الأمم المتحدة قلقة.. وسفارة واشنطن تعرب عن أسفها.. وسفير لندن يحيي المحتجّين
الصدر: إسناد الاحتجاجات باعتصام أو إضراب عام
بغداد/ المدى
مساءً، تحول جسر الجمهورية القريب من مقر الحكومة الى أشبه بساحة حرب، حيث أزيز الرصاص وأصوات إطلاق القنابل المسيلة ملأت المكان،
فيما جابت سيارات الإسعاف المنطقة لنقل الجرحى من المتظاهرين الذين أرادوا دخول المنطقة الخضراء.
جسر الجمهورية ليس الوحيد الذي شهد إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين. أكثر من 5 مناطق في بغداد شهدت احتجاجات أبرزها قطعت الطريق المؤدي إلى المطار والزعفرانية ومدينة الصدر ومنطقة الشعب خلالها اشعل المحتجون إطارات المركبات ونصبوا سرادق الاعتصام.
وفي الوسط والجنوب أضرم المحتجون النيران في مجالس محافظات ذي قار وبابل والديوانية وميسان، فيما استنسخت القوات الأمنية طريقة القمع ذاتها التي تشهدها بغداد.
ويبدو أن الحكومة التي تم تشكيلها قبل عام تقريباً، قد اتخذت خيار الحزم في مواجهة أول امتحان شعبي لها، رغم أن ذلك لم يثن المحتجين، والحصيلة أكثر من 300 جريح و5 قتلى من المتظاهرين، ثلاثة في الناصرية مركز محافظة ذي قار، واثنين آخرين في بغداد أحدهم قتل أول من أمس. ويعاني العراق، الذي أنهكته الحروب، انقطاعا مزمنا للتيار الكهربائي ومياه الشرب منذ سنوات، ويحتل المرتبة 12 في لائحة الدول الأكثر فساداً في العالم، بحسب منظمة الشفافية الدولية.
وبحسب تقارير رسمية، فمنذ سقوط نظام صدام حسين في العام 2003، اختفى نحو 450 مليار دولار من الأموال العامة، أي أربعة أضعاف ميزانية الدولة، وأكثر من ضعف الناتج المحلي الإجمالي للعراق. وبينما كانت عائلة المتظاهر الأول الذي قتل في بغداد تواريه الثرى، ندد المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء سعد معن بـ"المندسين" الذين يسعون إلى "نشر العنف"!
وبعد ذلك، علق رئيس الجمهورية برهم صالح على تويتر بالقول إن "التظاهر السلمي حقٌ دستوري (...) أبناؤنا في القوات الأمنية مكلفون بحماية حقوق المواطنين". بدوره دعا الزعيم الصدري مقتدى الصدر الى اسناد الاحتجاجات بالاعتصامات أو الاضراب العام فيما رفض التعدي على المتظاهرين، وهو موقف سبقه بدعوة للتحقيق بقمع المحتجين بإشراف الرئاسات الثلاث.
ويعتبر الصدر أبرز محركي الاحتجاجات في العراق، ويعتبر موقفه تصعيدا ضد الحكومة التي اتفقت كتلته (سائرون) مع تحالف الفتح على تشكيلها.
من جانبه، أكد مجلس الأمن الوطني الذي يترأسه رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي، امس، على اهمية اتخاذ الاجراءات المناسبة لحماية المواطنين والممتلكات العامة.
وقال مكتب عبد المهدي في بيان إن "مجلس الأمن الوطني عقد جلسة طارئة لتدارس الاحداث المؤسفة التي رافقت التظاهرات وسقوط عدد من الضحايا والمصابين في صفوف المواطنين ومنتسبي القوات الامنية". وأكد المجلس، "على حرية التظاهر والتعبير والمطالب المشروعة للمتظاهرين وتسخير كافة الجهود الحكومية لتلبية المتطلبات المشروعة للمتظاهرين، وفي الوقت نفسه يستنكر الاعمال التخريبية التي رافقتها".
بدورها، أبدت لجنة حقوق الإنسان النيابية اعتراضها على "ردة الفعل الخاطئة وأسلوب قمع التظاهرات السلمية"، مؤكدة ضرورة أن "يتحمل الجميع مسؤوليته".
وفيما تحدث نواب من كتل مختلفة عن تخصيص جلسة البرلمان المقبلة المقرر عقدها السبت لمناقشة الاحتجاجات، توعدوا بمحاسبة الحكومة على ما فعلته مع المتظاهرين. من جانبها، أعربت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس-بلاسخارت عن "قلق بالغ"، داعية السلطات إلى "ضبط النفس في التعامل مع الاحتجاجات".
وجدّدُت بلاسخارت، التأكيد على الحق في الاحتجاج، وقالت: "لكل فردٍ الحقُّ في التحدّث بحريةٍ بما يتماشى مع القانون، حاثة السلطات على توخي ضبط النفس في التعامل مع الاحتجاجات لضمان سلامة المتظاهرين السلميّين مع الحفاظ على القانون والنظام وحماية المواطنين والممتلكات العامة والخاصة".
بدورها، أعربت سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في بغداد، عن أسفها لاستخدام العنف ضد المتظاهرين، وحثت على تخفيف حدة التوتر.
وبحسب بيان لسفارة الولايات المتحدة الأمريكية: "تواصل سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في بغداد مراقبتها عن كثب للاحتجاجات الأخيرة"، مؤكدة "إن التظاهر السلمي هو حقٌ أساسي في جميع الأنظمة الديمقراطية ولكن لا مجال للعنف في التظاهرات من قبل أيٍ من الأطراف". وأضاف البيان: "نشعر بالأسى على الأرواح التي زُهقت ونقدم تعازينا لذوي الضحايا مُتمنين الشفاء العاجل لجرحى القوات الأمنية والمُحتجين. كما وندعو الأطراف كافة الى نبذ العنف مع ضبط النفس في ذات الوقت".
بدوره، أكد السفير البريطاني لدى العراق، جون ويلكس، أمس، أن المظاهرات التي يشهدها العراق "تستحق الاحترام تجسيداً لحق التظاهر السلمي"، مطالباً القوات الأمنية العراقية بـ"ضبط النفس" إزاءها.
وقال ويلكس في تغريدة على موقع تويتر، إن "المظاهرات الحالية في العراق تستحق الاحترام تجسيداً لحق التظاهر السلمي، ويتطلب ذلك إبداء ضبط النفس من قبل القوات الأمنية العراقية".
وأضاف أن "من المهم تلبية المطالب المشروعة للمتظاهرين في الإصلاح وتوفير المزيد من فرص العمل وتحسين واقع الخدمات ومحاربة الفساد".