بغداد/ المدى
فشل على ما يبدو زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في إنجاح "صفقة شباط"، والتي تضمنت، ايصال المرشح (محمد علاوي) الى رئاسة الحكومة، مقابل السيطرة على الاحتجاجات.
ومحاولة لتعويض الخسائر، دخل الصدر مرحلة جديدة، وهي مرحلة "التفاوض" مع المحتجين، والتفاوض ورقة رابحة كان قد جربها الصدر سابقا في اعتصامات 2016 في بغداد.
وقُتل نهاية الاسبوع الماضي، 11 متظاهرا وأصيب 122 آخرون في هجوم أنصار الصدر المعروفين باسم "القبعات الزرق"، على محتجين في ساحة الصدرين وسط النجف.
كما أصيب 11 متظاهرا آخرين، الخميس، بعد هجوم شنه انصار الصدر ايضا، في ساحة اعتصام كربلاء.
وينكر التيار الصدري، تسجيل أي حالة وفاة في صدامات النجف، معتبرين مقاطع الفيديو، التي نشرت حول تلك الاحداث "افلام هوليودية".
وبدأ الصدر "انقلابه" على الاحتجاجات، مطلع شباط الحالي، (ليلة تكليف علاوي)، فيما بدأت اذرعه (سرايا السلام، والقبعات الزرق) محاولات فض الاعتصامات.
وتسببت تلك الاحداث بموجة غضب شعبية عارمة ضد الصدر، كما دانت الامم المتحدة، ودول متعددة استخدام العنف ضد المحتجين.
وندد المرجع الديني علي السيستاني، الجمعة، بالعنف الذي أودى بحياة محتجين في النجف، وقال إن أي حكومة عراقية جديدة يجب أن تحظى بثقة الشعب ومساندته.
ودعا السيستاني قوات الأمن لحماية المحتجين السلميين من المزيد من الهجمات، و"تحمل مسؤوليتها تجاه كشف المعتدين والمندسين، والمحافظة على مصالح المواطنين من اعتداءات المخربين".
وانتقد السيستاني في خطبة الجمعة "قيام جهات غير حكومية بالتدخل في الملف الأمني وفرض رؤيتها على المواطنين"، الأمر الذي اعتبره نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي أنه موجه للتيار الصدري.
وأمام ذلك، وجد الصدر، نفسه في حرج كبير، وقرر وفق ناشطين، استخدام طريقة جديدة، في السيطرة على الاحتجاجات، من خلال المفاوضات.
وحتى الان، لم يشر زعيم التيار الصدري بشكل علني، الى رغبته في فض الاعتصامات، على الرغم من العنف الذي يستخدمه انصاره ضد المتظاهرين.
وبحسب ناشطين، ان الصدر، يريد ابقاء الاحتجاجات تحت سيطرته و"كورقة ضغط" ضد خصومه في التفاوض على تشكيل الحكومة الجديدة.
واستناداً لمحتجين في ساحة التحرير، وسط بغداد، فان المستشار العسكري للصدر أبو دعاء العيساوي اجتمع مع متظاهرين في الساحة، وقدم عدة تعهدات، منها سحب "القبعات الزرق"، قبل ان يعلن الصدر ذلك صراحة.
تعهدات الصدر ومستشاره
وقرر مقتدى الصدر، امس، سحب "القبعات الزرق" وتسليم حماية ساحات التظاهر، الى القوات الامنية.
كما دعا في تغريدة على تويتر، الى اعطاء "اهمية لتجمع طلبة الجامعات" في ساحات التظاهر، وابعاد "المندسين"، فيما اشار الى ان الدوام في الجامعات والمدارس، يكون اختياريا.
وقبل ذلك، كان مستشار الصدر العسكري، المعروف بـ"ابو دعاء العيساوي"، تعهد خلال لقائه مع محتجين، بـ"الاعتذار" من الطلاب الذين تم الاعتداء عليهم من قبل القبعات الزرق، خلال اجتماع يعقد لاحقا يحضره الطلاب او ممثلين عنهم.
بدوره اكد علي سامي، احد الناشطين في بغداد لـ(المدى)، ان الاجتماع الذي عقد امس، "استمر لـ5 ساعات، ولم يحضره ممثلون عن معتصمي ساحة التحرير".واضاف سامي ان "اغلب الحضور هم من الخيم المؤيدة للصدر، وحضور شخصي لبعض المحتجين وليس بصفتهم ممثلين للخيم".
وتعهد العيساوي، بحسب ناشطين، بالسماح بدخول المتظاهرين الى المطعم التركي، وتحويله الى "صرح ثقافي"، وافتتاحه امام الزوار بالتنسيق مع نخب فنية.
وابلغ العيساوي، الذي برأه الصدر مؤخرا، من تهم لاحقته بالفساد، المجتمعين برفض وجود القوات الأجنبية، ومن ضمنها ايران.
وتناقلت صفحات مؤيدة للتيار الصدري، ان موفد الصدر، ابلغ المتظاهرين، ان تحالف سائرون ابلغ برهم صالح والقوى السياسية، بانه لن يصوت لمنح الثقة لحكومة محمد علاوي.
لكن منتظر الزيدي، وهو مرشح سابق عن سائرون واحد الحاضرين في الاجتماع الاخير، قال ان "بعض المنسقين طرحوا خطة للقبول بمحمد توفيق علاوي لكنها جوبهت بالرفض من عدد من التنسيقيات".
واضاف الزيدي، في حسابه على "فيسبوك"، انه "لم يفض الاجتماع لاي اتفاق بين ممثل الصدر والتنسيقيات".
وقبل لجوء الصدر الى المفاوضات، كان مستخدمو التواصل الاجتماعي في العراق اطلقوا حملة افتراضية واسعة ضد الصدر، مطالبين بإغلاق حسابه على تويتر.
ودفع ذلك وزيره المعروف بـ"صالح محمد العراقي"، الى طلب الدعم من انصار الصدر، لمنع اغلاق الموقع.
ودعا العراقي، الجمعة الماضية، القوات الامنية ووزيري الداخلية والدفاع، إلى التعامل بحزم مع ما وصفهم بـ"زارعي الفتنة" و"معطلي الدوام" و"المحرضين على التفرقة".
وردت وزارة الدفاع، على العراقي، بأن قواتها "تحلّت بأقصى درجات ضبط النفس تجاه من يخرج عن سلمية التظاهرات منذ انطلاقتها".
واوضحت الوزارة في بيان امس، "وقوفها على مسافة واحدة من الجميع".
بالمقابل، حذر زعيم ائتلاف الوطنية إياد علاوي، الجمعة، من تردي الأوضاع في البلاد، مشيرا إلى أن الوضع السياسي والأمني ينحدر نحو "حرب أهلية".
ويعتبر ناشطون، ان "التفاف الصدر" من وراء ظهر المحتجين، ومحاولة فتح باب التفاوض، يهدد باعادة "سيناريو" التظاهرات السابقة، التي تدخل زعيم التيار الصدري، لتفكيكها.
وقال الناشط، علي سامي، ان "التيار الصدري استخدم المفاوضات في تظاهرات 2011، و2015، و2016، وكانت نتائجها انهاء الاحتجاجات".
واكد سامي، ان الصدر، في اعتصامه المشهور في 2016، امام الخضراء، "تفاوض مع المتظاهرين وانقذ الحكومة والبرلمان".