مجرد كلام: عبء المواطنة

عدوية الهلالي 2019/06/24 08:26:08 م

مجرد كلام: عبء المواطنة

 عدوية الهلالي

في ( بوست ) طريف من منشورات الفيس بوك قال عراقي إنه يفكر في السفر الى بنغلادش والحصول على الجنسية البنغالية ولما سأله صديقه عن السبب ،

قال إنه ربما سيحصل بذلك على فرصة عمل في العراق !!..مايعني إنه سيفد الى العراق مع العمالة الآسيوية التي تواصل التوافد على العراق بناءً على طلب أصحاب المهن والمصالح التي تحتاج الى أيدي عاملة في العراق ..

ومع اقتراب تخرج طلبة هذا العام من الجامعات سيتزايد عدد الشباب العراقيين العاطلين عن العمل والذي قدره صندوق النقد الدولي بنسبة 40% لدى الرجال و85% لدى النساء وربما أكثر من ذلك إذا ماتم إعداد إحصائية جديدة ، هذا بالإضافة الى طلبة الجامعات والمرحلة الاعدادية الذين يحتاجون الى فرص عمل في العطل الصيفية لمساعدة أسرهم في جمع أقساط تعليمهم أو أجور المدرسين الخصوصيين ، لكن كل هذه الأعداد ربما لاتحصل ألا على فرص ضئيلة ومؤقتة قياساً بالعمال الأجانب الذين يتم استقدامهم بناءً على اتفاقيات ومقابل أجور محددة وحقوق مضمونة ..

ويفضل أغلب أصحاب المهن العامل الآسيوي لأنه يقضي أغلب يومه في العمل وكل مايهمه هو إرضاء رب العمل للحصول على أجره كاملاً وإرساله الى أسرته الفقيرة كما أن أجره لايتجاوز (200) دولار شهرياً بينما لايرضى العامل العراقي بأقل من 500 ألف دينار شهرياً إضافة الى عدم تحمل التأنيب والتوبيخ من رب العمل لأن العراقي (خشمه يابس ) –حسب تعبيرهم–وتجبره الظروف فقط على العمل في الخدمة التي لايعتبرها لائقة به !!

ماهو الحل إذن ؟...العامل العراقي مضطر لطلب أجرة تليق به لأنه ملزم غالباً بإعالة أسرة كما أن ( خشمه يابس) لأنه لايحتمل الإهانة أو الاستغلال ، اذ يفترض أن العراقي هو ( ابن البلد) و- ليس أي بلد – بل البلد الثري بخيراته والذي ينبغي أن يتمتع أبناؤه بها ..العراقي لايطالب بحصته من النفط لأنه يعلم سلفا أن هناك من هو(أحق بها ) ولايحمل الحكومة أكثر من طاقتها فيطالب بحق العمل والسكن والدعم الحكومي في حالة الزواج أو التعليم – كما يحدث في دول الخليج – على سبيل المثال ..إنه يطالب على أقل تقدير أن يتوقف استقدام العمالة الأجنبية ليحصل على فرصة عمل ، كما إنه لايعتب على أصحاب القطاع الخاص لأنهم يشترون راحتهم بأموالهم ولايمكنه لومهم اذا فضلوا العامل الآسيوي عليه لكنه يعتب على الحكومة التي لاتوفر له أبسط احتياجاته وتحرمه من حق العمل والسكن والخدمات الأخرى وتطلب منه بالمقابل أن يكون مواطناً صالحاً يدين بالولاء لبلده ويناصر حكومته ويدافع عن أرضه ..

العراقي لايمكن لومه إذا ماأصبحت ( المواطنة ) عبئاً عليه ، فقد اعتاد على تضحية الحكومات به وبطاقاته لتستفيد منها الدول الاخرى أو لتنطمر تحت ضغوط الحياة وتصبح مجرد ذكريات يعتاش عليها الفرد العراقي وهو يمارس مهناً لاتليق به أو سلوكيات تتنافى وتربيته واخلاقه ..

قد يقول البعض إن الانحراف عن الخط الاخلاقي لايحدث اعتباطا وإن هناك أشخاصاً مؤهلين لذلك وان من يمتلك المبادئ والقيم السامية لايمكنه مخالفة ضميره لكن التجارب تعلمنا يومياً إن ضغوط الحياة ربما تكون أقوى من صمود الفرد وان الضعف سمة إنسانية والعراقي إنسان وليس إله ولايحق لأحد مطالبة العراقي بالارتقاء الى مصاف الآلهة ومسامحة الحكومة على كل ماتحرمه منه والدعاء للعمال الأجانب بالتوفيق وهم يختطفون فرص عمله أو التفكير في الحصول على جنسية آسيوية ليتم استقدامه للعمل في ( بلده ) !!

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top