قناطر: في تحية نهر الدم الذي يجاور دجلة منذ شهرين

طالب عبد العزيز 2019/12/07 07:53:37 م

قناطر: في تحية نهر الدم الذي يجاور دجلة منذ شهرين

طالب عبد العزيز

إذا كانت أحزاب السلطة والجماعات المسلحة التابعة لها ما زالت تعتقد بأن خلط الأوراق يؤدي الى نتائج لصالحها فهي غبية وتزداد غباءً يوماً إثر آخر.

لم يعد الأمر بالغموض الذي نتصوره. الكل يعلم بأن القوى الامنية العراقية برمتها بنيت على أساس خاطئ، بعدد كبير من ضباط الدمج، الذين ترقوا بالرتب الى الاعلى، وبعد زج الآلاف من العناصر غير المنضبطة فيها ومن ثم دخول المليشيات والحشد ووو .

ما حدث في ساحة الخلاني ليلة أمس الأول يمنحنا القول بان الجيش والشرطة أجهزة غير قادرة على حماية مواطنيها، وهي عاجزة بفعل وجود هؤلاء عن القيام بمهامها كقوى أمنية وطنية. الوطن والمواطن لديها لا يعني إنها تتحمل مسؤولية حمايته، وهكذا وجدناه خارج المشهد تماماً، وإلا كيف استطاعت عناصر الطرف الثالث من المرور بأسلحتها المتوسطة الى الخلاني، وان تقتل وتجرح العشرات من أبنائنا وتعود الى جحورها دونما فعل وطني مسلح من الجيش أو من الشرطة.

كانت لحظة هجوم المسلحين على المتظاهرين السلميين في الخلاني حاسمة في منحنا حرية القول بأن العراق والشعب العراقي بحاجة الى حماية أممية، إذ نحن لا نملك جيشاً وطنياً بالمعنى الحقيقي، وبما يمنع سليماني وأمثاله من دخول العراق والخروج منه، والعبث بأمنه كما يشاء، مثلما لا نملك شرطة محلية، واجبها حماية مواطنيها من عبث الخارجين على القانون والعناصر المنفلتة، وإننا عرضة في أي وقت لكل أنواع القتل، ومما لا يحصى من الجماعات، ونقولها صريحة: نحن بلا دولة، إنما نعيش بفعل خوفنا من بعضنا.

على وفق هذه الحياة هبَّ شبابنا بصدورهم العارية، في محاولة شجاعة لاسترداد وطننا من أيدي الذيول والعملاء وزعماء الفساد. بعدما يئسنا من استرداده. وببسالة نادرة رجَّ الشباب الثائر قناعاتنا بقوة، ولم يعد في يقينهم شيء مما كنا نسلم به، وكل ما كان مفهوماً، محسوماً لدينا لم يعد مفهوما لديهم، بعد أن ضاعفوا من جملة الشكوك في إمكانية استمرار الوضع على ما هو عليه، وما كنا نتخوف منه ونخشاه، فقد خلخلوا كل خور ويقين زائف في نفوسنا، إذ لا وجود هناك لتصور نهائي عن جملة المسلمات التي تحكمنا، هم يُخضعون كل شيء للمساءلة والمحاورة، فكل يقين سابق متزعزع لديهم، ويحملونه على أنه زائف.

أولادنا يقولون لنا بوجوب مراجعة كل ما هو مقدس، وشكوكهم تُثار حول كل ما كان مقدساً بالفعل، لقد أوجدوا لنا تعريفاً جديداً للمقدس، فالقداسة عندهم شيء غير مكتمل، وقابل للدحض.هم يقولون لنا بان الوطن والدم وحدهما المقدسان، وكل ما خلا ذلك غير مقدس، لذا يتوجب علينا إنشاء تعاريف جديدة لكثير مما كان حاكماً متحكماً بحياتنا.

اليوم، وبعد نهر الدم الذي يجاور نهر دجلة من شهرين، أقترب ما كنا نتصوره بعيد المنال ، لقد هدَّ الشباب جدار الوهم الذي كان قائماً، وكنا نعتقد برسوخه الى أمد بعيد. فلا قناعات راسخة وأبدية لديهم. هناك مراجعات مهمة لكامل تفاصيل حياتنا، بل هم يجبروننا على إعادة قراءة التاريخ، وإعادة النظر بجملة الثوابت، التي كانت قائمة، وبشكل أدق، لا توجدهالة على أحد عندهم. هم يقولون لنا: هناك العديد من الذين يتوجب علينا إرسالهم الى المصحات وجلب شهادة تمام العقل والأهلية.الزعامة لديهم يجب أن تخضع لمعايير العقل أكثرلا مما تخضع لمعايير الحضور الاجتماعي وهذا ما يخشاه العملاء والذيول في بغداد والمحافظات. لكن، الساعة تقترب أيها السفلة.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top