نوزت شمدين
احتاج الرصيف الخارجي لجامعة الموصل المدمر كلياً بسبب الحرب إلى حُلم مقرونٍ بإرادة كبيرة ليتحول في سنة واحدة فقط إلى مكان يحتضن مهرجاناً ثقافياً مفتوحاً اجتازت أصداءهُ سريعاً نطاق المحلية ليقطف القائمون عليه ثمار جهدهم بحصول مشروعهم على أرفع جائزة عربية للعمل التطوعي لسنة 2019.
"رصيف الكتب" في الموصل كان مجرد فكرة طرأت على بال الشاب محمود كداوي، عبر عنها في كتاب لهُ صدر ووزع في المدينة بالتزامن مع انتهاء عمليات تحريرها من داعش، حمل عنوان (66 مشروعاً لنهضة الموصل) طرح فيه خططاً تطويرية لمختلف الجوانب الحياتية من أجل إعانة مجتمعه الذي خرج للتو من تحت ركام الحرب.
وتلخصت الفكرة في تأسيس شارع ثقافي يجتمع فيه المثقفون من كتاب وصحفيين وفنانين تشكيليين وموسيقيين ومصورين وناشطين مدنيين ومهتمين للمشاركة في فعاليات تقام عصر كل يوم جمعة، شيء أشبه ما يكون بشارع المتنبي في العاصمة بغداد وبديل فرضته الضرورة عن شارع النجيفي في الجانب الأيمن للمدينة والذي دُمر خلال العمليات العسكرية.
يستذكر كداوي ولادة المشروع قائلاً: "طرحته بعد نشره في الكتاب كمنشور في حسابيّ الخاص على الفيسبوك وسرعان ما حظي باهتمام كبير من مثقفين شبان متحمسين أخذوا يرشحون أماكن عديدة داخل الموصل لتنفيذه، وبعد مناقشات مستفيضة توصلوا إلى تسميته بـ(رصيف الكتب) ثم تطوع العديد منهم وشكلوا فريقاً تولى مهمة رفع الأنقاض وتلال القمامة من الرصيف وفي يوم 17 تشرين الثاني2017 أعلنوا بدء الأسبوع الثقافي الأول لرصيفهم الثقافي.
اكتظ المكان بأصحاب المكتبات والناشرين وبائعي الكتب والمثقفين والقراء والناس المدهوشين من الانتقالة الكبيرة بين زمني الحرب وأهوالها والسلام وفرص الأمل الذي يقدمه. ثم توالت الفعاليات والأنشطة الثقافية أسبوعاً بعد آخر وتنوعت بين جلسات حوارية ومعزوفات موسيقية وعروض مسرحية ومعارض وإعلان عن مسابقاتٍ في مختلف المجالات تفاعلت معها الاتحادات والنقابات العاملة ليتوج كل ذلك في مطلع كانون الأول/ ديسمبر بإعلان الجامعة العربية عن منح رصيف الكتب قلادة الأمير محمد بن فهد العالمية كأفضل عمل تطوعي في المنطقة العربية لسنة 2019 في الجانب التثقيفي الاجتماعي. ولفت محمد كداوي إلى أن قيمة الجائزة المالية خصصت لدعم أنشطة الرصيف الثقافية والجائزة بحد ذاتها شكلت حافزاً كبيراً لتقديم المزيد من الجهد لإحداث ثورة ثقافية حقيقية في عموم محافظة نينوى، القائمون على الرصيف شرعوا بتنفيذ مشاريع ملحقة تجعل من الكتاب يتجول في شوارع وأزقة الموصل بحثاً عن قراء من خلال مشروع أطلقوا عليه (أبو الكتب) ويتمثل بعربات صغيرة تملأ بالكتب والقرطاسية تشكل مكتبات جوالة تطوف أحياء المدينة السكنية وتتواجد قريباً من المدارس والجامعة.
اترك تعليقك