قردة  يخطف جائزة دورة مهرجان لندن السينمائي الـ 63 الكبرى

قردة يخطف جائزة دورة مهرجان لندن السينمائي الـ 63 الكبرى

وفيلمان من السعودية والتونسية نورا مازالت تحلم

لندن- فيصل عبدالله

-خطف شريط الكولومبي اليخاندرو لانديس "مانو" "قردة" جائزة أفضل شريط لفقرة المسابقة الرسمية الكبرى، فيما فاز شريط السنغالي ماتي ديوب "أتلانتيكس" بجائزة ساذرلاند لأفضل عمل أول،

ومثله شريط البريطانية رابيكا شاه الوثائقي "التمرد الأبيض" بجائزة غريسون، في حفل ختام دورة مهرجان لندن السينمائي الـ63، (من 2-13 تشرين الأول/أكتوبر 2019). وشهدت هذه الدورة عروضاً سينمائية، قادمة من أكثر من 70 بلداً ولتصل الى مايقارب الـ850 عرضاً موزعة على South Bank ومحيطها التجاري والسياحي. العروض أعلاه تشي بان القائمين على هذه التظاهرة السينمائية العريقة وكأنهم لم يتركوا ذوقاً أو خياراً من دون التفكير به ووضعه في سلة برنامجها السنوي. كم هائل من أفلام التشويق والسجال والتحدي والحب والموسيقى والرحلات والسياسة والتاريخ والقضايا الإجتماعية والتحريك، أو تلك المقتبسة من عالم الأدب أو المرممة، فضلاً عن ندوات هذه التظاهرة العتيدة المشهود لها بانتقاء أفضل العاملين في الصناعة السينمائية واستضافتهم في جلسات مع المتخصصين في هذا الفن أو الجمهور.

-ولكونها دورة سينمائية غلبت على عروضها سينمائية الإشتغالات التي تقارب واقع المرأة عبر ما تمكنت بنات جنسهن من تقديمه بهذا الشأن، جاء عمل السعودية هيفاء المنصور الجديد "المرشحة المثالية"، فقرة المسابقة الرسمية، وعلى شكل مدونة صورية لما تعيشه المرأة وسط مجتمع ذكوري تقليدي، محافظ ومتشدد. وفيه متابعة لفصول من يوميات الطبيبة مريم، العاملة في قسم الطوارئ، وما تعيشه من ضغوط العمل بفعل النظرة الإجتماعية السلبية من قبل المرضى، خصوصاً الرجال، ومرؤوسيها. ومع ذلك تتمكن د.مريم من التعاطي مع محيطها وتتجاوز منغصاته، إلا أن ما يقلقها حقاً، هو صعوبة وصول الحالات المستعجلة والعناية بها بسبب مدخل المستوصف الطيني. نتابع محاولة د.مريم السفر الى دبي لحضور مؤتمر طبي، ولربما الفوز بموقع وظيفي أفضل. بعد منعها من السفر بحجة نفاد صلاحية تخويل"المحرم"، والدها او زوجها أو شقيقها، وفي ظل غياب والدها، مطرب وعازف موسيقي، تقرر د. مريم أن تستعين بصديق عائلي قديم، لكنها ومن بوابة الترشيح الى انتخابات المجلس البلدي تتمكن من مقابلته. وهكذا تتوالى فصول "المرشحة المثالية"، بين الرفض الأولي لشقيقاتها وصمت والدها تدخل د.مريم لعبة الحملات الانتخابية على الطريقة الأمريكية، بيد إنها تفشل في النهاية وبفارق أصوات ضئيل، فيما تنزع السلطات المحلية سبب دخولها الى عالم السياسة من بوابة إكساء مدخل المستشفى. 

