هدفنا استعادة توحيد جهاز الدولة لتنفيذ برامج البديل الديمقراطي .. وإنهاء وإزالة أسباب الحرب ومحاكمة عادلة لكل من أجرم بحق الشعب والوطن
خاص بالمدى
يضع الناطق باسم الحزب الشيوعي السوداني وعضو اللجنة المركزية للحزب ،
عضو تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير ، الدكتور فتحي الفضل، ما للتحالف المعارض وما عليه على طاولة المراجعة، إزاء ما آل إليه الحراك الشعبي في السودان في ظلّ سيطرة المجلس العسكري على مفاصل الحكم،. وهي مراجعة لما جرى منذ لحظة إسقاط نظام عمر البشير وحتى الأيام الماضية ، قبل أن يُعلن الاتفاق الأخير بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير ، إلى ضرورة الاستفادة من جميع القوى الوطنية والديمقراطية ، ويحدد الدكتور الفضل أهداف تحالف الحرية والتغيير وهي أهداف جميع السودانيين ، ويشرح أبعاد ما جرى خلال الأشهر الماضية في الحوار التالي الذي خص به جريدة المدى .. وقد أجري الحوار قبل إعلان الاتفاق الذي تم بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، والذي تم الاتفاق من خلاله على رئاسة دورية للمجلس السيادي بين العسكريين والمدنيين خلال الفترة الانتقالية.
الدكتور فتحي الفضل يعد من القيادات المهمة للحزب الشيوعي السوداني ، عضو اللجنة المركزية للحزب وناطق رسمي باسم الحزب .. مارس العمل السياسي منذ أن كان طالباً جامعياً وقد مثل اتحاد الخرطوم في سكرتارية اتحاد الطلاب العالمي، وكان أول سوداني يشغل منصب السكرتير العام للمنظمة العالمية، وقد تابع دراسته في برلين حيث حصل على دبلوم التاريخ والفلسفة والعلوم السياسية ونال شهادة دكتوراه في العلوم السياسية، وكانت رسالته عن تجربة الحزب الواحد في أفريقيا، وبعد ذلك عمل أيضاً في المركز الدولي للحقوق النقابية والذي لايزال يواصل العمل فيه حتى الآن .
منذ بداية الانتفاضة السودانية لم تظهر قيادة واضحة لتلك الانتفاضة؟!
- ربما كان السبب – خاصة في البداية – أن الانتفاضة العفوية قد فاجأت أغلبية القوى السياسية – فمثلاً كان تجمع المهنية السودانية يعد لموكب مطلبي في يوم 25/12 حول الحد الأدنى للأجور – وضد ميزانية الفقر والمرض التي أعلنها رئيس الوزراء آنذاك – لكن في يوم 19 ديسمبر / كانون الأول من مدينة عطبرة - المدينة العمالية – خرجت تظاهرات عديدة – بدأت بهتاف واحد "الخبز – الخبز" – لكن في ظرف وجيز تحوّلت الهتافات – مطالبة بإسقاط النظام وهكذا انفجرت الانتفاضة وحوّل المهنيون مطالباتهم إلى موقف ضد النظام.
الحقيقة الأخرى لم تكن القوى السياسية موحدة في تلك الفترة .. أي الفترة قبل اندلاع الانتفاضة – كانت هناك قوى سياسية – مثل قيادة حزب الأمة – تراهن على إمكانية التصالح والحوار مع النظام في حالة تنازله عن طبيعته العدوانية وإرخاء القضبة الأمنية وإجراء انتخابات ديموقراطية.
لكن هذه الأسباب لم تُظهر في البداية قيادة موحدة . لكن بمرور الأيام وبتجذر الانتفاضة ... وبمبادرات من قبل حزبنا والقوى الأخرى – تم الاتفاق على تكوين قيادة موحدة تقررها لجنة التنسيق المكونة من كل قوى المعارضة السياسية والنقابية والمهنية ومنظمات المجتمع المدني .. والتي عبّرت عن نفسها في إعلان قوى الحرية والتغيير .
هل إنحاز الجيش إلى الانتفاضة كما يصرح بذلك المجلس العسكري ؟!
* الحقيقة . يجب توضيح ما جرى ويجري في السودان .. وتوضيح الخلافات الأساسية منها والجزئية .. أولاً في تحليلنا لعملية " انقلاب القصر "التي تمت وأزاحت رأس النظام – لقد نفذت لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من النظام .. ولوقف وضرب الانتفاضة – خاصة وإن الذين نفذوا العملية العسكرية هم من جنرالات القوات المسلحة والأمن والشرطة كانوا مستفيدين في وجوده وساهموا بصورة واضحة في ضرب الثوار ..
باختصار الانقلاب تم لقطع الطريق أمام الانتفاضة الشعبية العارمة بعد الوصول إلى أهدافها المتمثلة في اسقاط النظام وتفكيكه وتصفيته .. إزالة رأس النظام – حسب تقديرات من نفذوا الانقلاب ومن دفعوا اليه – هدفت كذلك إلى فتح الطريق إلى تنفيذ مشروع الهبوط الناعم.
ما هو مشروع الهبوط الناعم ؟؟
- الصراع الذي دار ويدور الآن في بلادنا هو بين مشروعين : المشروع الأول هو مشروع الهبوط الناعم الذي يتبناه المجتمع الدولي بقيادة الإدارة الأميركية .. هذا المشروع يرمي إلى إجراء تسوية وإصلاحات شكلية تؤدي إلى تعديل بعض سياسات النظام وطريقة الحكم لتفسح المجال لمشاركة وجذب قوى من المعارضة في الحكم ، هذه القوى التي تنسجم مصالحها مع بقايا النظام بقصد توسيع قاعدته الاجتماعية مع الحفاظ على الطبيعة الطبقية للنظام وضمان مصالح الرأس مال الأجنبي أي البرجوازية الطفيلية وعملاء ووكلاء الرأس المال العالمي – والبيروقراطية في جهاز الدولة.
أما المشروع الآخر والذي طرحه الحزب الشيوعي السوداني وحلفاؤه في قوى الإجماع الوطني والتي تبنته بقية القوى فيما بعد بتعديلات ، هذا المشروع الذي قبلته المجاميع العريضة في انتفاضتها .. وعبّرت عنه في تظاهراتها ومواكبها . يسعى إلى توحيد كافة المتضررين من النظام في جبهة عريضة من أجل إسقاط النظام ورميه في مزبلة التاريخ .. واستعادة توحيد جهاز الدولة ضمن فترة انتقالية لمدة 4 سنوات تحوّلت إلى 3 سنوات لتنفيذ برامج البديل الديمقراطي .. وضمن أهداف هذا المشروع إنهاء وإزالة أسباب الحرب ومحاكمة عادلة لكل من أجرم في حق الشعب والوطن.
يبدو أن المفاوضات بين قوى الحرية والتغيير والعسكر قد توقفت؟
- نحن في الحزب الشيوعي واستناداً إلى تقييمنا إن المجلس العسكري هو امتداد لنظام البشير - كنا ومازلنا نرفض التفاوض مع المجلس العسكري .. ونطالب بتسليم السلطة الفوري لقوى الحرية والتغيير .. الخلاف بيننا وبين بعض أطراف المعارضة ليس فقط حول إقتسام السلطة مع العسكر 8/7 أو 7/7 أو 5/5 أو من يرأس المجلس السيادي التشريعي – الخلاف هو حول مستقبل السودان وبناء سودان مدني علماني ديمقراطي يسع الجميع – المجلس العسكري يدعي إنه منحاز للثورة "ثورة الشباب" ، لكن منذ 11 ابريل/ نيسان ، وإزاحة البشير فهم يوجهون أسلحتهم وأقوالهم وأفعالهم للهجوم على قوى المعارضة بشكل عام وحزبنا بشكل خاص .
أفعال المجلس العسكري هي الدليل على موقفهم المعادي للشعب.. ففض الاعتصام بالقوة المفرطة وقتل ما يزيد عن 120 شخصاً . وبقية الأفعال الشائنة من ضرب واعتقال واغتصاب تدل دلالة واضحة على نوايا المجلس العسكري .. المفاوضات هي مضيعة للوقت ، ومحاولة لإطفاء جذوة الانتفاضة .
ما يؤكد ما ذهبنا إليه هو العنف المفرط الذي صاحَب الهبة الجماهيرية في يوم 30 يونيو/حزيران – اليوم الذي تم فيه انقلاب البشير وجماعة الإخوان المسلمين في عام 1989 – لقد خرج ملايين الثوار في العاصمة والمدن والريف مطالبة بتسليم السلطة لقوى الحرية والتغيير . وكان رد المجلس العسكري هو قتل ما يزيد عن 30 شهيداً وجرح المئات .
ماهو موقفكم الآن ؟
- نحن مع استمرار المظاهرات السلمية والتحول تدريجياً نحو إعلان الاضراب السياسي العام والعصيان المدني – بعد التحضير الجيد – لفرض واقع جديد تستطيع من خلاله القوى الأكثر جرأة وثورية معتمدة على الجماهير العريضة من استلام السلطة .. لقد ضاعت الفرصة التأريخية لاستلام السلطة في 6-11 ابريل/نيسان الماضي .
المهم الآن اننا كجزء من قوى الحرية والتغيير نتفق مع البرنامج الذي أعلنته والذي يتضمن التمسك بتكوين لجنة تحقيق مستقلة – مسنودة إقليمياً وعالمياً – للكشف عن الجناة وتحقيق العدالة لشهداء المجازر منذ 11 أبريل !
ونطالب المجلس العسكري بتسليم مقاليد السلطة فوراً لسلطة مدنية انتقالية وفقاً لإعلان قوى الحرية والتغيير .. وذلك بتشكيل مجلس سيادة مختلط – مع العسكر – بسلطات سيادية تشريعية .. ومجلس وزراء من الكفاءات الوطنية النزيهة .. وبكامل السلطات التنفيذية .. وتكوين مجلس تشريعي مدني من قوى الانتفاضة السودانية يضطلع بإصدار القوانين والتشريعات ويراقب أداء المجلسين السيادي والوزاري..
نرى استمرار الحراك .. تدعيم وتأهيل وبناء لجان المقاومة .. ودعم دور اللجان الميدانية – وبناء الشبكات الضرورية بينها – والتحضير الجيد للاضراب العام عبر الدخول في (بروفة) إضرابات تسبق إعلان الاضراب السياسي العام والعصيان المدني المؤدي إلى إسقاط النظام واستلام السلطة من قبل قوى الحرية والتغيير .
اترك تعليقك