د. أثير ناظم الجاسور
مستويات الاحتجاج العراقي أو ثورة تشرين بدأت مستوياتها بالتصاعد بعد الإصرار الذي بينه الشباب المتظاهر من خلال تواجدهم في ساحات الاحتجاج بمختلف محافظات العراق وبطرق أبهرت العالم خصوصاً السلمية التي تمتع بها هؤلاء الشباب،
ومن البديهي حراك بهذا الحجم والكيفية ولحركية التي يتمتع به لابد من أن تكون هناك خروقات قد لا يتحملها المحتج لكنها بالنتيجة تؤخذ عليه سيما وانها تحدث بين الحين والآخر في هذه الساحات، وهنا بدأ البعض بتقييم عمل هذا الحراك من خلال الحكم على تلك الحالات التي تحدث في الساحات بعد مضي أكثر من 75 يوماً من عمر هذا الحراك، بالتالي فنحن أمام ثلاثة نماذج يجب الحديث عنهم بشكل مبسط وهم:
النموذج الأول: السلميون الذين يُعرفون عن أنفسهم من خلال الوسائل والأدوات السلمية التي مارسوها طيلة هذه الفترة سيما وإنهم كانوا شرارة هذه الثورة التي ألهمت الجميع وساهمت في رفع الخوف من قلوب العراقيين بعد الشجاعة المنقطعة النظير التي تحلى بها هؤلاء الشباب السلميون من أجل نيل مطالبهم المشروعة التي ضحوا من أجلها في سبيل ان يكون لهم وطناً خالٍ من الفساد والطائفية والمحاصصة، هذا النموذج ميز بين الصالح والطالح من خلال الرؤى والأفكار وساهموا في زيادة زخم هذا الحراك من خلال التضحيات التي يقدمونها يومياً، فهؤلاء السلميون هم اصحاب الساحات وهم المحرك لجماهيرها وملهمين الشباب في مختلف المحافظات، وما أن يحدث خرق أو تخريب أو أي فعل يسيء للحراك حتى يخرجوا مسرعين بنشر بياناتهم التي تندد بهذا العمل التخريبي أو ذاك وما حدث في الآونة الاخيرة من أحداث وشجبهم له أبرزت الجانب السلمي للمتظاهرين الحقيقين، فالسلمية التي يتمتعون بها والمصرين عليها هي سلاحهم الذي اسقط كل المعادلات الحزبية الرامية لتدمير العراق وسلاحهم العلم وحب الوطن.
النموذج الثاني، راكبو موجات التظاهرات وهم يشكلون قسماً كبيراً فهم قدم في السلطة والثانية في الساحات وهم مجاميع تحاول بشتى الطرق أن تكون هي القائد والمحرك لأنها وببساطة لا تستطيع أن تكون جزءاً من كل، فهي تحاول أن تكون ذلك الكل الذي يدور حوله الجميع تحاول أن تكون الموجه الذي يتحسسه الجميع ويحتاجه بعد إشعار الجماهير بانهم لا يستطيعون أن يكون لهم دور دون إشراكه في أي فعل جماهيري مهما كانت أهميته، هذا النموذج بالرغم من أنه قد يكون صادقاً في بعض التفاصيل المعينة إلا أنه لا يمتلك القدرة على كسب ثقة جميع الجماهير لأن الأخيرة فقدت الثقة وبشكل كامل في أدوات وأسلوب هذا النموذج.
النموذج الثالث، هو الباحث عن الخلاص وبالأغلب الأعم هم جماعة الأحزاب أو البعض من جمهورهم أو من المرتزقة التي تحاول من خلالهم احزاب السلطة أن تشوه الحراك الاحتجاجي من خلال الممارسات التي يقوم بها هؤلاء المندسون من عمليات حرق وقتل وتخريب في مختلف المناطق، هؤلاء من الطبيعي تواجدهم في أي حراك اجتماعي على اعتبار أن السيطرة على الوافدين للساحات لا يمكن السيطرة عليهم، وتمت مشاهدة الممارسات التي قامت بها تلك المجاميع من حرق وقتل وتخريب في مختلف المحافظات وبطرق مكشوفة ومعروفة مدفوعين من جهات حزبية متنفذة همهم الأول إجهاض الحراك الاحتجاجي الرافض لهم ولسياساتهم في العراق.
إن هذه النماذج هي التي يتم الحديث عنها في العراق لكن الأكيد إن السلميين المرابطين بكل شجاعة في ساحات الاحتجاج هم من يُشكل الغالبية العظمى وهم من يعطي الأمل لجميع العراقيين بأنهم القادرين على الاستمرار والنجاح والمضي لبناء عراق حر معافى.
اترك تعليقك