تَكَهُّنٌ

تَكَهُّنٌ

مروان ياسين الدليمي

أغْنِيَّاءَ المَدِينَةِ ماعَادوا يَعْثُرُونَ عَلَى مَا يُضْحِكُهُمْ فِي الآوِنَةِ الأَخِيرَة

أَشُكُّ فِي أَنَّهُمْ يُتْقِنُونَ الاِنْتِهَاءَ مِنْ اِعْتِرَافِهِمْ بِالعَجْزِ عَنْ الاِهْتِمَامِ بِأَشْيَاءٍ هَادِئَة

كَانَتْ خِيَارَاتُهُمْ دَائِمًا تَمْنَحُهُمْ التَّكَهُّنَ بِمَا سَتَقْتَرِحُهُ قِصَصُنا مِنْ مُتْعَ مُحرَّمة 

إِذَا مَا اِنْكَسَرَت قَوَاعِدُ تَصْنِيفِ الأَجْنَاسِ فِي مَتْحَفِ الأُمَمِ المُتَحَضِّرَة .

لَمْ يَكُنَّ آلَّا قُدَّاسًا مُكَرَّرًا 

سَاعَةَ سُقُوطِ صُلْبَانٍ مَنْ أَيْدِي فِتْيَانٍ غَاضِبِين عَلَى عَجْرَفَةِ اللُّغَة

هُناكَ علاجٌ دائمٌ للخطوطِ المُعقَّدَة 

يُمكِنُكُ التَّعبِيرُعَنهُ مثلُ فتاةٍ يَمتَهِنُهَا اللّيل

بِكَلامٍ يشبهُ النَّومَ فوقِ غَيمَة 

وأنتَ قابعٌ عِندَ حَافةِ الاهتِمامِ بِشخصٍ مَا 

إلاَّ أنّ ذلك لنْ يَمنَحكَ شُعوراً بِسطحيِّةِ الاِحتِمَالات 

فالمُحِبُّونَ إِذَا مَا طَلَعُوا عَلَى تَفَاهَةِ أَخْطَاءٍ اِسْتَمْتَعُوا بِهَا

كَانَ القَدْرُ بَيْنَ أَيْدِيهُمْ مُجَرَّدَ لِقِطَّةٍ سِينِمَائِيَّة 

رُبَّمَا تَتَجَاوَزُ مدتُّها سُرْعَةَ التَّفْكِيرِ بِاِقْتِنَاصِ قِبْلَة 

أَوْ تَرْكِيزٍ فِي غُمُوضِ آلِكُون .

هَذَا الهَوَسِ الصَّامِتِ بِالحَيَاة لَمْ يَعُدَّ قَابِلًا لِلتَّصْدِيق 

فمَا مِن علاقةٍ بَيْنَ ذُّهُولنا أمَام سُقوطِ اناشيدِنا المُقدَّسَة

وبَيْنَ العَمَلِ فِي بَيْتٍ عَلَى الطِّرَازِ الشَّرقي 

خَاصَّةً عِنْدَمَا تَخْطُرُ فِي البَالِ عُرُوضٌ مُضْحِكَةٌ فِي مَلْهًى لَيْلِيّ .

سَيَكُونُ سَبَبَا لِلتَّهْرِيج أَنْ تَكُونَ شُجَاعًا 

كُلَّمَا تَسَارَعَ المُوسِيقِيُّونَ فِي اِرْتِدَاءِ أَقْنِعَةِ نِسَاءٍ مُسِنَّات 

فِي دَوْرَةِ مِيَاهٍ مُزَيَّنَةٍ بِرُمُوزِ آلِهَةِ الخِصْب

الأَمْرُ لم يَعُد يَشْبَهُ مَسْرَحِيَّةً تُعاد كِتَابَتُهَا بِطَاقِمٍ مِنْ الوُعَّاظ

كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُمَثِّلُ دَوْرَ صحفيٍ مَهْوُوسٍ بِمُشَاهَدَةِ الثِّيرَان

وَهِيَ تَخُورُ وَسَطَ الحَلْبَة .

ماذا أفعل طَالمَا لمْ أكُن مُتوَرِّطا بِوضعِ هَذهِ الخطَّة ؟ 

بِإِمْكَانِي اِخْتِيَارُ الاِنْفِصَالِ عَنْ الهَوَاء

أوالتّوقفِ عَن الافتِتَانِ بِتَجريدِ الايقاعِ من صَرامَتِه 

أُدرِكُ جَيداً أنَّ الوقوعَ في مَهاراتِ الطُّغيان 

سَيُلهِيني عن نقدِ الخَيالِ بعناوينَ تشبهُ افلامَ فدريكو فلليني 

الأَفْضَل مِن كُلِّ هذا الهُراء في نِهايةِ مَطافِ التّلاعبِ بالذَّاكِرة 

أنْ أُمَارِسَ الحُب عَلَى طَاوِلَةٍ رَسْمِيَّة.

في جَحِيمِ تَحَوُّلَاتِنَا 

أُلقي نَظْرَةً أَخِيرَة على فهْرس اللَّايقِينَ 

لعَلَّي أسْتَنْسِخُ عَنَاوِينَ مَلَائِكَة

تَعَوَّدْتْ أَنْ تخبىء مَشَاعِرهَا خَلْفَ رُمُوشٍ إصطناعِيَّة 

كَانَتْ احْلَامُها على الدوَام أنْ لِأَتَكَوَّنَ خُطْوَةً نَائِيَة

تَنْتَهِي بها إِلَى سَلَّةِ المُهْمَلَات

وَهَذَا لَا يَحْدُثُ إِطْلَاقًا 

لَوْلَا العَمَلُ عَلَى تَرَاكُمِ الأَشْيَاءِ عَلى ضِفافِ العَتمَة 

كَمَا لَوْ أَنَّهَا أَرْقَامٌ فِي صَحِيفَةٍ تَهْتَمُّ بِمُمَثِّلِينَ سُود

يَتَعَاقَبُونَ عَلَى سَرْدِ تَخْمِينَاتِهِمْ حَوْلَ ضَبَابِيَّةِ الأَشْيَاءِ

وَاحِدًا بَعْدَ الآخِر .

فَاعِلِيَّتُنَا فِي أن نمَحْو نُصُوصاً تَخْتَزِلُ العَيْشَ بِخَزَائِنِ كّهانٍ مؤدلجين

أَنْ لانَخْضَعَ لِمُخَيِّلَةِ مَخْطُوطَاتٍ حَيَّدْتَهَا فَوْضَى أَحْكَامٍ تَعَسُّفِيَّة

أنْ لَا نَسْتَلْقِي مُتَهَالِكِينَ بَيْنَ سُطُورٍ غَامِضَةٍ مِنْ كِتَابٍ مُقَدَّس

أنَ لَا نَسْتَعِين بِالمُهَدِّئَات مِنْ ثِقَلِ مَا تَحمِلَهُ رُؤُوسُنَا مِنْ آلِهَةٍ أَرِسْتُقْرَاطِيَّة 

فهَلْ نَخْشَى مُمَارَسَةَ التَّأَمُّل بِمَعْزِلٍ عَنْ قِصَصِ الحُبِّ الخَجُول

لِأَنَّ فِي ذَلِكَ مُوَاجَهَةً مَعَ إِسْرَارِنَا ! 

قَدْ تَصْنَعُ المُرَاجَعَةُ أَثْنَاءَ وِلَادَةِ الأَكَاذِيب

مَا يَصْرِفُ قُدْرَتَنَا عَلَى التَّفْكِيرِ بِمَا نُحِب .

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top