نافذة من موسكو..قراءة موسكو لتداعيات العملية الأميركية في مطار بغداد

د. فالح الحمراني 2020/01/04 06:51:31 م

نافذة من موسكو..قراءة موسكو لتداعيات العملية الأميركية في مطار بغداد

د. فالح الحمـراني

إن خطر القيام بمهاجمة القوات والأصول الأميركية والغربية وربما المصالح التجارية كان مرتفعاً، لكنه الآن زاد بشكل حاد بعد انتهاك الولايات المتحدة الأميركية حرمة وسيادة العراق.

إن العملية الأميركية هذه ستساهم في إذكاء الصراع مع إيران على الأراضي العراقية ستؤدي إلى توترات دبلوماسية خطيرة في علاقة بغداد مع واشنطن وستحفز فقط الجهود التي يدور الكلام عنها في البرلمان العراقي بإعادة تقييم التعاون الأمني العراقي مع الولايات المتحدة. كما سيعقد جهود قوات الأمن العراقية لمواصلة العمل عن كثب مع واشنطن في الحرب ضد داعش. إن هذا الواقع يستدعي من مؤسسات السلطة في العراق التعامل بروح وطنية موضوعية، في تقيم التطورات وتداعياتها بعد العدوان الأميركي وانتهاك حرمة الأجواء العراقية والقيام بعملية اغتيال مسؤول عسكري رفيع المستوى اجنبي في الأراضي العراقية، فضلاً عن قيادات عراقية. إن الخطوة التالية يجب أن تؤسس للتهدئة وتلافي التصعيد، وإعادة النظر في العديد من السياسات والمنطلقات وتبني سياسة التوازن في العلاقات مع واشنطن وطهران، والأخذ بالاعتبار ان ليس الولايات المتحدة وحدها انتهكت حرمة سيادة العراق وقامت بعدوانها، ولكن القوى المنفلتة التي سولت لنفسها بتنظيم الهجمات على القاعدة الأمريكية من دون ترخيص من الحكومة والبرلمان ولا بالتنسيق مع المؤسسة العسكرية الوطنية، قامت أيضاً بانتهاك سيادة البلاد، لاسيما وإن التواجد الأمريكي العسكري في العراق يكتسب صفة مشروعة، ويقوم على اتفاق بين حكومتي البلدين. 

وكان الوضع في العراق موضوع محادثة هاتفية بين رئيسي روسيا وفرنسا، فلاديمير بوتين وإيمانويل ماكرون. تم ذلك في 3 كانون الثاني بمبادرة من الجانب الفرنسي. وفقًا للخدمة الصحفية للكرملين، أعربت الأطراف خلال المحادثة عن قلقها بشأن اغتيال الجنرال قاسم سليماني، وذكرت أن العملية الأميركية قد تؤدي إلى تفاقم الوضع في المنطقة بشكل خطير.

وقال تعليق صادر عن وزارة الإعلام والصحافة بوزارة الخارجية الروسية في 3 كانون الثاني إن مقتل الجنرال قاسم سليماني نتيجة غارة صاروخية أميركية محفوفة بعواقب وخيمة على السلام والاستقرار الإقليميين. وأعربت وزارة الخارجية الروسية عن قلقها من قتل الجنرال الإيراني. ويقول التعليق "إن مثل هذه الإجراءات لا تسهم في إيجاد حلول للمشاكل المعقدة التي تراكمت في الشرق الأوسط ، بل على العكس ، تؤدي إلى جولة جديدة من تصاعد التوتر في المنطقة".

كما أعربت وزارة الخارجية الروسية عن تعازيها لشعب الجمهورية الإسلامية فيما يتعلق بمقتل قاسم سليماني. ووصفت الإدارة ممارسات الولايات المتحدة بأنها "خطوة مغامرة ستؤدي إلى زيادة التوتر في جميع أنحاء المنطقة". ولفتت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا الانتباه إلى أن واشنطن شنت أولا هجوماً صاروخياً على مطار بغداد، ثم طلبت فقط من مجلس الأمن الدولي تقييم الهجوم على السفارة الأميركية في العراق. وفي رأيها ،ان جنرالات الولايات تحركوا بما يتعلق بالهجوم الصاروخي على مطار في بغداد، بتوجيه من السياسيين الذين يراعون مصالحهم الخاصة. ونقلت وكالة أنباء ريا نوفوستي عن زاخاروفا قولها: "يجب أن يتذكر الجميع، هذا، ويفهموا أن للسياسيين الأميركيين مصالح خاصة بهم، بالنظر إلى أن هذا العام عام حملة الانتخابات". وأضافت متحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية أن موسكو لا تستبعد إجراء مناقشة في مجلس الأمن الدولي حول الضربة في في مطار بالعاصمة العراقي.

