ترجمة / حامد أحمد
سارع البنتاغون الاثنين لينفي تقارير أفادت بان قوات اميركية يتم اعادة انتشارها استعدادا لانسحاب محتمل، وذلك بعد يوم من تصويت برلمانيين عراقيين على قرار غير ملزم يدعو لانسحاب جميع القوات الاجنبية من البلد .
وقال قائد هيئة الاركان المشتركة للجيش الاميركي الجنرال مارك ميلي خلال مؤتمر صحفي في البنتاغون بعد تسرب رسالة من قيادة الجيش الاميركي في بغداد الى وزارة الدفاع العراقية، بالقول "كان ذلك خطأ"، مشيرا الى ان الرسالة كانت عبارة عن مسودة لا تحمل توقيع تتحدث عن عمليات نشر جديدة للقوات "التي لم يكن من المفترض ارسالها".
وزير الدفاع مارك اسبر قال "لم يتم اتخاذ اي قرار بمغادرة العراق. نقطة نهاية سطر". ولكن هذه الضجة التي تم اخمادها بسرعة إنما هي دليل على ما وصفه الجنرال ميلي "بالوضع الديناميكي السريع" الذي وجدت نفسها فيه الولايات المتحدة بعد مقتل الجنرال الايراني قاسم سليماني بهجوم طائرة مسيرة اميركية عند مطار بغداد الدولي.
وبعد ان كان على مدى السنوات الثلاث الماضية يشكل نقطة اهتمام سياسي بكونه مركز لعمليات عسكرية ضد تنظيم داعش ومكانا يمكن من خلاله وضع ايران تحت مراقبة مكثفة، أصبح العراق فجأة يمثل مشكلة للولايات المتحدة .
بعد تحقيقه للنصر على داعش وادعائه بانه يبلي حسنا في وضع حد لحروب "لا تنتهي" في الشرق الاوسط، يجد الرئيس ترامب نفسه الان وسط أزمة جديدة بالكامل في نفس ساحة المعركة التي اربكت سلفيه الاثنين السابقين .
بريطانيا وفرنسا والمانيا اصدروا الاثنين بيانا حثوا فيه كلا من الولايات المتحدة وايران على ضبط النفس وتجنب التصعيد. السعودية أيضا التي التقى نائب وزير دفاعها بوزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو الاثنين، وجهت دعوة مماثلة . ولكن كثيرون قلقون من ان الادارة الاميركية ليست لديها ستراتيجية للتعامل مع التصعيد المحتمل الذي سيعقب الصراع الاميركي الايراني. القلق الاكبر سيكون في العراق الذي كان مسرحا لتنافس طويل بين القوتين .
مسؤول عراقي كبير سابق قال دون ان يكشف عن اسمه "هذه الادارة ليست لها خطة تجاه العراق. انه يشكل امرا ثانويا لها في سياستها تجاه اسرائيل وايران، وكانت الادارة السابقة تنظر للعراق كحقيبة متاع ."
مسؤول عراقي حالي قال "لحد مرحلة طرد تنظيم داعش من جميع الاراضي التي كان يحتلها، كان العراق في بؤرة الاهتمام لان الحاق الهزيمة بداعش كانت تمثل أولوية انتخابية للرئيس. حالما هزم داعش قلت نسبة أهميتنا ."
العام الماضي عندما زار الرئيس ترامب قاعدة الاسد الجوية غربي العراق قال في لقاء مع محطة سي بي اس الاميركية بانها قاعدة مذهلة انه يود الاحتفاظ بها لانه يمكن له من خلالها مراقبة ايران ومناطق مختلفة من الشرق الاوسط المضطرب. وفي يوم السبت اشار ترامب الى ان القاعدة كلفت الولايات المتحدة مليارات الدولارات مهددا بانه لن ينسحب ما لم يتم تسديد ما انفق عليها .
وليام ويشلر، مسؤول سابق في البنتاغون لدى ادارة أوباما قال "منذ فترة والعراق ينظر اليه على حد كبير من عدسة مكافحة الارهاب ومن عدسة ايران ومن عدسة صراع الاطراف عبر العقد الماضي. ليس هناك ما يعنى بسيادته ومستقبله الذي يصبو اليه شعبه ."
وبعد دقائق من تصويت الكتل الشيعية في البرلمان على اخراج القوات الاجنبية، نبذه وزير الخارجية بومبيو بوصفه فشل لبرلمان غير مكتمل ورئيس وزراء تصريف أعمال أو ما يطلق عليه "بطة عرجاء". مسؤولون كبار في وزارة الخارجية الاميركية تحدثوا لصحفيين الاسبوع الماضي بأن "عراقيين يريدون منا البقاء في البلد". وهذا ما اكده ايضا وزير الدفاع أسبر خلال تعليقات له في البنتاغون الاثنين. ولكن هناك مخاوف من احتمالية أن أعطت احداث الاسابيع القليلة الماضية اليد الطولى لمجاميع مؤيدة لايران لركوب الموجة وتشتيت الانتباه عن انتفاضة معادية لايران اجتاحت العراق منذ اكثر من ثلاثة اشهر. علي فتح الله نجاد، من مركز معهد بروكنغز في الدوحة، قال "ما يزال العراقيون ينظرون الى كل من الولايات المتحدة وايران كقوى خبيثة في بلدهم يتدخلان في شؤونه ويسعيان لاجنداتهم الخاصة دون الاهتمام بسيادة العراق. ولكن في هذه اللحظة الحرجة يسعى سياسيون عراقيون من كتل شيعية الى استغلال هذا الوضع لتحويل الانتباه بعيدا عن الاحتجاجات واضرام نيران العداء لأميركا ." مسؤولون سابقون ومحللون قالو ان ادارة ترامب قد تسعى لتهدئة موقف القرار العراقي لتقليص التواجد الاميركي عبر حالتين رئيستين تتطلبان موافقة عراقية لجميع العمليات العسكرية الاميركية أو نقل قوات اميركية الى اقليم كردستان .
عن: واشنطن بوست