اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > السياسة والصحة العامة

السياسة والصحة العامة

نشر في: 25 مايو, 2020: 08:43 م

 حسين سليم

ترتبط الصحة العامة بالسياسة بعلاقة متبادلة، من خلال النظام السياسي وبرنامجه الذي تديره مؤسسات الدولة بسلطاتها الثلاثة، ورؤيته للنظام الصحي ومهام الصحة العامة، ومدى اهتمامه في تحقيق الأمن الإنساني بضمنه الأمن الصحي الذي يتداخل مع عناصر الأمن الإنساني الأخرى منها؛ الاجتماعي والاقتصادي والغذائي والوطني.

لاتستطيع الصحة العامة بكيانها وقواها المادية والبشرية من تحقيق أهدافها وبرامجها دون السياسة التي يضعها النظام السياسي ويرسمها للبلد ومدى جديته وتمثيله لمصالح البلد والنّاس. كما لم تعد الصحة العامة موضوعاً صحياً منعزلا عن الجوانب البيئية الاقتصادية والاجتماعية ومنها السياسية للبلد والظروف التي يعيش فيها النّاس.

لا يمكن للصحة العامة أن تتجاهل سياسة الدولة ونظامها السياسي فهي بحاجة إلى الدعم القانوني والمالي والبشري في اتّخاذ القرارات وتنفيذ البرامج الصحيّة.

وبالمقابل على السياسة أن لا تتجاهل توصيات واقتراحات الصحة العامة في اتّخاذ القرارات التي من شأنها تعزيز الأمن الصحي والإنساني وعدم تعرض البلد إلى مخاطر وكوارث إنسانية ووطنية.

صحة النّاس ذات أبعاد سياسية واجتماعية واقتصادية، تعمل الصحة العامة على تعزيزها وحمايتها، ويكون الطب الفردي جزءاً منها، ولها بعد عالمي بمكافحة الأوبئة، تهريب المخدرات الأغذية الفاسدة، والاتّجار بالبشر، على سبيل المثال لا الحصر، ومنع انتشارها بين البلدان. ولابدّ لها من سياسات صحيّة محلية وعالمية، تقع مسؤوليتها على الوزارات والهيئات الصحيّة للبلدان، وفق الموارد المادية والبشرية المخصصة لها. ويتعزز دور الصحة العامة حسب سياسة البلد ونظامه الاقتصادي - الاجتماعي. وهناك بلدان مازالت تنظر إلى صحة الفرد باعتبارها غير حق، بل شأن فردي في الاختيار بخلاف القوانين والمواثيق الإنسانية.

تهتمّ الصحة العامة الحديثة والطب الاجتماعي بالجذور الاجتماعية والاقتصادية للمرض والصحة، من مستوى الدخل والتعليم والتغذية والسكن ومستوى الرعاية الصحيّة والظروف البيئية العامة. وقد نظر (رودلف فيرخوف) الطبيب والسياسي الألماني إلى السياسة كطبابة "إذا كانت السياسة هي الطب بأوضح صوره، فيبدو أيضا أن الطب هو السياسة بأبهت صورها" وكما أعلنت جريدته الطبية والسياسية، خلال ثورة ١٨٤٨ في المانيا، "الطب علم اجتماعي، وإنّ السياسة ما هي إلا الطب على نطاق أوسع" ومضى على نهجه الكثير من الاطباء والسياسيين والنقابات في أغلب دول العالم، وفي العراق كان للطيب الذكر الدكتور (حسين الوردي) في هذا المضمار اسهامات دعا ما بين سطور دراساته في طب المجتمع، إلى عدالة اجتماعية إذ كانت أمراض مثل السالمونيلا والكوليرا دائماً ما تقع في المناطق الفقيرة اقتصاديا واجتماعيا في بغداد، في عقد الثمانينيات.

ومع اشتداد مواجهة العالم لجائحة كورونا، حرصت الكثير من الدول على إطلاق حُزم صحية اقتصادية اجتماعية مترابطة لمواجهة هذا الوباء. وفي العراق دأبت خلية الأزمة الصحية وملاكاتها على العمل في الخطوط الأمامية لمحاربة هذا الوباء، باتّخاذ إجراءات عديدة في الجانب الصحي والاجتماعي ومنها حظر التجوّل. ولكن لإنجاح هذا الحظر والمساهمة في تقليل الإصابات والقضاء على الوباء لابدّ من إجراءات اقتصادية ومادية من جانب السياسة التي يمثلها النظام السياسي الاقتصادي، وذلك بإطلاق مساعدات اقتصادية ومادية للنّاس، وفق مبادئ العدالة الاجتماعية، فمنحة الطوارئ للمتضررين من كورونا غير كافية، خاصّة للفقراء منهم، وذوي الدخل المحدود والذين تعطلت أعمالهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملاحق المدى

مقالات ذات صلة

العراق والمطالبة بالتعويضات من الحكومة الأمريكية

د. كاظم المقدادي " 2 "في الجزء الثاني من المقال نستكمل ما يفيد الوفد العراقي الى واشنطن في مطالبته بحق العراق بالتعويضات:رابعاً- أبرز تداعيات الحربسبب إستخدام القوات الأمريكية وحليفاتها لأسلحة اليورانيوم المنضب والفوسفور الأبيض والسموم الأخرى إنتشار الملوثات والسموم الإشعاعية والكيميائية الخطيرة في أرجاء العراق، والتي سببت بدورها أضرار بيولوجية رهيبة، حيث أُصيب أكثر من […]
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram