حظر التجوال الكلي أو الجزئي والموقف الدستوري

آراء وأفكار 2019/11/02 07:25:31 م

حظر التجوال الكلي أو الجزئي والموقف الدستوري

 القاضي سالم روضان الموسوي

إن حظر تجوال الإفراد في داخل البلاد يعد تقييداً لحريته في التنقل الذي كفلته المادة (44/أولا) من الدستور التي جاء فيها الآتي (للعراقي حرية التنقل والسفر والسكن داخل العراق وخارجه)

وهذا التقييد يتعلق بالحق الدستوري للمواطن، لذلك لا يجوز تعطيل أو تقييد أي حق دستوري أقره الدستور إلا بقانون وعلى وفق ما جاء في المادة (46) من الدستور التي جاء فيها الآتي (لا يكون تقييد ممارسة أيٍ من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون أو بناءً عليه، على أن لا يمس ذلك التحديد والتقييد جوهر الحق أو الحرية) ومن هذا المبدأ الدستوري لابد من وجود قانون يتيح للسلطات المختصة أن تعلن حظر التجوال في أي منطقة كانت من العراق ، لكن قد يعترض البعض ويقول نحن أمام حالة استثنائية عندما تحصل فوضى واعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة وتعرض حياة المواطنين للخطر مما يستوجب أن يكون تدبير تتخذه الحكومة ومنها حظر التجوال أو منعه كلياً، الجواب على ذلك إن هذا الوصف يدخل ضمن مفهوم حالة الطوارئ التي يتعرض لها البلد فتلجأ السلطات المختصة إلى اتخاذ مثل هذه التدابير وأشار الدستور العراقي إلى تلك الحالة واسماها (حالة الطوارئ) ومنح رئيس مجلس الوزراء كامل الصلاحيات بموافقة مجلس النواب لتدارك هذا الأمر وعلى وفق ما جاء في الفقرة (تاسعاً) من المادة (61) من الدستور لكن لم يترك الأمر سائباً وإنما بموجب قانون ينظم كيفية إعلان تلك الحالة وكيفية اتخاذ التدابير اللازمة وعلى وفق النص الآتي (أ - الموافقة على إعلان الحرب وحالة الطوارئ بأغلبية الثلثين، بناءً على طلبٍ مشترك من رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء. ب - تُعلن حالة الطوارئ لمدة ثلاثين يوماً قابلة للتمديد، وبموافقةٍ عليها في كل مرة. ج - يخول رئيس مجلس الوزراء الصلاحيات اللازمة التي تمكنه من إدارة شؤون البلاد خلال مدة إعلان الحرب وحالة الطوارئ، وتنظم هذه الصلاحيات بقانونٍ، بما لا يتعارض مع الدستور. د - عرض رئيس مجلس الوزراء على مجلس النواب، الإجراءات المتخذة والنتائج، في أثناء مدة إعلان الحرب وحالة الطوارئ، خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ انتهائها) ومن ذلك النص نجد إن رئيس مجلس الوزراء له سلطة وصلاحية إعلان حالة الطوارئ في أي جزء من البلاد لكن لابد من أن يكون لديه قانون ينظم هذه الكيفية ،والجدير بالذكر، إن مجلس النواب لم يشرع هذا القانون لغاية الآن ، ونجد إن الفقه الدستوري أطلق على هذه الحالة مسمى (سلطات الأزمة) وهي الصلاحيات التي تمنح لغرض مواجهة ظروف استثنائية ومنها تعطيل وتقييد الحريات مثل حرية التنقل التي تعطل بقرار فرض حظر التجوال ومنع التجول، وفي منظومتنا التشريعية نجد إنها احتوت على العديد من النصوص القانونية التي تعالج حالة الطوارئ ومنها مرسوم الطوارئ رقم 57 لسنة 1939 والقانون رقم (10) لسنة 1940 وقانون السلامة الوطنية رقم 4 لسنة 1965 ثم صدور الأمر التشريعي رقم (1) لسنة 2004 أمر الدفاع عن السلامة الوطنية الصادر عن رئيس الوزراء في حينة الدكتور أياد علاوي الذي كان يملك سلطة التشريع آنذاك، وهذا الأمر ما زال نافذاً لغاية الآن ولم يتم تعديله أو استبداله مما يجعل منه الأساس القانوني لمعالجة الأزمات التي تحصل في البلاد وكان له تطبيق عندما أعلن مجلس الرئاسة في حينه تمديد حالة الطوارئ بموجب القرار الرئاسي رقم 18 لسنة 2005 ، لذلك فان إعلان منع أو حظر التجوال لابد وأن يصدر من رئيس مجلس الوزراء وليس من قائد عمليات المنطقة أو المحافظ أو أي مسؤول آخر، إذا كان قد استحصل على موافقة مجلس النواب على إعلان حالة الطوارئ ولمدة محدد وبيان السبب فعند ذاك تكون لإجراءات الحكومة شرعية قانونية ودستورية لأن من أثارها اختلاف الاختصاص القضائي فينتقل الاختصاص إلى المحاكم المركزية بدلاً من قاضي التحقيق الاعتيادي كما إنها تؤثر في توصيف الجرائم لأن من جرائم السرقة تكون عقوبتها أشد في حالة الهيجان الشعبي واستغلال حالة الحرب على وفق المادة (444/7) من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل .

لذلك لابد من نهوض مجلس النواب ومجلس الوزراء بمهمتهم على وفق الأصول الدستورية وأن لا يكون هناك تجاوز على الحريات بقرارات غير مدروسة ترتب أثار مهمة منها تعرض منفذ الأوامر الى المساءلة القانونية بما فيهم صاحب الأمر والقيادة .

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top