علي رياح
افتقدتُ على مدى طويل لغة التحاور بين النجوم في برامجنا الرياضية ، حتى ظهر النجمان أحمد راضي وأكرم عمانوئيل مع الزميل طه أبو رغيف في أمسيته الرمضانية وفرضا منطقاً للغة التخاطب بين (الكبار) في كرة القدم ..
لغة تشبه العملة الجيدة التي تطرد ، ويجب أن تطرد العملة الرديئة التي لا شغل لها سوى النبش في مساوئ الآخرين ، وتسقـّط أخطائهم ، وهو ما أظهر وسطنا الكروي لعامة الناس بأنه وسط تكثر فيه المحاور والخنادق ، وتعلو فيه لهجة التربّص بين مشاهير اللعبة!
أعجبني الحوار بين راضي وعمانوئيل لأسباب عدة تجلت لمن كان يتابع ويشاهد ، غير أن الميزة الأهم التي لم تكن غريبة عليَّ شخصياً بحكم صداقتي الوطيدة للنجمين ، أنهما احتفظا بالود كل هذا الزمن برغم هذه الندية الشديدة التي تتجلى فيها لقاءات القطبين الزوراء والقوة الجوية ، وللحق فإن الحقبة التسعينية من المسابقات المحلية مثلتْ الذروة في هذه الندية وهو ما رسّخَ بالتالي ظاهرة ثنائية النوارس - الصقور ، لكن الفريقين وفي ذروة تلك الحقبة التنافسية لم يصلا إلى لهجة متدنية في الحوار .. تنافس نعم .. حرص على الفوز بكل السبل المشروعة المتاحة ، صحيح .. لكن لا تجريح أبداً عندما يُطلق اللاعبون ألسنتهم للحديث عن أجواء المنافسة وخصوصا قبل أو بعد المواجهات المثيرة التي كانت ترسم أروع ما في الموسم!
قبل خمس سنوات ، التقيت الصقر الجوي أكرم عمانوئيل في العاصمة الاسترالية سيدني حيث يقيم ، وكان يطرح كثيراً من الأسئلة عن الجو الكروي في العراق ، كانت كلماته تقطر حنيناً وحباً ، ولكنه أيضاً كان منصفاً للزوراء والشرطة والطلبة حين كان يتحدث عن معشوقه (القوة الجوية) .. ولهذا لم استغرب أبداً أن يحمل اللقاء الأخير وداً ظل صامداً وراسخاً بين نجوم تلك الفترة وغيرها من الفترات!
وفي مناسبة الحديث عن النجومية في كرة القدم ، اتوقف عند السؤال الذي يحاصرني بين حين وآخر .. سؤال يرد من الأصدقاء عن النجم الذي أراه (الأفضل) في تاريخ الكرة العراقية ، وسؤال آخر عن نجمي (المفضل) !
وليس في السؤالين غرابة ، بل إن الغريب ألا يكون لديك نجم في كرة القدم تحبه ، أو تعشق أداءه ، أو لا ترى نظيراً له بعين المحب ، أو تجده الأفضل حين تتم المقارنة بين من جايله أو من لعب في موقعه .. ولكن السؤال الذي طرحه صديق عزيز قبل يومين عمّن هو الأفضل بين هؤلاء .. (عبد كاظم – رعد حمودي – ليث حسين – إبراهيم علي – يونس محمود) .. هذا السؤال يحمل غرابة لأنه يمزج بين أسماء وأجيال واختصاصات لا يمكن الخوض فيها خلال نصف دقيقة لكي تعطي إجابة مقنعة بالنسبة لك قبل أن تكون للآخرين!
اعتبرت هذا السؤال بالذات غريباً وأن صاحبه ليس جاداً ، فالمزحة من وجهة نظري أن تضع عنترة وطارق بن زياد ومونتغمري في زاوية واحدة وتطلب الإجابة عمّن هو الأفضل بينهم في الحروب العسكرية!
لكنني ، وفي منتهى الصراحة والوضوح اختصرت الإجابة بالقول إن أحمد راضي هو النجم الأفضل في تاريخ الكرة العراقية وفقاً لما رأيت بأم العين ، وقد منحته صوتي في استفتاء لاعب القرن عام 2000 ، كما صوتت له النسبة الغالبة من الزملاء في اجتماع لجنة المحررين الرياضيين ، قبل أن يأتي (قرار) بقسمة لقب لاعب القرن بين أحمد راضي وحسين سعيد!
أما لاعبي المفضل شخصياً ، فأقـُسمُ أنهم لاعبون كثيرون ، وإذا كان لا بدّ من اختيار لاعب واحد ، فهو النجم الكبير دوكلص عزيز الذي عشقت أداءه وأنا صغير ، ولم أجد له نظيراً في مواصفاته حتى يومنا هذا .. ومعذرة لمن لم يستمتع يوماً بأداء هذا اللاعب من أجيال أعقبت اعتزاله ، وقد يجد في رأيي قليلاً أو كثيراً من الغرابة!