أدوات الضبط المهمة

آراء وأفكار 2020/01/06 07:18:03 م

أدوات الضبط المهمة

حارث حسن

في خطابه لمجلس النواب يوم أمس الاول ، قال السيد عادل عبد المهدي إن السيد ابو مهدي المهندس كان يلعب دوراً اساسياً في ضبط الفصائل،

وهو أمر مفهوم نظراً لأن الاثنين، عبد المهدي والمهندس، كانت لديهما مصلحة في هذا الضبط، عبد المهدي من أجل عدم احراج حكومته ووضعها أمام وقائع يصعب التعامل معها، والمهندس من أجل توطيد سلطته في مؤسسة الحشد الشعبي وتحويلها الى ما يشبه "الحرس الثوري" العقائدي لكن المحكوم بمركزية عالية. لاننسى هنا أن الاثنين تربطهما علاقة قديمة بحكم عملهما مع أو بالقرب من منظمة بدر منذ الثمانينيات، وإن المهندس كان من المتحمسين والداعمين لتكليف عبد المهدي برئاسة الوزراء.

قال عبد المهدي بالأمس، إنه بسبب الضربة الأمريكية التي أودت بحياة المهندس وسليماني، فإننا "فقدنا بعض أدوات الضبط المهمة"، وكأنه يقول إنه لم تعد لديه سلطة كبيرة على الفصائل، وهو ما أكده مرة أخرى حين قال انه لم تعد لدينا القدرة على حماية القواعد الأميركية. لم يكن عبد المهدي، في خطابه، أميناً بشكل كاف، فلم يوضح بالتفصيل المطلوب تبعات ونتائج الذهاب باتجاه الخيار الذي كرر لعدة مرات إنه يفضله "على الرغم من تكلفته"، وهو خيار الطلب من الولايات المتحدة سحب قواتها من العراق (فضلا عن تلفيقاته الواضحة فيما يتعلق بالرسالة التي كان يحملها سليماني إليه). لكن ما أحاول أن افهمه هو ما الذي يريد عبد المهدي أن يقوله حين يخلي مسؤوليته من السيطرة على الفصائل، وما هو السيناريو الذي في مخيلته. على الأرجح، نحن أمام محاولة لتحويل قضية القواعد الأميركية الى قضية احتلال خارجي، وبالتالي تعطيل الأدوات القانونية والدستورية إن رفض الأمريكيون (بقيادة ترامب المتعجرف) الخروج ، والشروع بصراع بين الفصائل التي تحاول إعادة بناء شرعيتها المتضررة باسم "مقاومة الأجنبي"، وهي القضية التي تدربت عليها، وبين الأميركيين الذين سيفقدون الغطاء الذي يمنح وجودهم شرعيته القانونية، وهو صراع تخلي فيه الحكومة مسؤوليتها أو تتصرف بوصفها المفاوض السياسي باسم الفصائل. هذه لعبة تجيدها الأحزاب العقائدية التي تمتلك ميليشيا مسلحة.

قد نكون هنا أمام منطقة جديدة من الصراع السياسي في العراق، ستصبح فيها قضية المواجهة مع الولايات المتحدة جزءاً من عملية إعادة تشكيل بنية السلطة في العراق، وتفتيت الحركة الاحتجاجية والتخلص من ضغوطها... كانت الاحتجاجات في المدن "الشيعية" أكبر تحدٍ للشيعية العقائدية المقاتلة، وجاءت ضربات ترامب الأخيرة - وبغض النظر عما إذا كان قد تم استدراجه إليها - لتوفر للشيعية المقاتلة فرصة "تغيير الأجندة" وتحديد الأولويات والانتقال الى منطقة ترتاح اليها وتسهم في تجديد شرعيتها...لكن لنتذكر، إن الزمن السياسي في العراق يتحرك سريعاً، والمستقبل سيحمل معه الكثير من المفاجآت، خصوصاً إن كان غرض عبد المهدي (في عباراته تلك) إعداد الجميع لمسرح لا تحكمه أي قواعد

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top