35 عاملاً كفوءاً ينتظر الراتب.. ورئيسهم يفتقد جرّة القلم.. واستثناء الكرة بقرار وزاري!

35 عاملاً كفوءاً ينتظر الراتب.. ورئيسهم يفتقد جرّة القلم.. واستثناء الكرة بقرار وزاري!

متقاعدو الأولمبية ضحايا إصلاح الحكومة للمال الرياضي السائب

 بغداد/ إياد الصالحي

أغلى رأس مال الإنسان هو احترامه لنفسه إذا ما وَعد وعدلهِ لرعيّته دون أن يستبد، لم أجد وصفاً كهذا يتطابق مع محنة 35 متقاعداً تمزّق القلب وهم يمثّلون عصب الحياة في اللجنة الأولمبية الوطنية

بحكم خبراتهم الكبيرة وترأسهم أهم الأقسام فيها وديمومة خدماتهم لها منذ عام 2003 حتى الآن دون انقطاع أو استسلام لمحاولات استفزازهم الناجمة عن صراعات مؤسّستهم مع وزارة الشباب والرياضة في حقب مختلفة دفعوا أثماناً باهظة كان آخرها توقيف رواتبهم الشهرية منذ تسعة أشهر بإجراء مُبهم ليته شملَ الجميع، فالحزن لفّ أغلبهم ولا قدرة لهم على التصرّف.. والعجب العُجاب من كان قريباً من الرئيس سَعِدَ وطاب!

ثلّة من أفضل الملاكات العاملة في شؤون الإدارة والقانون والمالية وغيرها من التخصّصات التي تستلزم الخبرة والكفاءة لتمشية متطلبات العمل الأولمبي منذ عام 2003 حتى الآن، لم يدخلوا من شبابيك الوساطة مثلما تم تعيين عديد الموظفين في اللجنة الأولمبية بجرّة قلم رئيسها لقربهم من متنفذين فيها بعيداً عن الضوابط أو شرط امتلاك الشهادة المؤهّلة والمطابقة للتخصّص، هُم (المتقاعدون) عُيّنوا بموجب كتب رسمية ضمن صلاحية رئيس اللجنة الأولمبية نظّمت عقوداً تُلزم الطرفين الحقوق والواجبات، ولا يوجد أي قرار أو قانون يمنع حصولهم على الراتب من اللجنة الأولمبية كون الأخيرة مؤسسة مستقلة غير حكومية كأي شركة يحكمها نظام مستقل إداري ومالي ويديرها موظفون غير حكوميين.

العاملون في اللجنة الأولمبية الوطنية واتحاداتها يعتاشون على رواتب تقاعدية وفقاً لنظام الراتب القديم من دائرة التقاعد، ووجدوا في عقودهم مع الأولمبية (خبرتهم مقابل الراتب الجيد) فرصة لتحسين الدخل في ظل الظروف العصيبة التي لم تزل تؤرق العراقيين حيال حاضرهم ومستقبلهم وسعيهم لـتأمين مورد إضافي يسعفهم في مواجهة عارض صحي أو دفع إيجار أو تغطية تكاليف دراسة الأبناء في الجامعات وغيرها.

ضحية الإصلاح

ما حصل أن المتقاعدين وقعوا ضحية ثورة الإصلاح الحكومية في مؤسستهم وسقطوا في حسابات خاطئة لمسؤولي لجنة تنفيذ القرار 60 والمعدل بـ140 لسنة 2019 حيث تم إيقاف رواتب جميع موظفي اللجنة الأولمبية لمدة طويلة ما بعد انتخابات المكتب التنفيذي في 15-16 شباط العام نفسه والتي أبطلت لاحقاً في أعقاب توجه وزير الشباب والرياضة السابق د.أحمد رياض الى القضاء بدفوعات تستند الى موجبات عدم اعتراف الحكومة بالأولمبية نفسها كونها كيان منحل، وسبق أن أعلنت المحكمة الاتحادية العليا في 11 شباط 2018 عن )إمكانية إعادة تأسيس اللجنة الأولمبية وفق أطر جديدة تتماشى مع النهج الديمقراطي الذي سلكه العراق بعد سقوط النظام السابق، ووفق أحكام الميثاق الأولمبي العالمي( بحسب ما جاء في بيان المحكمة.)

راتب منقوص!

الغريب أن المتقاعدين العاملين في اللجنة الأولمبية منحوا رواتب ثلاثة أشهر كاملة على ورقة استلام الراتب ومنقوصة نصفها عداً ونقداً، فمن كان راتبه مليون و200 ألف دينار استلم 600 ألف دينار فقط، ثم توقف تسليم الرواتب منذ تسعة أشهر حتى الآن بالرغم من انفراج أزمة موظفي الأولمبية، وما يثير مكابدة المتقاعدين أنهم يواصلون العمل مجاناً دون انقطاع بانتظار الحل الذي تأخّر بسبب حالة الجمود التي تمر به اللجنة الأولمبية وعدم وجود صلاحية لرئيسها في توقيع كتاب أو منح الأموال بعيد إبطال انتخابات 2019 بقرار قضائي، الأمر الذي دفعهم لطرق باب الإعلام علّه يرفع مظلوميتهم إلى من يعنيهم الأمر في السلطة التنفيذية للدولة العراقية ولم يفكروا قط بالشكوى لدى القضاء لمحاسبة كل من أسهم في تضرّرهم مادياً ومعنوياً إكراماً لبيتهم الثاني الذي آوى خبراتهم وأكلوا وشربوا تحت سقفه، وضحكوا لمناسبات جميلة وبكوا رجالاً كانوا برفقتهم غادروا الدنيا بحلوها ومرّها.

