العنف ضد المتظاهرين يؤدي للدكتاتورية !

آراء وأفكار 2019/11/12 07:02:59 م

العنف ضد المتظاهرين يؤدي للدكتاتورية !

د. مهند البراك

فيما تتواصل و تتصاعد تظاهرات شابات و شباب انتفاضة تشرين البطلة السلمية، و يزداد رعب القوى المتنفذة الفاسدة المستقوية بدوائر الدولة الجارة . .

يزداد تصدي تلك القوى الإجرامي لها بالقتل برصاص القناصين الملثمين، و بالغازات المحرمة دولياً المصنّعة في إيران حسب تقارير منظمة العفو الدولية، و بالرصاص العشوائي الحي . . التي تسببت حتى الآن بسقوط أكثر من ثلاثمائة 300 شهيد و اثني عشر 12 ألف جريح و مصاب إضافة الى ضحايا أفراد الشرطة و القوات الامنية، وفق تقارير وطنية و أممية يعتمد عليها، في وقت تمتنع فيه وزارات الداخلية و الدفاع و الصحة عن تقديم أية بيانات عن الضحايا..

إضافة الى محاولات تلك القوى اشاعة الارهاب و الرعب بالقنابل الصوتية، و اتباع أساليب الإرهاب المتنوعة من التهديدات و الملاحقات و الاختطافات و الاعتقالات و ضياع الاخبار عن الضحايا، و ممارسة أبشع أنواع التعذيب بحق الناشطين شباباً و شابات، و تحطيم و حرق دوائر إعلامية تهتم بنشر المعلومة بحيادية .
في وقت تتسرب فيه تقارير و معلومات من أجهزة الحكم نشرتها وسائل إعلام متنوعة داخلية و دولية عن خطط من مراحل متعددة تُعتمد لمواجهة التظاهرات، ( تنتهي بإخمادها بشكل كامل)، تشير أصابع الاتهام الى إنها وضعت من قبل رجال دوائر إيرانية و في مقدمتهم الجنرال سليماني، في سعي للابقاء على حكومة عبد المهدي . . تتضمن استمرار قطع الإنترنت مع قطع الطرق بالكتل الإسمنتية و السعي لحصر التظاهرات والاعتصامات في مناطق محددة وعدم السماح بتوسعها، مع مواصلة الرقابة على وسائل الإعلام والنشر.
و تهدف الخطط بالتالي الى مواجهة الاعتصامات والتظاهرات بالقوة لتشتيتها وإضعافها تدريجياً، و أن الكثير مما ذكر يُنفذ حالياً، و قد تتسبّب بسقوط ضحايا أكثر من الذين سقطوا في الفترة الماضية من عمر التظاهرات، على حد التسريبات، و هو ما يجري العمل به فعلياً الآن.
و فيما نشرت وكالة الانباء الفرنسية اخباراً افادت بعقد اجتماع لرؤساء الكتل و الكيانات المتنفذة اضافة الى ممثلي المرجعيات الدينية بحضور ايراني، و ان الحاضرين اتفقوا على أن يبقى عبد المهدي في منصبه، و على أن تتم مواجهة التظاهرات و الاعتصامات و انهائها بكل الأشكال بما فيها القوة، على حد الوكالة . .
حتى تسارع أطراف الاجتماع المذكور مذعورين الى تكذيب تلك الأخبار و التنصل من الاتفاق عليها، بعد أن شعروا باتساع حملات التضامن مع المتظاهرين داخلياً و دولياً إثر الصمود البطولي لشباب العراق و شاباته . الشباب السلميون الذين لايحملون سلاحاً في بلد مليء بالسلاح، و سلكوا الى الآن خير سلوك رغم أنواع التضحيات، التي ينحني لها العراقيون اجلالاً، اجيالاً و اجيال..
سلوك عراقي أصيل اكسبهم تعاطف الشعب بعد أن اعادوا اليه روحه و صارت أفواجاً تلتحق بهم من كل الأعمار و المهن، طلبة و كسبة و نساء و نقابات و جمعيات، و من مختلف المكونات القومية و الدينية و الطائفية، حتى افرغوا ساعات منع التجول من فعلها. الشباب الذين حافظوا على الأخلاق بصدق على مذبح الحق و الحرية و الروح الوطنية، و كشفوا عورات المعممين المتحكمين و سلوكياتهم اللا أخلاقية القذرة في التعامل مع المرأة و محاولة تركيعها و إلغاء حقوقها.
