د. أثير ناظم الجاسور
بين الضربة الاميركية والرد الايراني بات واضحاً جداً أن طرفي النزاع على يقين بقدرات بعضهما في أزمة هي الاقوى والاصعب بينهما طيلة سنوات التهديد والوعيد بالرغم من وجود الخيارات المفتوحة لهما،
فالطرفين على علم بحجم وقدرة الآخر ضمن منطقة تفاعلهما والبيئة التي تحيط بهما خصوصاً وإن هذا الصراع يسحب المنطقة لمشاكل اكثر تعقيداً وتشابكاً لما تحمله من تبعات ليس فقط على اميركا وإيران بل حتى على دول المنطقة التي تترقب انفجار فوهة البركان، وحتى نكون أكثر واقعية فانهما على علم أيضاً أن الحرب وفي هذا الوقت بالذات هي خسارة للطرفين بالرغم من أن النظرة العامة تقول إن اميركا دولة عظمى تمتلك من التقنيات والتكنولوجيا والستراتيجيات لا تمتلكها إيران، لكن الواقع يقول أيضاً إن ايران تمتلك في الكثير من دول المنطقة دولاً موازية تعمل على تحقيق مصالحها من خلالها تدفع إلى أن تكون ضاغطاً على دولها وحتى مجتمعاتها ان تكون مناصرة للمشاريع الاميركية او التوجه الاميركي ضد إيران، بالتالي تمتاز كل من اميركا وايران على انهما دول لديها مؤسسات تعمل على الحفاظ على مستويات التصعيد وفق خطوط بيانية من حيث السيطرة على ادواتهما في إدارة أي صراع كان مهما كانت صعوبته، فضمن هذا التصعيد العالي الوتيرة في الخطابات والبيانات الصادرة من قبلهما إلا انهما سيعملان وفق مقدرة كل منهما على أن يكون دائرة ضبط النفس وعدم الذهاب الحرب.
أما ساحة الصراع التي ارهقت الجميع أرض العراق التي أصبحت أرض لتصفية الحسابات بين الطرفين فكلاهما يفكر بالطريقة التي تجعله يخرج باقل الخسائر فيها لأن خسارتها في الوقت الحالي سيكون بمثابة انكسار كبير لاستراتيجيتهما فأمريكا أولاً: غير مستعدة ان تضحي بالتجربة التي جعلتها تنفق مئات المليارات من الدولارات ودخولها معارك مصيرية عديدة داخل العراق من أجل أن تهديه في النهاية لإيران، ثانياً: لا تسمح امريكا للعراق بعد هذه السنوات من التخطيط والترتيب في تغيير نظامه والمضي في بناء عملية سياسية بالرغم من فشلها أن يكون في النهاية ضمن معسكر معادي ( روسي – ايراني- صيني - كوري )، خصوصاً وهي تحاول أن تسيطر على مناطق منابع النفط، ثالثاً: لا تسمح امريكا أن تجعل هيبتها محط سخرية أما خصومها الدوليين والاقليمين، بالتالي فهي تعمل على تقييم مستويات الصراع وعملية التغيير بطريقة الخطوة خطوة.
أما إيران فهي تعمل بطريقة مختلفة قد تكون متشابهة من حيث الرؤية وبالشكل التالي أولاً: لا تسمح ايرا ان تخسر العراق حتى وان دفعت اغلى الاثمان فهي اليوم تهيمن على العديد من المفاصل واهمها صنع القرار السياسي، بالتالي فأنها ستستمر باتباع ذات السياسة التي اتبعتها في السابق والوقت الحالي، ثانياً: لا تسمح إيران أن تكون في موقف ضعف أمام حلفائها ومؤيديها في المنطقة بعد الضربة التي وجهت لها التي تعتبرها تحدٍ كبير لها ولسياستها في المنطقة، ثالثاً: ستكتفي إيران بهذا الرد في الوقت الحالي وتعمل على جر امريكا إلى طاولة المفاوضات كما تريد أمريكا ذلك ايضاً، رابعاً: لن تسمح إيران بان يحاصر العراق اقتصادياً ولن يحدث على اعتبار العراق الحديقة الخلفية اقتصادياً بالدرجة الاساس، ولأن الأخير سوق مهم للبضائع الإيرانية ومساهم أكبر في دعم الاقتصاد الايراني بسبب الاوضاع الاقتصادية التي تواجهها.
سيكتفي الطرفان بما حدث وسيلعبون ضمن اللعبة غير صفرية وسيتفاعل كل منهما مع الاوضاع الحالية والامكانات المتاحة في العلن، وسيبقى الحال على ما هو عليه بالرغم من التناقضات والتحديات التي تحيط بالمنطقة، وستعمل دول المنطقة على ايجاد طريقة للتخلص من عتمة المشهد وتخليص المنطقة من حرب قد تنهك الجميع، أما ما يحدث داخل العراق من ردود فعل ستكون إيران بعيدة عنه رسمياً لأنها لا ترتبط بها باي شكل من الإشكال سياسياً ودبلوماسياً.
اترك تعليقك