مصارحة حرة: وردة كار وتصويت أيار

اياد الصالحي 2020/05/09 09:02:23 م

مصارحة حرة: وردة كار وتصويت أيار

 إياد الصالحي

لم تشهد الرياضة العراقية قدرًا كبيرًا من التناقضات مثلما شهدتها أمسية الأربعاء السادس من أيار 2020 التي تمّ فيها التصويت على تسلّم الكابتن عدنان درجال منصب وزير الشباب والرياضة وهي المرة الأولى للاعب كرة قدم يحظى بثقة السياسة عبر تاريخ البلد ليحمِل حقيبة ذات أهمية بالغة للوسط الشبابي في ظلّ مرحلة حرجة غير مأمونة العواقب!

تناقضات طبائِع الناس في قبول الآخر ورفضه أوجزها الكاتب الفرنسي ألفونس كار بكلمات يمكن أن تعبّر عن حالة من هذا النوع حيث قال "إن كنتَ تشكو من إحاطة الورد بالأشواك.. فأنا أشكرها لأنها منحتني وردًا" لكل منّا رأيه غير المُلزم للآخر، شريطة أن نتطابق في معيار الصدق والمنطق وحُسن النية والهدف، وهي زوايا رئيسة تُحدّد شخصية الناقد عند النظر اليه في مرآة التقييم.

تصويت 6 أيار فضح بلا أدنى شك مرارة الولاءات الشخصية في الوسط الرياضي غير المرتبطة بمبرّرات مهنية مثل الكفاءة والخبرة والاتزان والثقة والتجربة للمفاضلة بين المؤهلين للمنصب، بل دوافعها التحريض على الكراهية والتعصّب والغيرة حتى وصل الحقد لدى البعض أنه لا يطيق سماع أسم صاحب القضية وكأنه مجهول السيرة، والله عز وجل قال في محكم كتابه (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُ‌هُمْ أَكْبَرُ‌).

اسماء مثل حسين سعيد وعدنان درجال واحمد راضي وشرار حيدر كانوا سفراء كبار للكرة العراقية، وقدّموا أنفسهم للإعلام والجمهور محليًا ودوليًا بكل فخر، وطووا صفحة الملاعب منذ زمن طويل، وخاضوا تجارب متنوّعة في العمل الإداري، اجتهدوا عمليًا بحكم الفرص التي توفرت لهم ما بعد عام 2003، وتباينت نسب النجاح والاخفاق حسب حجوم المهام التي لم تخرج عن حدود اللجنة البرلمانية والأولمبية والاتحاد والنادي، لكن مسك حقيبة وزارة الشباب والرياضة هي التجربة الأصعب والأكثر مغامرة في مشاوير نجوم الكرة وتتطلّب الحذر من المبالغة في التفاؤل.

من السذاجة أن تقتصر ردود الافعال عقب أمسية التصويت على التهليل والتنكيل، التضافر والتناحر، الوئام والخصام، وغيرها من المواقف الغريبة مثلما راح أحد موظفي الأولمبية بموقع متقدّم يواسي نجمًا بمقال يصلح لقراءته في نهاية فيلم (الأخوة الأعداء) وهو يؤكد له انتصاره وفقًا لقاعدة معارضته نظامًا رياضيًا سلطويًا مات قبل 17 عامًا وليس على أساس مدى قدرته في معارضة ومحاسبة نظام رياضي تكبّله شبهات الفساد منذ 17 عامًا، مع أن هذا النجم أكد مرارًا أنه لم يتلق اتصالًا من أية جهة سياسية رامتْ ترشيحه للوزارة، وأنه ينام ويصحو على أخبار إعلامية لا تستند الى الحقيقة يؤلّفها بعض مريديه.

أدرك شخصيًا قمّة "الطموح" الذي ظلّ عدنان درجال كاسرًا رقبته في التطلّع اليه طويلًا قبيل خوضه مغامرة التحدّي بإزاحة مجلس إدارة اتحاد كرة القدم بعد عام من انتخابه في أيار 2018، فقد كان موعودًا مع نفسه أن يكون أيار 2020 بداية الصعود نحو تلك القمة لاستهداف شريحة الشباب بصلاحيات واسعة تنتشلهم من قاع الضياع وظُلمة اللاوعي، فقد مرّ خمسة وزراء تباين اهتمام كل منهم بقطاع الشباب، لكنهم سلّموا الحقيبة ذاتها وهم غير راضين بعدما سرقت كرة القدم جُّل أوقاتهم في إنشاء ملاعبها والتورّط في أزماتها والتنافر معها في المحاكم والتقارب في معالم الأحداث الخليجية والقارية والدولية! 

ألا يكفي مهرجان التراشق في مواقع السوشيال، والتسابق في مدح وقدح عدنان درجال؟ متى يعي البعض دوره الرقابي المهني حول برامج الوزارة "ما أنجز منها وما ينتظر" كيف ينجح الوزير الجديد في أداء مسؤولياته الكبيرة ولم يسبق أن جُرّبَ في مفصل صغير ضمن قطاع الرياضة باستثناء السنين الثلاث في أمانة سر اتحاد الكرة مطلع تسعينيات القرن الماضي، ثم أي الملفات الأخطر تهديدًا لمصلحة الشباب والرياضة وعجز أسلافه عن إغلاقها بإجراءات حاسمة، هل تسعفه الاشهر الستة منذ استيزاره لبناء الثقة مع اللجنة الأولمبية الوطنية والاتحادات في ظلّ التمرّد ضد القرار 140 وما نتج عنه من تهاون في عدم الانصياع للقضاء العراقي وتسويف إجراء انتخابات المكتب التنفيذي؟

وأخيرًا هل سيقاوم (سد دوكان) محاولات التخريب العَمد التي واجهها سلفه من مناوئين لإصلاحات تنظيم العلاقة الإدارية والمالية بين المؤسسات الرياضية، أم سينهار في أول اختبار يسعى فيه المتضرّرون إلى استعادة تدفّق شرعيتهم عبر المنفذ الدولي مثلما كانوا يراهنون قبل شباط 2019؟!

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top