تنسيقيات تشرين تقترب من تعليق التظاهرات:   أياد حزبية  أججت الساحات

تنسيقيات تشرين تقترب من تعليق التظاهرات: أياد حزبية أججت الساحات

 بغداد/ المدى

فيما كان رئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي يتجول داخل هيئة التقاعد في بغداد، سيطر متظاهرون على نصف جسر الجمهورية، وسط العاصمة بغداد.

كذلك قادت الكوت (مركز محافظة واسط)، هذه المرة الموجة الثالثة من التظاهرات، بعد توقف دام اكثر من شهرين بسبب تقشي وباء "كورونا"، فيما احرق محتجون في المدينة مقار تابعة لأحزاب. في صباح امس، اصدر محتجون في الكوت بيانا تحت اسم "ساعة الصفر"، لإسقاط "نظام المحاصصة الفاسد". وبسرعة استجاب المحتجون في بغداد لبيان واسط، وفي منتصف نهار امس، كان المتظاهرون قد اسقطوا الجدار الكونكريتي لمكافحة الشغب على جسر الجمهورية، الفاصل بين المتظاهرين والقوات الامنية.

حزمة قرارات 

جاءت الموجة الجديدة للتظاهرات، في وقت اعلن فيه القضاء اطلاق سراح المعتقلين من المتظاهرين بعد طلب من الكاظمي، الذي وعد بتشكيل لجنة لتقصي حقائق عن احداث العنف خلال احتجاجات تشرين. وقال بيان لمجلس القضاء الأعلى إنه "سبق وأن وجه قضاة التحقيق بإطلاق سراح من يتم القبض عليه عن موضوع التظاهر، باعتبار أن التظاهرات حق مكفول بموجب المادة 38 من الدستور"، مبينًا ان الافراج مقيد بشرط أن "لا يقترن بفعل مخالف للقانون ضد مؤسسات الدولة أو ضد الأشخاص". واطلق رئيس الوزراء الجديد، قبل ساعات من استئناف الاحتجاجات، حزمة من القرارات، منها منع استخدام العنف ضد المتظاهرين، وعدم التساهل مع عمليات الخطف، كما قرر اعادة الفريق عبد الوهاب الساعدي على رأس مكافحة الارهاب.

وتسلم الكاظمي رسميًا المسؤولية والحقائب الوزارية من سابقه عادل عبد المهدي في 8 أيار الجاري، وتعهد بأن تعمل حكومته على تأمين سبل الحياة الكريمة للعراقيين.

انقسام المحتجين 

مقابل ذلك انقسم المتظاهرون الى فريقين، فريق دعا الى امهال الحكومة الجديدة وقتا اطول لتحقيق المطالب، مقابل فريق آخر اعلن استعادة "الثورة" واطلاق بيانات حول نهاية النظام الحزبي في البلاد ومحاسبة قتلة المتظاهرين.

وقال ابو شجاع، وهو ناشط معروف في الكوت في بيان تلاه امام متظاهرين في المدينة، امس، ان "ثوار واسط" اعلنوا "ساعة الصفر برفض حكومة الكاظمي واسقاط نظام المحاصصة الفاسد".

الكوت، وهي اقل المدن التي شهدت تظاهرات في الاشهر الماضية، كانت قد دعت قبل اسبوع الى استئناف الاحتجاجات في 10 ايار (امس)، اذا لم تقدم الحكومة فورا، قتلة المتظاهرين الى المحاكم. ويعترف رئيس الجمهورية برهم صالح، ومنظمة العفو الدولية، بسقوط نحو 600 قتيل منذ اندلاع التظاهرات قبل 7 اشهر، فيما تقول منظمات حقوقية عراقية ان عدد القتلى يتجاوز الـ700 الى جانب أكثر من 20 الف جريح.

جمال سعدون، احد الناشطين في العاصمة، يقول لـ(المدى) انه كان من المخطط ان "تجتمع تنسيقيات من بغداد مع مثيلاتها في الكوت نهاية الاسبوع الماضي، للتحضير للخطوات القادمة في حركة الاحتجاجات، لكنه لم يحصل".

قبل ذلك الاجتماع، كانت الخطوط العريضة لاستئناف الاحتجاجات، تدور حول الاستمرار بالضغط على الحكومة الجديدة لاجراء انتخابات مبكرة، ومراقبة اداء الوزراء، بالاضافة الى كشف قتلة المتظاهرين.

