التشكيلة الرأسمالية العالمية والنزعة الوطنية

آراء وأفكار 2020/04/14 06:27:54 م

التشكيلة الرأسمالية العالمية والنزعة الوطنية

 لطفي حاتم

اثارت التغيرات التي أحدثها انتشار مرض كرونا العابر للحدود الوطنية الكثير من القضايا الفكرية التي خف رنينها في الفترة الأخيرة بسبب الضجيج الذي اثاره (انتصار) الرأسمالية العالمية واعتمادها أسلوبا وحيداً للتطور الانساني، وبهذا الإطار نتوقف عند بعض الدالات السياسية – الفكرية بعد أن عجزت الدول الرأسمالية المتسيدة عن الحد من انتشار مرض كرونا الذي تحول الى جائحة عالمية.

- إذا ابعدنا مفاهيم المؤامرة التي اعتمدها بعض الكتاب في تحليلاتهم السياسية- الفكرية 

نتوقف عند حزمة من الموضوعات الهامة الناتجة عن الازمة الدولية الراهنة يتقدمها –

أولاً-- انتشار كورونا العابر للحدود الوطنية أدى الى تراجع التجارة العالمية وتدني المبادلات التجارية الدولية بسبب غلق المصانع والحدود بين الدول وما نتج عنه من اتساع نسبة البطالة في صفوف القوى المنتجة وما اشره ذلك من دخول العالم في أزمة اقتصادية عامة. 

ثانيا –أدت الجائحة المرضية العالمية الى تفكك وحدة الدول الرأسمالية وتعاونها المشترك بسبب عجزها عن التصدي لتلك المأساة الإنسانية.

ثالثاً – تدني قدرة الولايات المتحدة الامريكية على مكافحة الجائحة المرضية الدولية ومحاولتها شراء الجهود الطبية من دول أوروبية أخرى.

رابعاً-- انعدام التضامن الدولي في مواجهة الجائحة الدولية فضلا عن تمسك دول المراكز الرأسمالية بالعقوبات الاقتصادية ضد الدول (المتمردة) رغم طابعها المتوحش .

خامساً—أكدت الازمة المرضية الدولية افضلية الاشتراكية كتشكيلة اجتماعية – اقتصادية وما نتج عنها من حماية لشعوبها وهذا ما عكسته الصين من خلال تعاون شعوبها مع قيادة الدولة في التصدي لجائحة كورونا العابرة للحدود الوطنية. 

سادساً -- الطابع الاممي للاشتراكية كتشكيلة اقتصادية – اجتماعية استناداً لمساعدتها دول اخرى بهدف الوقوف بوجه المحنة الدولية وهذا ما أكدته السياسة الصينية بتعاونها المشترك مع الدول الوطنية للتصدي للأمراض العابرة للحدود الوطنية.

سابعاً—تعزز الروح الوطنية الروسية ودفاعها عن مصالح مكوناتها الطبقية واستثمار وحدتها في التصدي لتلك المحنة الدولية وشد دولتها لحماية شعوب الدولة الاتحادية. 

ثامناً-- عجز الدول الوطنية عن التصدي بمفردها لجائحة كرونا حيث جرى اهمالها وعدم مساعدتها من قبل الدول الرأسمالية المتطورة لمواجهة المرض الوافد لأراضيها. 

ان المحنة الدولية الجديدة تحث دول العالم على بناء علاقات وطنية – دولية مبنية على التعاون والمساعدة المتبادلة لمواجهة الكوارث الطبيعية وتفشي الاوبئة في دول التشكيلة الدولية الرأسمالية العالمية.

- المحنة الدولية التي تعيشها دول العالم وشعوبها تزيد من المسؤولية الإنسانية والوطنية لدى قادة هذه الدول إزاء شعوبها وقواها المنتجة وتجبرها على التعاون المشترك وعدم الاعتماد على قواها الوطنية المنفردة. 