في وقت يواصل فيه السيد عبد المهدي و مَنْ ورائه و مَنْ معه، محاولات الغزل و التحبب للشباب الابطال، و بكلمات لم تعد تنطلي على أحد، من أن الاجهزة الحكومية تحمي (ابنائنا) و إن ابداء الرأي المخالف حق و التظاهر السلمي حق (كذا) بل و يطالب باستمرار التظاهرات لتدلنا(كذا) على الطريق الصحيح ؟؟ ، لأنها ( الطاقة التي تدفع الحكومة و مؤسسات الحكم لخدمة الشعب بوتيرة اعلى)، و شرع بتوزيع الفُتات من كذا أراضي و كذا فرص عمل و شحيح للضمان الاجتماعي..
التي لم يقابلها المتظاهرون السلميون و عموم ابناء الشعب الاّ بالسخرية، بل و بالتجريم حين صاح متظاهر كهل بأعلى صوته و هو يشاهد تساقط الشهداء و الجرحى في الخلاّني " انتم قتلة الشعب !! لماذا تدعون هذا الشباب الجميل للتظاهر و تقولون انه حق مشروع ، و تقتلوهم . . كل الناس تعرف أن السمكة خايسه من رأسها . . لماذا لماذا ؟؟ " .
بل و يصرّح عبد المهدي بلا خجل ( إن قتلة المتظاهرين ملثمون و لانعرف من هم و لا من أين جاءوا) و لا كأنه القائد العام للقوات المسلحة و رئيس مجلس وزراء، فاية حكومة هذه التي لاتعرف من يقتل مواطنيها و افراد قواتها ؟؟ أم هو استغباء أمام مئات الأدلة التي ساقها الشباب، كيف أن القتلة قدموا من جهة استمكان القوات الحكومية الخاصة و قوات سوات سيئة الصيت، و كيف ألقى المتظاهرون القبض على قناصين و مخربين (سلّموهم للشرطة) لايتكلمون العربية و لا أي من اللغات العراقية، و كيف كانوا يحملون هويات ايرانية، منها لقوات خاصة من هناك.
كل ذلك و حكومة عبد المهدي لم تنفذ ولا مطلب عاجل من مطالب المتظاهرين التي تتلخص بـ : استقالة الحكومة و تشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات فوق العادة تنهي المحاصصة و تهيء لإنتخابات، معاقبة قتلة المتظاهرين علناً و إطلاق سراح المغيّبين، حل ميليشيات الحشد و تسليم سلاحهم للجيش، تقديم اكبر!! حيتان الفساد و ليس الصغار لمحاكمة علنية لينالوا جزائهم.
و ترى أوسع الأوساط، أن حكومة عبد المهدي بسلوكها المنافق القاتل، التي صارت تلوّح بمادة 4 ارهاب بحق المتظاهرين الذين تعتبرهم مخربين، الأمر الذي سيشعل التظاهرات أكثر و أوسع . . لابد أن تقال أو تستقيل، و إنها بسلوكها المشين هي التي تخرّب البلاد، لا المتظاهرين. و إنها بفضائحها و بقائها اللامسؤول، هي المسؤولة عمّا يجري، و هي التي تُسقط النظام القائم بعيون دول العالم و مصالح مستثمريها و خوفهم من استمرار و تصاعد عدم الامان.
فيما يحذّر سياسيون و مجربون غير منحازين، من أن بقاء الحكومة و سلوكياتها و دمويتها و نفاقها و كذبها اللامحدود في محاولة تجيير المظاهرات لها لإجراء تغييرات لصالحها، و استقوائها بدولة جارة و تراكض الكتل الحاكمة و البرلمان للسكوت عنها خوفاً من انكشاف فضائحها هي أيضاً، يحذّرون من توظيف السيد عبد المهدي لذلك لتكريس بقائه على كرسي الحكم، و يهدد بإقامة حكم دكتاتوري يسخّر مؤسسات الحكم له باسم (حكم رئاسي)، على طريقة أردوغان !

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top