يضيف سعدون: "في الساعات الاخيرة قبل الاجتماع اكتشفنا وجود اياد حزبية وراء عودة التظاهرات، وان دعوات الكوت كان وراءها صراع على منصب المحافظ الذي شغله محمد المياحي التابع لتيار الحكمة". بعد فشل الاجتماع، قررت اغلب التنسيقيات في بغداد، ان تؤجل اطلاق التظاهرات حتى حزيران المقبل، على امل انحسار وباء "كورونا".

وسارعت الكوت الى احراق بعض المقار الحزبية التابعة لمنظمة بدر ومنزل النائب عن العصائب سعد الميالي، كما انطلقت في الناصرية وكربلاء وبابل تظاهرات منددة بنظام المحاصصة. وبدأ متظاهرون في بغداد، في ساعات الصباح الاولى من امس، بالوصول الى ساحة التحرير، وسط العاصمة، فيما كان الكاظمي يحاول معالجة تأخر اطلاق رواتب المتقاعدين بزيارة الى هيئة التقاعد.

سقطت الحكومة !

الناشط ابو شجاع الذي يصف في بيانه بان له اجندة سياسية، اضاف انه "ابتداءً من اليوم سقطت الحكومة المحلية في واسط، حكومة القتل والفساد واللصوص"، مضيفا "سوف لن تروا بعد اليوم الوجوه الكالحة البائسة لمحمد المياحي (المحافظ الحالي) وعادل الزركاني، ورشيد البديري (نائبي المياحي)".

المياحي الذي عين محافظا لواسط في 2018، كان قد عاد الى منصبه بعد شهرين من عزله من قبل مجلس المحافظة في نهاية 2019، فيما تشهد المحافظ صراعا بين عدة احزاب للحصول على المنصب.

بالمقابل يقول منسقو الاحتجاجات في بغداد لـ(المدى) ان عودة الاحتجاجات الان "لا تخلو من جوانب سياسية وصراعات ليس فقط على مناصب المحافظين وانما على التوزيع الجديد للوظائف في حكومة الكاظمي".

وعلى هذا الاساس يؤكد المنسقون ان "هناك مبادرة ستنطلق قريبا من المتظاهرين بايقاف التظاهرات بشكل مؤقت، لحين تنفيذ مطالب المحتجين، بعد ان اوصلنا للحكومة الجديدة رسالة باننا لن نتخلى عن مطلب كشف القتلة وازاحة نظام المحاصصة".

ووفقًا لمسؤول أمني رفيع، في قيادة عمليات بغداد، فإن "الكاظمي وجه القائمين على أمن ساحات التظاهر بتجنب أي صدام مع المتظاهرين، والعمل على توفير الحماية الكافية للساحات من أي مجاميع مسلحة أو جهات خارجة عن القانون تحاول التصادم أو تنفيذ اعتداءات على المتظاهرين المعتصمين داخل الخيم في تلك الساحات، فضلًا عن منع تنفيذ عمليات الاعتقال"، مبينًا أن "التوجيه تسلمته القيادات الأمنية المتواجدة على مقربة من الساحات في عموم المحافظات".

وأكد أنّ "القيادات الأمنية سحبت بنادق الصيد من العناصر الأمنية، واستبدلت أعدادًا من عناصرها بعناصر جديدة تكون أكثر التزامًا بالتوجيهات"، مشيرًا إلى أنه "من المتوقع أن يكون هناك قرار رسمي قريب للكاظمي بشأن التعامل مع ساحات التظاهر". وعبّر ناشطون عن تفاؤلهم، بأن يكون هناك تغير في التعاطي مع ملف التظاهرات السلمية. وقال الناشط، ماهر العامري، إن "ساحات التظاهر أصبحت مسرحًا لأعمال العنف المختلفة خلال فترة حكومة عبد المهدي، وأن عناصر الأمن تحولوا إلى شبه عصابات لا تعرف إلا أن تتعامل بالعنف المفرط والسعي لتفريق التظاهرات بالقوة"، مبينًا أن "العنف الأمني امتد حتى آخر يوم من عمر حكومة عبد المهدي، وقد تم اثناء جلسة منح الثقة لحكومة الكاظمي ممارسة العنف ونفذت حملات اعتقال طالت عددًا من المتظاهرين لا سيما في محافظة المثنى".

وقال العامري "تلمسنا تغيرًا في تعامل عناصر الأمن القريبة من المتظاهرين، على ما يبدو فإن تلك العناصر بدأت تتخوف من تطبيق القانون عليها في حال ارتكبت أي انتهاك واعتداء ضد المتظاهرين، خاصة مع غياب الجهات التي كانت تدعمها"، مشيرًا إلى أن "حكومة عبد المهدي كانت توفر الحماية لعناصر الأمن والمليشيات من المساءلة القانونية، ولم توفر الأمن لساحات التظاهر".

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top