د. أثير ناظم الجاسور
رغم مرور ستين يوماً وأكثر من عمر هذا الحدث الذي تراوحت توجهاته بين الموقف والإصرار والمضي نحو الهدف الأسمى الذي ينشده جميع العراقيين المتمثل بمطالبة بالحقوق،
بقيت أسئلة كثيرة تُثار بين الحين والآخر أهمها هل ما يحدث اليوم في العراق ثورة أم إنها انتفاضة وقتها قصير؟، والجميع أيضاً تواقون لمشاهدة مخرجات ما يحدث على أرض الواقع بالرغم من الصعوبة التي تحيط بالموقف عموماً وما سيؤول إليه الحال فيما بعد، الجواب عن السؤال أعلاه لربما يكون على محورين لكن الإجابة النهائية نعم إنها ثورة وفريدة من نوعها في العراق تحديداً، فالمحور الأول هي ثورة شعبية بقيادة شبابية خالصة عقدوا العزم على أن يكون لهم دور في رسم القادم العراقي بكل ما يحمله من تعقيد وغموض وضبابية وبالرغم من التضحيات المبذولة في كل الساحات إلا أنهم عقدوا العزم، من خلال خطوات جديدة جدية اتبعوها وفق رؤى وتصورات أذهلت الجميع افتقرت إليها كل الحركات الاحتجاجية السابقة من حيث التنسيق وتحديد الأهداف والعمل على الخيارات والبدائل والأكثر أهمية قضية القيادة التي أنهكت تلك الحركات السابقة وكانت سبباً في ضياع أهدافها، قيادة هذه الثورة امتازت بالأفقية التي سمحت لتعدد الآراء التي بدورها بلورت مجموعة من المطالب ارتكزوا عليها التي بلورت مجموعة من المطالب الأساسية والمهمة التي لا يمكن التخلي عنها بالنتيجة أصبحت هي المحرك لهذه الثورة، بالتالي فإن أية بداية مع أي جديد قادم لا تتم إلا بعد تحقيق هذه المطالب من ثم انطلقوا من أجل تحقيقها ضمن آليات واضحة لا تقبل التضليل سواء من جانب الحكومة أو من جانب الجهات التي تحاول ركوب هذه الثورة ٍمن خلال البيانات والصحف التي تتناول بشكل يومي إحداث الساحات في مختلف مناطق العراق محاولين ايصال صوتهم بمختلف الوسائل والطرق، المحور الثاني من هذه الثورة هي الثورة على نمطية التفكير التي حاولت أحزاب السلطة طيلة هذه السنوات أن تقولِب من خلالها المجتمع تفكيراً وسلوكاً، هي أيضاً ثورة وعي لطالما طالب به الجميع والذي افتقدناه بعد أن وصل الجميع لحالة من اليأس التام من الحال الذي وصل إليه العراق، بالمحصلة فإن ثورة الوعي هذه هي التي صاغت فكرة الثبات والإصرار على عدم الرجوع إلا بعد تحقيق المطالب.
هي ثورة على تلك التابوهات التي تم تقديسها بطرقة جنونية حتى أصبحت أقدس من المقدس ذاته لابل أقدس من حياة الإنسان الذي ما عادت له قيمة بعد أن قررت الأحزاب أن تجعل منه وقوداً لمعاركها السياسية وبمختلف اتجاهاتها، أيضاً من حسنات هذه الثورة إنها حطمت جدار الطائفية تلك الآفة التي لعب على أوتارها ولسنوات طوال شخصيات حزبية كانوا سبباً في وصول العراق والمواطن إلى هذا الحال بتذيله أدنى المستويات في التصنيفات العالمية سواء التعليمية أو الصحية وألخ من المستويات المختلفة، والأمر الآخر بينت هذه الثورة وبشكل واضح جداً هذه المرة على إصرار الطبقة الحزبية بالتمسك بالسلطة وانتفاعهم الذي لا يخفى على أحد، وحتى المقترحات والقوانين التي أقرها مجلس النواب والتي قد يعتقد البعض إنها جاءت نزولاً لمطالب المتظاهرين فهي بالحقيقة محاولة منهم التسويف والمماطلة من أجل كسب الوقت أملاً من أن هذه الثورة تنطفئ، بالتالي فإن هذه الثورة مستمرة بإصرار شبابها وكل ما صنعته هي بالحقيقة خمرة القادم الإيجابي من خلال إثبات دور الشباب في رسم صورة جديدة لعراق جديد.