدٍ
تنزلقُ في حدائقِ الشّهوةِ
وتنغرسُ عموداً من الإسمنتِ
المُتحجّرِ في عيون الأبديّة.
***
سردابٌ يُصغي
إلى هسيسِ الشّهوةِ
في العتمة..
رغبةٌ خرساءُ تهمسُ بالدّمعِ الأسودِ
في عيون ميدوزا
ولا تقطفُ سوى قلقٍ عابرٍ
يتهشّمُ أمامَ شعاعٍ أخرسَ
مُتنسّماً رائحةَ الطّين
والعَفَن..
والرّطوبة..
***
سردابٌ يثقبُ الأفقَ المُنبسطَ
ويسهرُ وحيداً بلا نافذةٍ
مُتّكئاً على حوانيتِ شهوتِنا
مأخوذاً بأصواتِ الصّراصيرِ
المزروعةِ في العتمة..
يهذي بكلماتٍ
تُلهب أكمامَ اللّيلِ
ويبتكر أبجديتَه
ويسترخي مُمدَّداً ..
على مرأى من صراخ الّليلِ.
***
سردابٌ
يُطاردُ الأشباحَ المصلوبةَ
على برعمٍ
مُرتعِشٍ
أفرغَ ذاكرتَه على شرفةِ التّيهِ
وانطفأ.
_________
* شاعر سوريّ، من أعماله: (معراج الضوء)، و(كونشيرتو الرغبة الحدباء).
اترك تعليقك