الموضوعات والملاحظات السريعة تدعونا الى التوقف عند اوضاع بلادنا الداخلية التي هي الأخرى تمر بمشاكل وطنية كثيرة يتصدرها عجز القوى الهامشية النافذة عن تشكيل حكومة وطنية ديمقراطية قادرة على مواجهة الكارثة الإنسانية التي نعيشها.

- اعتماد على الموضوعات السياسية المشار اليها لابد لنا من التوقف عند بعض الموضوعات الكابحة لتطور الوضع السياسي في الدولة العراقية ومنها--

1 - مراوحة الوضع السياسي المتسم بالاضطراب في بلادنا وعدم تشكيل حكومة وطنية يشير الى عجز القوى الطائفية في بناء دولة وطنية- ديمقراطية.

2- ميل بعض القوى السياسية الطائفية الى التغاضي عن مصير البلاد السياسي – الاجتماعي وتلويحها باستخدام الميلشيا العسكرية لحماية توجهاتها السياسية. 

3- العجز في تشكيل حكومة وطنية – ديمقراطية يقود الدولة العراقية الى تفكيك دولتها السياسية وتراجع مكونات تشكيلتها الاجتماعية وما ينتجه ذلك من ممهدات لنزاعات أهلية. 

4- مواجهة الأوبئة الوافدة الى الدولة العراقية تشترط بناء نظام سياسي وطني - ديمقراطي يستند الى الوحدة الوطنية والتخلي عن الروح الطائفية والوصاية الإقليمية. 

5- تشكيل حكومة وطنية ديمقراطية قادرة على مواجهة المصاعب الوطنية والجائحة المرضية بعيدا عن روح الهيمنة الطائفية والتحالفات الدولية المناهضة لمصالح البلاد الوطنية.

ان الملاحظات المشار اليها تشترطها المهام الوطنية الراهنة باعتبارها مهام أساسية في بناء الدولة الوطنية الحافظة لمصائر الناس وصحتهم ومستقبلهم وبهذا المنحى تصبح الرؤى الفكرية الخلافية مصدرا للوحدة الوطنية المبنية على الديمقراطية وتوازن المصالح الطبقية وعدم الركون الى الاحتماء بالقوى الخارجية.

ان المحنة الدولية التي يعيشها عالمنا المعاصر كفيلة برص الوحدة الوطنية لمواجهة المشاكل الصحية لبلادنا بعيدا عن المكاسب الحزبية والروح الفئوية واعتبار صيانة البلاد والناس أساسا لوحدة البلاد الوطنية وما يتطلبه ذلك من:-

أولا- الإسراع بتشكيل الحكومة العراقية المؤقتة بعيدا عن الموازنة الطائفية والهادفة الى صيانة البلاد الوطنية.

ثانيا - حل الفصائل الشعبية المسلحة ووضعها تحت قيادة المؤسسة العسكرية وابعاد الأخيرة عن المشاركة في النزاعات السياسية. 

ثالثاً - اعتماد الشرعية الديمقراطية والبرامج الاقتصادية - الاجتماعية للأحزاب الوطنية الديمقراطية اساساً لبناء الحكومة العراقية المنتخبة.

رابعاً- ارتكاز النظام السياسي وسلطته الوطنية - الديمقراطية على موازنة المصالح الوطنية – الطبقية وعدم الركون الى المصالح الفئوية الهادفة الى السيادة الحزبية. 

خامساً- الاهتمام بهموم الناس المعيشية والصحية وتطمينهم على مستقبلهم المعيشي والصحي في ظروف الازمة الصحية العالمية.

رابعاً- بناء علاقات دولية مبنية على صيانة المصالح الوطنية واحترام سيادة البلاد الوطنية وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. 

ان الموضوعات الفكرية – السياسية المثارة كفيلة بحشد الجهود الوطنية لمواجهة جائحة العصر ووضع البلاد على طريق التطور السلمي الهادف الى بناء الدولة الوطنية الديمقراطية وتلبية حاجات تشكيلتها الاجتماعية.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top