في الوقت نفسه، قالت وزارة الدفاع الروسية إن مقتل قاسم سليماني سيؤدي إلى تصعيد حاد في الوضع في الشرق الأوسط. كما ذكّرت الدائرة بالمزايا التي حسب رأيها" لا جدال فيها للمتوفى في الحرب على "الدولة الإسلامية"، في سوريا. وأشادت وزارة الدفاع الروسية بأعمال قاسم سليماني في الحرب على الجماعات الإرهابية الدولية مثل داعش والقاعدة. وقال البيان "مزاياه الشخصية في الحرب ضد داعش في سوريا لا يمكن إنكارها".

وأجمع الخبراء الذين استطلعت صحيفة "إزفستيا" على أن خطوة واشنطن ستؤدي إلى مزيد من التصعيد للنزاع الأميركي الإيراني - طهران لن تتركه دون رد. وأشاروا الى أن هذه الخطوة محفوفة بمزيد من التوتر، وتكثيف الاستقطاب في المجتمع العراقي، وسيكون لها عدد كبير من العواقب السلبية على منطقة النزاع بأسرها. ويقول المستشرق رولاند بيجاموف: إن الولايات المتحدة تبنت منذ فترة طويلة قرار تصفية قاسم سليماني، وكان من المتوقع تصفيته. واستبعد أن تنفيذ طهران رد الفعل الذي وعدت في المستقبل القريب.

ويرى رئيس مركز ريسي للشرق الأدنى والأوسط فلاديمير فيتين أن من السابق لأوانه الحديث عن حدوث صدام مباشر بين الولايات المتحدة وإيران، معيدا الأذهان الى أنه وحتى وقت قريب، لم تفضِ أي من الاستفزازات المنفرد من الجانبين إلى نشوب نراع ساخن،. لكن في هذه الحالة، لكن مع ذلك أن العملية الأمريكية تمثل تحديًا خطيرًا لإيران. ورجح أن تقوم طهران بالتأكيد بشيء: إما في العراق أو في أي مكان آخر، من اليمن إلى لبنان أو سوريا. منوها : أن لدى إيران كل الإمكانيات لذلك، وما يكفي من الحلفاء في المنطقة، وأن الولايات المتحدة تتفهم هذا جيداً، وهذا هو السبب في إعلانها عن استعدادها القتالي المتزايد في جميع قواعدها في المنطقة. وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد دعت بعد الضربة المواطنين الأميركيين إلى مغادرة العراق على الفور. وقالت الوزارة: "يجب على المواطنين الأميركيين الذهاب بالطائرة إن أمكن ، وفي حالة الفشل، استخدموا النقل البري للسفر إلى بلد آخر".

من ناحيته أشار المحلل السياسي فلاديمير ساجين الخبير بالشؤون الإيرانية الى إنه من غير المعروف ما ستتخذه طهران كخطوات فعلية ضد الولايات المتحدة، منوهاً: لكن من الواضح أن الإيرانيين لديهم فرص كبيرة في المنطقة، وهذا ينطبق على كل من العراق وسوريا. لذلك، يمكننا أن نتوقع ردود مختلفة. ومع ذلك، ولكنه استبعد أيضاً نشوب حرب واسعة النطاق الآن لا تبدو سيناريو محتمل. على الأرجح ، ستكون هناك هجمات مختلفة على مواقع بعضهم البعض. 

وبرأيه إن التطور الجديد يتناسب ذلك مع الاتجاه العام للتدهور في العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران، ويواصل فلاديمير ساجين: "فمنذ الصيف الماضي، ازدادت التوترات باطراد بين هذين البلدين. وفي هذا السياق، يمكن للمرء أن يذكر "حرب الناقلات" وإسقاط طائرة أميركية بدون طيار حديثة. ثم أصدر الرئيس ترامب أمراً بضرب ايران، لكنه في اللحظة الأخيرة أدرك خطورة العواقب وقرر إلغاء هذا القرار. ويشمل ذلك أيضاً هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية في المملكة العربية السعودية، والتي تُنسب أيضًا إلى القوات الموالية لإيران. مع احتمال كبير، كانت طهران هي التي قادت هذه العملية. وهذا لم يجلب جوانب إيجابية للعلاقات الأميركية الإيرانية. باختصار ، زاد التوتر وهذا يمكن أن يؤدي إلى أخطر العواقب ".

واستبعد أيضا نشوب حرب واسعة النطاق لأنها ليست مفيدة الآن لأي من الجانبين، ويعتقد الخبير: " أن الرئيس ترامب يواجه وضعاً سياسياً داخلياً صعباً، ويعمل على إعادة انتخابه لولاية ثانية في انتخابات نوفمبر 2020. كما لا تحتاج إيران إلى حرب واسعة النطاق. مرجحاً تنفيذ العديد من الأعمال الاستفزازية ، من كلا الطرفين.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top