غمزت المخرجة، في أكثر من لقطة، الى ما يشهده بلدها من تحولات سياسية كبيرة إن كانت على صعيد واقع المرأة، سياقة السيارة، نزع الخمار، المشاركة في الشأن العام مثل الانتخابات وفي العمل الوظيفي ورفع الحظر عن الموسيقى، كما في حالة والد د. مريم الفنان عبد العزيز الذي ظل ينتظر 20 عاماً للإعتراف به، كما يقول الفيلم. النهايات التي رسمتها هيفاء لقدر بطلتها د.مريم جاءت متوافقة تماماً مع بساطة السيناريو وجمله غير المكتملة، إذ أبقت الكاميرا أمينة الى موضوعها ومن دون فذلكات غير ضرورية، ومن خلال تتبع هادئ لواقع المرأة في بلدها بشكل عام.

- بالمقابل وضمن أجواء الإنفتاح أعلاه والهادفة الى تمكين المرأة في ميادين العمل أو إقتفاء قصص المعاناة التي يعشن تحت سقفها، جاء شريط مواطنتها الشابة شهد أمين"عروسة البحر"، فقرة مسابقة العمل الأول، وليضرب على وتر النظرة التقليدية تجاه المرأة في بلدها. وعبر توظيف خرافة متوارثة تقوم على تقديم واحدة من بنات قرية خربة، مدقعة ونائية الى البحر لزيادة غلة الصيد، صور الفيلم بالأبيض والأسود في سلطنة عمان واستفادت المخرجة من جمال وهدوء الطبيعة هناك. ولنتابع حكاية الصبية "حياة" التي تنذرها عائلتها لهذه المهمة بعد ولادة أمها لطفل جديد. بين الإذعان لقدرها والتمرد عليه تقرر "حياة" قبول التحدي ولتظفر في النهاية بعمل مع أقرانها الصبيان بعد ان نجت من الغرق وتحت أمرة رئيس الصيادين القوي، أدى الدور الممثل الفلسطيني أشرف برهوم. 

التشكيلات الصورية لهذا العمل، يعود الفضل فيها الى مدير التصوير بإبراز الجوانب الغرائبية للمكان وجمالية الجبال وظلالها والمنحدرات وأفق البحر المترامي، والإستمتاع بها بصرياً لربما هو أفضل من يمكن أن يقال عن حكاية بسيطة. إذ بدت الحوارات، في بعض خطوطها مباشرة وفقيرة في معانيها الرمزية، ولقرية منسية وكأنها خارج التاريخ وايقاعه المتسارع، ملابس أهل القرية أقرب الى ملابس زمن الكهوف من دون أن ننسى مفارقة ظهور أظافر والدة "حياة" الاصطناعية أثناء الولادة.

- لكن التونسية/ البلجيكية هند بوجمعة استطاعت في عملها الروائي الأول "نورا تحلم"، بطولة الممثلة القديرة هند صبري، من تقديم قصة مسبوكة لشابة من الفئات الشعبية تحلم في الخلاص من زوجها المجرم والمودع في السجن، كي تنقذ حياتها وحياة أطفالها الثلاثة. ذلك ان إطلاق سراح سفيان، الزوج، من السجن، بفعل عفو رئاسي، يضع خطط نورا دفعة واحدة على رف الانتظار أملاً بإيجاد مخرج لورطة مشروع إقترانها بالميكانيكي لسعد. بين الشد العائلي وشكوك حول علاقة زوجته العاطفية، يقرر سفيان وبمساعدة أترابه الإعتداء على لسعد في الورشة التي يعمل فيها. وهنا يبدأ فصل جديد في اجراءات تقديم الشكوى من قبل لسعد، إذ رغم توافر أدلة الإعتداء إلا ان أحد المحققين، له علاقة بسفيان، يقلب القضية رأساً على عقب. ولعل المكالمة الهاتفية، استلمتها نورا في آخر الفيلم، تشي بأمل الخلاص من الزوج عبرت عنه بابتسامة غامضة. ومثلما قدم شريط هند بوجمعة واقع المرأة الهش، تمتلك تونس أحد أهم القوانين الحديثة التي تنصف المرأة، فإنها ضممنته نقداً حاداً لفساد جهاز الشرطة في بلدها، ولواقع المرأة الجديد بعد ما أصطلح عليه "الربيع العربي"، ولعلاقات القوة بين الأفراد والعنف الأسري.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top