كيف تسنّى لرئيس لجنة القرار عصام الديوان وخلفه أكرم عطوان إيقاف رواتب المتقاعدين ولم تقع بين يديهما أية وثيقة رسمية تحظر صرف الرواتب لهم؟ وسبق لعطوان أن أكد في تصريح رسمي بتاريخ 11 حزيران 2019 (عدم شمول موظفي اللجنة الأولمبية ممّن يتقاضون رواتب من جهات أخرى، بإطلاق رواتبهم بناءً على نظام ديوان الرقابة المالية الذي يمنع ازدواجية صرف الرواتب والمخصّصة في قانون الموازنة العامة الاتحادية لعام 2019) ويضيف أنه (تم مفاتحة الدائرة القانونية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء لغرض البت بالموضوع وأخذ القرار النهائي بشأنه للنظر بإمكانية الصرف من عدمه ، غير أن الجواب لم يأت)!

جنبةٌ مالية

إن كان هذا الأمر سارياً، ليخرج أي مسؤول ذو صلة بالموضوع ويوضح لماذا يقع المتقاعدون ضحية سياسة الصراع الوزاري - الأولمبي لفرض إرادة الحكومة من جهة وتكريس استقلالية المنظمة المجتمعية المعتمدة دولياً من جهة أخرى، وكيف تستمر الاختلافات والمزايدات بين أشخاص أساءوا للرياضة العراقية ويتقاضى بعضهم أكثر من راتب، ثم أية عدالة هذه أن تعاد رواتب مسؤولي مفاصل مهمة في الأولمبية كانوا مشمولين في الحظر؟ الطريف أن أحد المتقاعدين رأى في استلام نظرائه المتعاقدين مع اتحاد كرة القدم رواتبهم كاملة أنهم محصّنين من الفيفا !! وعند تحريّ كاتب السطور عن هذه المعلومة تبيّن أن الوزير السابق قال لأحد المتقاعدين في اللجنة الأولمبية أثناء مقابلته له أن الحل يكمن في تنظيم عقود جديدة لإصدار قرار بالصرف على غرار ما حصل لاتحاد كرة القدم، ويعلم الوزير أن رئيس الأولمبية وأمينيه المالي والعام فقدوا صلاحية اتخاذ أي قرار بتعيين أو التعاقد مع "موظف أو رئيس قسم أو مدير أو مستشار أو خبير" ينطوي على جنبة مالية.

عاملون بلا عمل!

هناك من عزا إيقاف رواتب المتقاعدين في اللجنة الأولمبية الوطنية الى وجود تضخّم في ملاكها الذي يضم 320 عاملاً يشكّلون عبئاً بالغاً من ناحية استنزاف الأموال المخصّصة كرواتب، وبينهم لا يمارس عملاً فعلياً، مع الإحاطة بأن عدداً كبيراَ منهم معيّنون أصلاً من إدارة الأولمبية ما بعد عام 2003 تحت مسمّى التشريفات وأمن الملاعب بما يقارب 100 شخص أضيفوا قسراً الى ملاك الأولمبية، و75 شخصاً يعملون في قسم الآليات نقلوا من ملاك وزارة الشباب والرياضة الى الأولمبية بحسب مصدر مطلع أكد للمدى أن كل هذا العدد جاء بقرار اجتهادي غير مدروس، إذ أن أغلبهم لا علاقة له بالمؤسسة سوى استلام الراتب، الأمر الذي يقتضي التحقيق في ملفّهم إن كانت عملية الإصلاح تبحث عن أسباب الهدر المالي.

مسؤولية إنسانية

رئيس مجلس الوزراء ووزيرا "المالية" و"الشباب والرياضة" يضطلعون بمسؤولية إنسانية قبل أن تكون قانونية لرفع الحيف عن هؤلاء، وأمام رئيس الوزراء وثيقة القرار 140 وتفصيلاته التي لم يصدر قرار حكومي بإلغائها أو تعديلاتها قبل أو بعد استقالة رئيس مجلس الوزراء السابق، فما علاقة حقوق المتقاعدين بحيثيات تنظيم أموال الاتحادات؟ هناك كتاب للأمانة العامة لمجلس الوزراء لم يعدّل أو يُلغى برقم 12375 في 11 نيسان 2011 ينص على أن (الأولمبية هيئة مستقلّة غير حكومية، وبالتالي لا يعد منتسبوها موظفين حكوميين ولا يشملون بإعمامنا 42010 في 8 كانون الأول 2010) وإذا كان وجود المتقاعدين فائضاً عن الحاجة أعطوهم استحقاقاتهم للأشهر الماضية وأنهوا عقودهم، وبالنسبة لوزارتي المالية والرياضة يمكنهما أن يناقشا الكيفية القانونية لإنهاء محنتهم بدلاً من تركهم معلّقين بين وعود لا جدوى لها وإنتظار مَنح رئيس الأولمبية الذي سيُنتخب لاحقاً وفقاً لقانونها الجديد صلاحيات النظر في أمرهم، وهذه حكاية مريرة تقتل آمالهم وهم يترقبون من الحكومة إبطال القرارات المزاجية والإجراءات غير المستندة الى قانون.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top