سجال بين المتظاهرين والموظفين على خلفية تحضيرات  تخفيض الرواتب

سجال بين المتظاهرين والموظفين على خلفية تحضيرات تخفيض الرواتب

 بغداد/ المدى

تكاد بوصلة التظاهرات التي انطلقت في تشرين الاول لإصلاح النظام السياسي، ان تنحرف باتجاه الحفاظ على رواتب الموظفين دون الحديث عن بقية المطالب. واطلق العشرات من المدونين حملات على مواقع التواصل الاجتماعي للتنديد بإجراءات الحكومة المتوقعة بتقليص الرواتب لعبور الازمة المالية.

ويهدد موظفو العراق الذين يشكلون نحو 10% من مجموع السكان بـ"العصيان المدني" والانخراط في التظاهرات في حال تم المساس بمرتباتهم.

ويواجه العراق ازمة اقتصادية هي الاسوأ في تاريخه، بحسب وصف رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بسبب انخفاض اسعار النفط.

وتبلغ نفقات العراق الشهرية اكثر من 6 تريليون دينار فيما ايرادات البلاد تصل الى اقل من 2 تريليون، ما يعني وجود عجز مقادره 4 تريليون دينار شهريا. وبلغ المعدل اليومي الكلي للصادرات النفطية في العراق، بحسب وزارة النفط، خلال شهر نيسان الماضي 3.4 مليون برميل يومياً، فيما بلغ مجموع الإيرادات المتحققة في هذا الشهر (نيسان) 1.4 ملیار دولار. وبالمقارنة مع شهر آذار، فإن حجم الصادرات العراقية من النفط خلال نيسان، انخفضت بنسبة 48%، ما يعادل مليارًا و538 مليون دولار. وبلغ معدل سعر البرميل الواحد (13.801) دولارًا"، بفارق يصل إلى 49% بالمقارنة مع السعر في شهر آذار. وكان العراق قد صدر خلال شهر آذار الماضي 105 ملايين و118 ألفًا و523 برميل نفط بمعدل يومي بلغ 3.39 مليون برميل، فيما وصلت الإيرادات خلال ذلك الشهر إلى مليارين و962 مليونًا و 429 ألف دولار، بمعدل 28.182 دولار لكل برميل.

وتشكل ايرادات النفط اكثر من 90% من الموازنة السنوية للبلاد، فيما تواجه الايرادات الاخرى مثل (الكمارك والضرائب) مشاكل تتعلق بالفساد واجراءات الاغلاق لمواجهة فايروس "كورونا".

تخفيض للمرة الثانية

وفي حال قامت الحكومة بتقليص الرواتب، فستكون هذه المرة الثانية التي تلجأ فيها الاخيرة إلى ذلك الخيار، اذ استقطع خلال العام 2015 نسبة 3.8٪ لدعم الحشد الشعبي والنازحين واستمرت حتى موازنة العام 2017. ويقول رحيم الدراجي، وهو عضو سابق في لجنة المالية بمجلس النواب لـ(المدى) ان "بعض الاشهر التي استقطعت من الموظفين في حكومة حيدر العبادي تحت بند الادخار الاجباري لم تتم اعادتها حتى الان". ويبلغ عدد الموظفين على الملاك الدائم في القطاع العام نحو 3 ملايين شخص، بالإضافة إلى وجود اكثر من مليون شخص يعملون بصفة العقود والأجور اليومية، وفقا لمسؤولين.

وقال وزير المالية، علي علاوي، ان الحكومة ستحدد الأولويات للطبقة المسحوقة والفقيرة وأن أي تخفيض بالرواتب لن يشمل الموظفين، أو المتقاعدين بالدرجات الدنيا الذين يتقاضون راتبا بمقدار 500 ألف دينار فما دون".

واضاف في تصريحات صحفية، ان "باقي الفئات الأخرى والتي تستهلك نصف الموازنة بالرواتب العالية ستكون مشمولة بالمعالجة والتخفيض ومن يتمثل في مخصصات الدرجات العليا سيكون مشمولا بالتخفيض ايضا".

واشار علاوي الى ان "الفئة القريبة من الدرجة الخامسة سنحاول تقليل الضرر عليها عن طريق تقليل التخفيض أو سحبه ادخاريا وربطه بتأمين صحي أو إسكاني او ضمان صحي".

الرواتب "خط أحمر"!

وعقب هذا التصريح ثار غضب عدد من الموظفين، الذين دعوا في مواقع التواصل الاجتماعي الى "العصيان المدني" وايقاف العمل في الدوائر والمؤسسات احتجاجا على قرار تخفيض الرواتب.

وتوقع المستشار الاقتصادي للحكومة مظهر محمد صالح، لجوء الحكومة إلى الاقتراض المالي لتأمين رواتب الموظفين والعاملين في القطاع العام لشهر حزيران المقبل.

وقال صالح في تصريحات إن "الحكومة اقترضت ثلاثة تريليونات دينار من المصارف الحكومية لتأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين والرعاية الاجتماعية لشهر أيار الجاري". وأضاف أن "الإيرادات النفطية لا تكفي لتأمين الرواتب وقد تصل إلى اثنين تريليون دينار"، مشيرا إلى أن "الحكومة تحتاج إلى أكثر من خمسة تريليونات دينار شهريا لتأمين رواتب الدولة".

وبين صالح، أن "الحكومة اتجهت إلى ترشيق النفقات غير الضرورية، وقد تلجأ إلى القروض لتأمين الرواتب لشهر حزيران المقبل".

وتحت "هاشتاكات" مثل رواتب الموظفين خط احمر، كتب عدد من المدونين على مواقع التواصل الاجتماعي اعتراضات على سياسة الحكومة المالية.

وقال احمد ابراهيم "لا نسمح بالتقرب من الموظفين والا ستكون هناك ثورة عارمة وعصيان مدني في جميع المؤسسات والمحافظات".

ويدعو المحتجون على تخفيض الرواتب، الى إعادة النظر في نفقات الرئاسات الثلاثة ورواتب لاجئي رفحاء.

بالمقابل انتقد ناشطون ما وصفوه بـ"التحرك المتأخر" للموظفين في الانخراط بالتظاهرات، بعد ان مست رواتبهم.

ويقول رضا موسى ناشط في بغداد لـ(المدى): "اكثر الموظفين كانوا ضد المتظاهرين في ساحة التحرير، وانتقدونا عدة مرات بحجة قطع الطريق وعدم قدرتهم على لوصول الى دوائرهم".

واضاف الناشط: "يبدو تحركهم الان منفعي واعلنوا انضمامهم الى التظاهرات فقط لانهم شعروا بالخطر، وسيتركوننا في منتصف الطريق بعد ان تعود رواتبهم"، متسائلا: "اين كنتم حين كنا نذبح على يد الاحزاب والمليشيات؟".

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top