تكنولوجيا العالم الافتراضي تحيي مدينة الموصل القديمة داخل قاعة متحف بواشنطن

تكنولوجيا العالم الافتراضي تحيي مدينة الموصل القديمة داخل قاعة متحف بواشنطن

 ترجمة حامد احمد

تحت عنوان (Age Old Cities) أو المدن العتيقة، تقيم قاعة متحف آرثر أم ساكلر غاليري، للفنون جولة عبر عالم افتراضي ثلاثي الأبعاد

لمدن قديمة في الشرق الأوسط تعرضت للدمار على يد تنظيم داعش بمقدمتها مدينة الموصل القديمة في العراق التي تعرضت لدمار شامل تقريباً أثناء عمليات التحرير للفترة من 2014 الى 2017 .

وكطريقة لزيادة وعي العالم بما يصفه مدير متحف ساكلر في واشنطن، جيس روبنسون "الثمن الذي دفعه التراث مقابل الحرب" تقوم شاشات عملاقة في إحدى قاعات المتحف بعرض صور مجسمة ثلاثية الأبعاد تجعل الزائر يشعر وكأنه يتجول في أزقة المدينة القديمة ويطلع على المعالم التراثية فيها و الدمار الذي لحق بها بسبب تنظيم داعش .

وكان أول عرض مماثل ثلاثي الأبعاد لمشهد ، المدن العتيقة ، المتعلق بمدينة الموصل تستخدم فيه هذه التكنولوجيا الرقمية ، قد تم افتتاحه من قبل معهد العالم العربي في باريس وذلك في عام 2018 بالاشتراك مع منظمة التربية والعلوم والثقافة ، اليونسكو ، التابعة للأمم المتحدة . 

تقوم شاشات عملاقة بعرض صور ثلاثية الأبعاد تستمر لعدة دقائق تكشف مدى الدمار الذي لحق بهذه المدن القديمة، وتستند هذه المشاهد على آلاف الصور الرقمية التي التقطت للفترة مابين عام 2017 و 2018 عن طريق طائرات مسيرة أو من على الأرض ، فضلاً عن صور أرشيفية أخرى لبعض المواقع قبل تعرضها للتدمير .

وخلال الشاشات التي تعرض مشاهد مدينة الموصل القديمة تتنقل الكاميرا على نحو دوراني تقريباً منزلقة فوق البنايات المهدمة والعجلات المحروقة وأكوام الأنقاض التي تشكل حالة أغلب معالم المدينة تقريباً بعد تحريرها من قبضة مسلحي داعش .

جامع النوري الكبير ، الذي يعود تاريخ إنشائه للقرن الثاني عشر ، الشهير بمنارته الحدباء يظهر مجسماً في صورة ثلاثية الأبعاد وقد نسف على يد تنظيم داعش في العام 2017 . ثم تظهر لقطة شبحية أخرى ثلاثية الأبعاد للجامع وهو على هيأته قبل تدميره ، حيث تظهر جدرانه المقوسة الخارجية مع المنارة وهي تعلو بين الانقاض المترامية حوله.

وفي محاولة لنقل أهمية المواقع التراثية في المنطقة ليس كمعالم بارزة بل كثقافة حية فإن صور المدن القديمة تضمنت أيضاً لقاءات مع سكان محليين وعلماء آثار وكذلك فلم قصير عن النسيج المتعدد الثقافات للموصل .

وقالت ، أوريل كليمينت روز ، أمينة صالة العرض لمعهد العالم العربي " بالطبع نحن نتحدث عن تراث ، ولكن هناك أناس وراء هذا التراث وكذلك تساؤل عن الإرث الحضاري . عندما يتعرض جامع أو كنيسة للتدمير فلم يعد بمقدور الناس الذهاب الى هناك للتعبد . إنها ليست مجرد بنايات ."

هناك أيضاً فعالية منفصلة أخرى في قاعة المتحف تتخللها تجربة عيش عالم واقعي افتراضي لمدة ثلاث دقائق ، ويكون ذلك لمدة يوم واحد بالشهر ، حيث يتم خلالها نقل الزائرين الى خمسة مواقع بضمنها جامع النوري وكنيسة الساعة للرومان الكاثوليك في الموصل التي أحرقها تنظيم داعش ونهبها في العام 2016 .

بالإضافة الى مقاطع الفيديو ثلاثية الأبعاد ، يمكن للزوار أيضاً الدخول واستكشاف أطلال العديد من المعالم التي لحقت بها أضرار بالغة من خلال تقنيات الواقع الافتراضي بارتداء نظارات خاصة . يروي المعرض أيضاً قصص كل مدينة من البداية وحتى وضعها المعاصر.

بدأت فكرة المعرض منذ حوالي أربع سنوات ، عندما استشعرت رئاسة معهد العالم العربي القلق المتزايد من تصرفات مسلحي تنظيم داعش المتمثلة بتجريف وتفجير وتشويه الآثار الثقافية في الموصل وفي حلب في سوريا خلال الفترة من عام 2014 الى 2017 .

جاك لانغ ، مدير المعهد ، قال في حفل أقيم بمناسبة افتتاح المعرض في واشنطن العاصمة " هذا التراث ملك الجميع والحفاظ عليه مسؤولية الجميع." وقام المعهد أيضاً شراكة مع مؤسسة ، ايكونيم ، وهي شركة فرنسية متخصصة في التكنلوجيا الرقمية ثلاثية الأبعاد لمواقع التراث الثقافي المهددة بالاندثار . عملت هذه الشركة بالتعاون مع منظمة اليونسكو والحكومات الوطنية وغيرها من المنظمات لتوثيق التفاصيل المتضررة أو المهددة بالإندثار في أكثر من 20 دولة .

تستخدم تقنيات الشركة الطائرات المسيرة والأشخاص في التقاط آلاف الصور الرقمية من الجو والأرض . يتم تجميع كل تلك الصور رقمياً لتشكيل سحابة رقمية من نقاط يمكن تحويلها الى نسخ ثلاثية الأبعاد مطابقة للاصل يتم عرضها أو طباعتها .

تستفيد منظمة اليونسكو وغيرها من المنظمات من هذه الوثائق الرقمية في مشاريع مختلفة لإعادة بناء أجزاء من المدن والمعالم الأثرية مثلما يتم تطبيقه اليوم في إعادة إعمار جامع النوري الكبير والمنارة الحدباء فضلاً عن إعادة إعمار كنائس قديمة في الموصل تم تدميرها مثل كنيسة الساعة وكنيسة الطاهرة .

 عن الواشنطن بوست

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top