د. أثير ناظم الجاسور
مرّت سنوات ما بعد احتلال العراق سريعة بكل ما تحمله من أحداث خطيرة تحطمت على صخورها آمال الكثيرين، نعم إذا ما أردنا التركيز على قضية الربح والخسارة فالعراق الخاسر الأكبر لاعتبارات أن هذا الاحتلال
لم يكن من أجل تخليص شعب بقدر ما كان تغيير يلامس المصلحة الامريكية العليا ابتداءً من الحفاظ على أمن اسرائيل انتهاءً بالسيطرة على خطوط إمداد البترول ومحاصرة الخصوم، و جعل العراق ساحة لتصفية الحسابات مع هذا التنظيم أو ذاك من أجل أي شيء وكل شيء، ولا ضير أن تكون هناك فترة نتذوق فيها طعم الخسارة والمعاناة لا بأس، لكن أن تستمر بهذه الطريقة ودون حلول وإن وجدت فهي ترقيعية لا تجدي، وهذا ما لا يمكن تصوره بكل الأحوال خصوصاً وإن المشروع المزعوم الذي جاءت من أجله أمريكا خطواته كفيلة بأن تجعل من العراق أفضل مما كان بعشرات المرات، والغريب إن أغلب من جاء مع القوات المحتلة هم من حملة الشهادات العليا والاختصاصات الرفيعة الى جانب أن معظمهم كان يعيش في المدن والعواصم الاوروبية، وهذا قد يعطي انطباعاً في البداية انهم محملين بالحسنات والايجابيات التي عدها البعض مقدمات تسهل عملية النمو والبناء والتطوير.
بلا شك فهذا الكم من المراتب العلمية والشهادات وملامسة التجارب المتطورة يجعلهم مستعدين لنقل كل ما له علاقة بالحداثة والتطور والابتعاد عن الانغلاق، الحديث طويل والإخفاقات أكثر وأكبر وقد يرى البعض أن من غير الممكن رسم خطوات تصحيحية إلا بعد نسف كل ما تم إنشاؤه طيلة هذه الفترة، ومن خلال عملية النسف هذه الذي تعودت عليه هذه الأرض التي تضمنت كل أمة تأتي تلعن الأمة التي قبلها وبهذا وجدنا أن كل ما نملكه هو ملقى على قارعة الطريق، فلو ركزنا على كل خطأ حصل طيلة هذه السنوات لوجدنا حلوله داخل عقل كل مواطن فكيف بالذين عاشوا تجارب متطورة في مختلف دول العالم.
والغريب ايضاً إن صانع القرار العراقي بعيد عن الواقع فكل المؤسسات العلمية والاكاديمية والثقافية من خلال ندواتها وورشها وأوراقها التي تحتوي على استنتاجات وحلول لا تصل الى صانع القرار أو إن الأخير لا يبذل جهد بسيط من أجل الحصول عليها، والحقيقة إن هذه المؤسسات والعقول هي من تمتلك الحلول على اعتبارهم من ذوي الاختصاص والشأن، ولهم القدرة على دراسة الواقع بتجرد بعيد عن التفكير الحزبي الضيق، كلها حلول لو تحدثنا عنها وبمختلف المجالات لاحتجنا لفترات قليلة لتنفيذها وتبعدنا عن الهواجس التي باتت تسيطر على عقل الحاكم والمواطن أن الحال منهار لا محالة، في حين إن لكل مسألة مهما كانت معقدة حلول أما في كلية أو جامعة أو مؤسسة علمية، وحتى قد نحدها في فكر ولسان محلل على شاشة التلفزيون، ناهيك عن تلك المناشدات التي لا تخلو من حل في مواقع التواصل، لو بذل صانع القرار ومستشاريه الذين يتقاضون الملايين جهداً أقل ما يكون بسيطاً للبحث عن كل ما له علاقة بالخلاص من الأزمات فسيجدونها ملقاة على قارعة الطريق.
اترك تعليقك