TOP

جريدة المدى > عام > موسيقى الاحد: أسرار باغانيني

موسيقى الاحد: أسرار باغانيني

نشر في: 28 ديسمبر, 2019: 08:07 م

ثائر صالح

نعرف أن نيكولو ياغانيني (1782 – 1840) كان أشهر عازف كمان في القرن التاسع عشر، بل قد يكون أعظم عازف كمان على الاطلاق.

لكن ليس كلنا يعرف أنه كان عازف غيتار بارع في نفس الوقت، وألّف للغيتار الكثير من الأعمال، منها 104 أعمال للغيتار المنفرد، ولثنائي الغيتار والكمان أو ثلاثيات أو رباعيات لمختلف الأدوات مع الغيتار. بذلك يمكن اعتباره أخصب المؤلفين انتاجاً بين كل من كتب للغيتار في القرن التاسع عشر، وهو أمر يجهله الكثير منا. 

يعود اهتمام باغانيني بالغيتار الى فترة مبكرة، إذ كان أبوه عازفاً على الماندولين، فتعلم الماندولين الذي هو أحد أشكال الغيتار في إيطاليا. لكن الاهتمام الحقيقي بهذه الأداة الجميلة جاء مع تعرفه على سيدة نبيلة من توسكانا وهو في التاسعة عشرة كما يشاع، دامت علاقتهما لسنوات ثلاث. خلال تلك الفترة كان يتمتع بالبستنة في بستان السيدة، وبعشق السيدة طبعاً، وكذلك بالعزف على ... الغيتار! فالسيدة التي لا نعرف اسمها ومن تكون كانت تفضل الغيتار. وتعود الى تلك الفترة مجموعة من أعماله لموسيقى الحجرة المكتوبة للغيتار أو الثنائيات للغيتار مع الكمان مثل السوناتات ورقصات المنويت. كان باغانيني يتدرب كثيراً على الغيتار مثلما كان يتدرب قبلها على الكمان، وقد استفاد كثيراً من ذلك في تقوية أصابعه، فمسك الأوتار على الغيتار يتطلب عضلات أقوى بسبب الاختلاف بين الأداتين وتعشيق رقبة الغيتار (وجود الفواصل عليها). بالمقابل اقتبس الكثير من التقنيات المستعملة في العزف على الغيتار وطبقها على الكمان، منها مخرج الأوتار بأصابع اليد اليسرى (واسم هذا التكنيك باللغة الإيطالية فلاجيولَتّو، وهو تشبيه للجلد بالسوط). استفاد كذلك من الغيتار في تطوير أنماط مختلفة من الألحان وفي استنباط أشكالٍ جديدة من التآلف الصوتي طبقها على الكمان وسحر بها جمهوره لاحقاً، مما عزز من شهرته كأعظم عازف كمان. 

بعد السنوات الثلاث أصبح الغيتار مرافق باغانيني الدائم سوية مع كمانه في ترحاله المتواصل لتقديم الحفلات في كل مدن أوروبا. لكنه لم يكن يعزف على الغيتار في المناسبات العامة والحفلات على الاطلاق، بل دوماً في محل اقامته وبين أقرب أصدقائه. في نفس الوقت عقد صداقات قوية مع أشهر عازفي الغيتار ومؤلفي الموسيقى للغيتار في زمنه، وقدم معهم حفلات لا تنسى وهو يعزف على كمانه. من هؤلاء ماورو جولياني الذي التقاه في روما سنة 1821، وفرديناندو كارولّي في باريس سنة 1831، وتساني دي فَرّانتي في بروكسل سنة 1834 وكذلك لويجي لينياني في تورينو سنة 1836 وهو من أصبح صديقاً حميماً له وقد أمضيا وقتهما سوية في العزف وتأليف الموسيقى ثم سافر الاثنان لتقديم حفلات مشتركة الى باريس ولندن لحين مرض باغانيني وعودته الى بلده في 1839 حيث توفي في العام التالي. ويعرف كل من تعلم العزف على الغيتار اسم كارولّي صاحب أشهر منهاج تعليم الغيتار وهو مستعمل حتى اليوم. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مسرح ذهني للقرّاء

جواهر سينمائية.. توثيق لحياة ثلاثة رموز سينمائية

هيثم فتح الله: تأثيرات الفن التشكيلي على أسلوبي كانت واضحة، بنقل الفوتوغراف إلى لوحة فنية

مسرحية هيكابي.. نظرة في المشهد التمهيدي

الفعاليات غير النفعية مهمة لحياة البشر

مقالات ذات صلة

الفعاليات غير النفعية مهمة لحياة البشر
عام

الفعاليات غير النفعية مهمة لحياة البشر

أدار الحوار: سوزان كروغلينسكي ترجمة: لطفية الدليميتقديم المترجمة:الحوار التالي ترجمة لمعظم فقرات الحوار المنشور بمجلّة Discover بتأريخ 13 يناير (كانون ثاني) 2007، وتمّ تحديثه بتأريخ 12 نوفمبر (تشرين ثاني) 2019 (بعد وفاة منسكي). سيلمس...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram