قناطر: الزمن العراقي يطرد الإسلام السياسي

الأعمدة 2019/11/23 08:23:44 م

قناطر: الزمن العراقي يطرد الإسلام السياسي

 طالب عبد العزيز

ما لا تعيه الأحزاب الإسلامية، أو أنها لا تريد أن تعيه: هو، إنها باتت خارج الزمن العراقي، والأمر لا علاقة له بالدين الإسلامي، بكل تأكيد، فالدين شيء والتحزب باسمه شيء آخر، وقد لا يدمغ عقول هؤلاء (القادة)

ما رشح في التظاهرات من حقائق، إلا أن الوقائع في كل مفصل من مفاصل الحياة تشير الى ذلك، فقد قضي الأمر، ونحن على أعتاب مرحلة جديدة.

المؤسسة الدينية في النجف تقطع بذلك، وتصرّح أو تغمز به، مثلما يقطع بذلك الاستاذ الجامعي، والطالب في المدرسة، والموظف في الدائرة، والبقال في السوق، وسائق الأجرة في الشارع وربة البيت في المطبخ، وبقين عراقي شعبي آخر، ستصبح كل أقوال وخطب واجتماعات وقرارات ومحاولات(إصلاح) كاذبةً، وبلامعنى، وما التصريحات التي تقلل من شأن التظاهرات، والمراهنة على صبر الشباب في الساحات، وتعرضهم لنار العملاء من القناصين وغيرهم .. إلا الحلقة الأخيرة في مسلسل الحكم، الذي دام ستة عشر عاماً، عانى الشعب فيها ما لم تعانيه شعوب الأرض، وفقدَ العراقُ فيه من ثرواته واقتصاده ما لم يفقده أيّ شعب، حتى باتت ديمقراطية العراق واحدة من أخطر التجارب في العالم.

وإذا أردنا أن نستعرض المتضررين من حكم أحزاب الاسلام السياسي فأن الدين سيكون في مقدمة المتضررين، بعد أن تشوّهت صورته في الذهن العراقي، وبعد أن فقد رجل الدين مصداقيته، فقد اهتزّت بسبب ذلك أسمى القيم، التي كانت محط احترام وتقدير عامة الناس، من الذين لم يقفوا عن قرب على جوهر التشريع، وسماحة السُّنّة، وعدل الائمة. وها نحن نسمع الشتائم والتهم والإهانات تكال الى رجل الدين في الشارع، ويُسخر من وجوده في ساحات التظاهرات، وتُحرق المقار الحزبية، وتمزق الصور، وتوصم بأقذع الوصمات. وفي النهاية، ربما نكون بحاجة الى معجزة تعيد للدين جوهره، والى رجل الدين هيبته، وهذا مستحيل في الوقت القريب.

ولتوضيح مقولتنا في (أنها باتت خارج الزمن العراقي) نقول: إنها، ومن حيث تعلم أو لا تعلم، منحتنا نتيجتين بفعل سيئٍ واحد، فمن جانب أول: إنها أرادت ضرب القوى العلمانية والوطنية عبر مشروع ديني، يعتمد التشريع القرآني وسيرة الائمة في الحكم، إلا أنها، وعبر إداء نفعي، لصوصي، وسيئ للغاية فشلت وقدمت صورة مشوهة للدين ورجاله، وفي الوقت ذاته منحت القوى العلمانية والوطنية الفرصة الذهبية في الحكم، وبذلك، أصبحت المطالبة بالحكم الوطني، خارج الدين مطلباً جماهيرياً، ينشده الشباب في الساحات مثلما ينشده الشعب باكمله.

الحياة خارج الحرية عبر ديمقراطية زائفة، والإفراط بالعمالة، وسرقة المال العام، والفشل في تحقيق أبسط الخدمات، والتراجع في تعاطي قيم التحضّر المدنية، واعتماد التحريم الكاذب في حجب متطلبات النفس الإنسانية، في الفكر والفنون والآداب، وزجّ الدين –زوراً- في أدق مفاصل الحياة، وتخريب التعليم، وإهمال الصحة وافقار الشرائح الواسعة من المجتمع، وتخريب المدن بولاءات خارجية بدعوى حماية المذهب.. والأمثلة كثيرة، لا حصر لها، ذلك كله ما أفرزته فترة حكم الـ 16 سنة الماضية، والتي عجّلت وستعجّل أكثر بنهاية حقبة السوء هذه. 

تعليقات الزوار

  • مما راق لي في هذا المقال والسرد الجميل عبارة انها منحت القوى العلمانيه والوطنيه الفرصه الذهبيه في الحكم /. صاروخ السلميه

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top