بغداد/ ا ف ب
اتسعت دائرة الاحتجاجات، امس الثلاثاء، بتظاهرات طلابية واعتصامات في جنوبي البلاد، بعدما كسرت بغداد ليل الاثنين بالسيارات والأبواق والأناشيد حظر التجول الذي فرضه الجيش.
وطالب عشرات الآلاف من المتظاهرين لليوم السابع على التوالي بـ"إسقاط النظام" ووضع دستور جديد، وإنهاء نظام تأسس قبل 16 عاماً إثر سقوط الدكتاتور صدام حسين، ويقول العراقيون إنه يلفظ أنفاسه الأخيرة.
ومنذ بداية الحراك الشعبي في 1 تشرين الأول احتجاجا على غياب الخدمات الأساسية وتفشي البطالة وعجز السلطات السياسية عن إيجاد حلول للأزمات المعيشية، قتل 240 شخصا وأصيب أكثر من ثمانية آلاف بجروح، عدد كبير منهم بالرصاص الحي.
وتعتبر هذه الاحتجاجات غير مسبوقة في التاريخ العراقي الحديث. بدأت عفوية بسبب الاستياء من الطبقة السياسية برمتها، وصولاً حتى إلى رجال الدين.
وشهدت التظاهرات المطلبية أيضاَ سابقة في العنف بالتعاطي معها، إذ سقط 157 قتيلاً في الموجة الأولى منها بين الأول والتاسع من تشرين الأول، و83 قتيلاً حتى الآن في الجولة الثانية التي بدأت مساء الخميس.
وبدت الموجة الثانية أكثر كسراً للحواجز. ففي المحافظات الجنوبية الشيعية العشائرية المحافظة، شارك عدد كبير من النساء بالاحتجاجات.
كما امتنع آلاف الطلاب والطالبات عن الذهاب إلى المدارس، فيما أقفلت جميع الدوائر في الحلة والديوانية والكوت والناصرية، بحسب مراسلين من وكالة فرانس برس.
والتحقت نقابات مهن مختلفة بينها نقابة المعلمين ونقابة المحامين، التي اعلنت إضرابا لمدة أسبوع، ونقابة المهندسين ونقابة أطباء الأسنان بالاحتجاجات.
وتوافدت حشود المتظاهرين صباح الثلاثاء إلى ساحة التحرير في وسط بغداد، والتي يحتلها المحتجون منذ مساء الخميس، وعلت الهتافات ضد حكومة عادل عبد المهدي.
وقالت دعاء (30 عاماً) التي خرجت لمرات عديدة ليل الاثنين الثلاثاء، "هل ظنت الحكومة أننا سنبقى في المنزل؟ أبداً، لقد خرجنا إلى الشارع".
وليل الاثنين الثلاثاء، كسر العراقيون حظر التجول الليلي الذي فرضته السلطات في بغداد لست ساعات يوميا، وخرج الآلاف سيراً وبسياراتهم، مطلقين العنان للأبواق والأناشيد. وقال متظاهر ارتدى قناعا يقيه من الغاز المسيل للدموع، رافضاً كشف اسمه لفرانس برس، "نحن في العراق نقول الممنوع مرغوب. الساعة الثالثة فجراً قالوا إنهم سيفضون التحرير، وكل الناس أتت".
وتواصل القوات الأمنية إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع لثني المتظاهرين المتواجدين في ساحة التحرير عن التقدم باتجاه المنطقة الخضراء القريبة، التي تضم المقار الحكومية والسفارات.
ورغم ذلك فشلت السلطات، حيث اضطرت الى الانسحاب من أول حاجز على جسر الجمهورية بسبب كثرة المحتجين.
وأشار متظاهر آخر يضع كوفية على كتفيه ويلف على خصره علماً عراقياً إلى أن "ساحة التحرير لن تفرغ، حتى يحصل التغيير".
وقالت امرأة ترتدي حجاباً أسود اللون وبيدها علم عراقي "لا نريد هذه الحكومة بعد. نريد حكومة انتقالية وتغيير الدستور" بدلاً من الدستور الحالي الذي وضع في العام 2005 بإشراف أميركي. ويرى مراقبون أن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، المستقل غير المدعوم حزبياً أو شعبياً، لا يزال رهينة زعماء الأحزاب التي أتت به إلى السلطة ويتهمها المحتجون بالتقصير في توفير الوظائف والخدمات، وبملء جيوب المسؤولين بأموال الفساد. وصوت مجلس النواب خلال جلسة عقدت الاثنين بالاجماع لتشكيل لجنة تعديل الدستور وإلغاء جميع امتيازات المسؤولين الكبار في محاولة لتهدئة الاحتجاجات الغاضبة ضد الطبقة الحاكمة في البلاد.
لكن ذلك لم يقنع المتظاهرين في الديوانية مثلاً بل زادهم غضباً بحسب ما قال أحدهم لفرانس برس. وشهدت مدن مختلفة تظاهرات طلابية حاشدة، بينها الكوت والديوانية والناصرية والحلة والعمارة وميسان والبصرة في وسط وجنوبي البلاد. وتمثل فئة الشباب 60 في المئة من سكان العراق، وتعاني من البطالة.
اترك تعليقك