اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > شتات بين الذات والذات .. قراءة في مسرح ماكو وطن

شتات بين الذات والذات .. قراءة في مسرح ماكو وطن

نشر في: 30 مارس, 2020: 06:03 م

د.فاتن حسين ناجي

ينطوي الشّتات على صور متعددة، منها ذاتية ومنها مايطال المكون الجمعي ليتحول إلى أجزاء كل جزء يتكور حول ذاته ليشكل تكورات مشتتة بين الواحة والاخرى،

ظهر في الادب مع ظهور تيارات مابعد الكولينيالية ولو اننا نظرنا الى دراسة طوني بينيت ولورانس غروسبيرغ فانهم يصفون الشتات بالجماعات التي لاتشعر انها مقبولة قبولاً تاماً وانها مغتربة عن الثقافة المهيمنة لمجتمع الكثرة حيث لايشعرون انهم في وطنهم، لايشعرون باوطانهم تحتضنهم أو تحاول جذبها اليهم,

وهي رضى نفسية في تجربة التهميش والتمييز ليس على مستوى المواطنة بل هي تلك التحديات التي تخلق على اثرها صورة تعددية من الإنفصال الذاتي بين الوطن والفرد وبين الذات والذات عبر تهجين وتحول في ظل ظروف الاختلاف نفسها وهي إنفصال العودة الى جذور المرء , وفي المعنى مابعد الحديث للشتات تم فصم الرابطة العضوية بين الشعوب والأوطان بين تحولات الأوطان السياسية والاقتصادية والثقافية وبين انفصالية الافراد عن تطلعات أوطانهم لاسيما الأوطان العربية التي خلقت هوة عميقة بينه بين فرده .

وهنا لايجب ان نخلط المفهوم (مفهوم الشتات ) بين المهجر والمنفى والإغتراب بل هم مفهوم منفصل يتجاوز مفهوم المنفى أو أدب المهجر بل هو الفصم المتحقق بين الوطن الأم والفرد . فالتواصل والتعبير يحمل دلالات مختلفة ومتعددة وإن حملت تلك التواصلية جزء من الانفصام تحولت الى تشظي وذلك التشظي لايحمل سوى مركزية واحدة الا وهي الشتات فالدائرة مغلقة والسير يعود الى ذات نقطة الإنطلاق فعندما نغترب عن الوطن نغترب عن الذات وعندما تتشظى الذات تحول بينها وبين الإنسان ولاتغدوا الهالة الكبرى المحيطة سوى شتات عن الذات تقودها الدائرة المغلقة الى الاوطان الناكرة لافرادها .

ليست فقط الادب والفن الذي أصابه الشتات فالمسرح جعل منه تلك المغايرة التي ينطلق منها المسرحي من ذاته إلى الواقع فالمغايرة إمتلكت مؤثرات عصرية قوية وجذرية، ترتكز في الواقع السياسي المعاصر، وهو واقع لم يسبقه مثيل في صناعة الشتات الفكري وهذا أثر بشكل عام على كل المسرح وكتابه فنجد الشتات أصبح صورة فنية تحمل معها تلك الفوضى الجمالية التي تحيلنا الى تنظيم تقني حديث يسعى في حصر الخطاب المسرحي مع ما تعيشه الاوطان المحيطة من حالة تشظي شديدة، بالإضافة للتقسيم الداخلي العميق للفرد أصبح هنالك تقسيم خارجي زحف لشمل حتى المكون الفني والثقافي نجد في المسرح العراقي أغلب النصوص والعروض المسرحية تعبر عن ذلك الشتات الداخلي والخارجي للشخصية فهي أما أن ترفض واقعها فتتشتت بين التعددية او ان يرفضها واقعها فتبحث عن واقع اخر لايينتمي اليها فيتكون هنالك تشتتات مختلفه نجدها في المسرح العراقي بصورة مباشرة شتات الشخصية تبحث فيه عن ذاتها وعن وطنها في ظل صورة اغترابية مغايرة تارة ترفض هويتها وتارة تبحث لها عن وطن نجده في مسرح الاحتجاج ومسرح الثورة شباب تصرخ ب (ماكو وطن ) تلك الشباب قدمت لنا مسرح في قلب الحدث مسرح يبحث عن هوية لشخصياته اصوات تصرخ أين وطننا وفي الضفة الاخرى أصوات القمع التي تقول: وطنكم لنا وليس لكم تلك هي البؤرة التي ينتمي اليها الشتات عندما نجد ان اوطاننا لغيرنا لابد لنا ان نتشتت وان تبحث ذواتنا عن ذواتنا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. حسام الدين مسعد

    رائع يا دكتوره لمحة هامه جدا تعبر عن الكتابات والنصوص التي يتناولها مسرح الشارع في وطننا العربي بيد أن هذا الشتات قد انتقل من الكتابة الي الرؤية الاخراجيه لأن الفنان لا ينفصل عن قضاياه وقضية الشتات واقع عربي يبحث فيه الإنسان العربي عن ذاته

ملحق معرض اربيل

مقالات ذات صلة

16-04-2024

التّجديدات مابعد الحداثيّة

لطفية الدليميأحدثت الطاقة الجديدة لرواية (الكومنولث Commonwealth) مفارقة صارخة مع ماكان يُوصف بلحظة (النضوب الأدبي)؛ ففي دول الكومنولث بدأ الكُتّاب يوظفون تجاربهم ويعتمدونها مصدراً لأشكال إبتكارية جديدة من الكتابة - الكتابة التي ستعمل في المقابل على تدعيم التغير الثقافي المطلوب في الوقت الذي واجه فيه الكُتاب خارج منطقة الكومنولث إحساساً عميقاً باللاجدوى وإستنفاد الغرض من […]
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram