بغداد / المدى
وجهت كتل ولجان برلمانية انتقادات حادة إلى رئاسة مجلس الوزراء جراء الاستقطاعات من رواتب المتقاعدين. ووصفت هذا الإجراء بانه غير قانوني ومخالف لكل القوانين النافذة.
وتفاجأ المتقاعدون الذين تسلموا مرتباتهم أمس الأربعاء، باستقطاعات في رواتبهم، كجزء من الحزمة الإصلاحية الاولى التي اتخذتها الحكومة لمواجهة الأزمة الاقتصادية وقلة السيولة النقدية بسبب هبوط اسعار النفط وتفشي وباء كورونا. ورد مجلس النواب على قرار الحكومة بالتصويت على رفض الاستقطاع من رواتب الموظفين أو المتقاعدين كافة. ورفض القرار أيضا فرض الضرائب ما لم ينص عليها قانون مشرع.
وبحسب بيان مقتضب من الدائرة الإعلامية في مجلس النواب، تلقته (المدى) أن "قرار البرلمان لا يشمل الرئاسات الثلاث والوزراء والنواب والدرجات الخاصة".
بدوره ابلغ حسن كريم الكعبي، النائب الأول لرئيس مجلس النواب، وزيري المالية والتخطيط خلال استضافتهما في اجتماع اللجنة المالية النيابية امس الأربعاء، رفض مجلس النواب استقطاع رواتب الموظفين والمتقاعدين. واكد ان هذا الإجراء الحكومي مخالف لكل القوانين النافذة ولا اصل تشريعيا له.
وحتى ساعة اعداد التقرير لم يصدر اي تصريح من جهة رسمية بشأن الاستقطاع.
وكان مستشار رئيس الوزراء هشام داود، قد نفى الثلاثاء، شمول أصحاب الدخل المحدود بقرار استقطاع الرواتب.
وقال داود في مؤتمر صحفي إن "أصحاب الدخل المحدود غير مشمولين بقرار استقطاع الرواتب"، موضحًا أن "سعر النفط الحالي لا يكفي لتأمين رواتب الموظفين"، مؤكدا أن "قرار استقطاع الرواتب يشمل الدرجات العليا من الموظفين".
وضمن خطته التقشفية اصدر مجلس الوزراء في جلسته الاخيرة مجموعة من القرارات من بينها الموافقة على إعادة ترتيب أولويات بنود الانفاق، وذلك انسجاما مع الإصلاح المالي والاقتصادي الذي تتبناه الحكومة العراقية. بحسب بيان للحكومة.
وتشمل الحزمة الأولى، رواتب كبار موظفي الدولة، وازدواج الرواتب، ومعالجة الموظفين الوهميين، والرواتب التقاعدية لمحتجزي رفحاء وما يتقاضاه موظفو الكيانات المنحلة للنظام السابق من مرتبات تقاعدية وفق قانون التقاعد وضمن الحدود الدنيا للرواتب التقاعدية.
وقال عبد الهادي السعداوي، عضو اللجنة المالية في مجلس النواب "إننا نرفض قيام الحكومة باستقطاع جزء من رواتب المتقاعدين"، لافتا إلى أن لجنته "سوف تتدخل وتتعرف من هيئة التقاعد الموحد أسباب هذه الاستقطاعات".
وذكر السعداوي أن "الاستقطاعات التي حصلت في رواتب المتقاعدين لم يعلن عنها من أية جهة حكومية"، مؤكدًا ان "مجلس الوزراء لا يحق له إصدار أي قرار لاستقطاع رواتب المتقاعدين، إلا من خلال تشريع داخل مجلس النواب وفق تعديل قانون التقاعد الموحد".
في ذات السياق، قال عضو لجنة مراقبة تنفيذ البرنامج الحكومي في البرلمان كاظم فنجان الحمامي، إن ضريبة الدخل لا تسري على رواتب المتقاعدين.
واضاف الحمامي في بيان، تلقت (المدى) نسخة منه إن "هذا القرار خالف العديد من مواد الدستور منها المادة (47) المتعلقة بالفصل بين السلطات، اذ اصبح مجلس الوزراء هو المشرع والمنفذ في آن واحد، فضلًا عن مخالفة القرار لاحكام المادة (61/اولًا) من الدستور التي اختصت مجلس النواب بتشريع القوانين الاتحادية وتعديلها وليس مجلس الوزراء"، مضيفًا "كذلك مخالفة المادة (80/ثالثًا) من الدستور التي اختصت مجلس الوزراء بإصدار الأنظمة والتعليمات والقرارات بهدف تسهيل تنفيذ القانون وليس مخالفة القوانين".
وأوضح الحمامي المخالفات كما يلي:
- عدم وجود سند قانوني لفرض ضريبة الدخل على راتب المتقاعد ومكافأة نهاية خدمته: بالرجوع الى المادة (7) من قانون ضريبة الدخل فانها تنص صراحة على انه (تعفى من الضريبة مدخولات المتقاعدين او عيالهم الخلف الناجمة من المصادر الاتية:
أ – الراتب التقاعدي.
ب – المكافأة التقاعدية.
جـ - مكافأة نهاية الخدمة.
د – رواتب الاجازات الاعتيادية.
-مخالفة قرار مجلس الوزراء أعلاه لأحكام المادة (28) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 التي تنص على انه (لا تُفرض الضرائب والرسوم، ولا تُعدل، ولا تُجبى، ولا يُعفى منها إلا بقانون) فضريبة الدخل لا تفرض بتعليمات وانما بقانون، ويتوجب الامر تعديل قانون ضريبة الدخل لغرض شمول الموظف المتقاعد بهذه الضريبة، وليس استقطاعها بمثل هذه الطريقة غير الدستورية وغير القانونية.
بدوره دعا ائتلاف دولة القانون الى اعادة النظر في الاستقطاعات. وقال النائب عن التحالف خلف عبد الصمد، إن "الحكومة تناست أن هناك أكثر من 500 ألف بعثي يستحوذون على المليارات من أموال العراق". وقال عبد الصمد في بيان تلقته (المدى): "تفاجأنا بقرار الحكومة غير المنصف الذي بموجبه تم استقطاع مبالغ كبيرة من رواتب المتقاعدين والموظفين والمشمولين بقوانين العدالة الانتقالية مما يعد سابقة خطيرة استهدفت قوت العراقيين". واضاف انه "من المؤسف ان تتجه الحكومة لقطع رواتب المتقاعدين خصوصا من ذوي الدخل القليل او المتوسط في الوقت الذي كان ينبغي تكريمهم وتحسين مستواهم المعيشي وتوفير الخدمات الصحية والاجتماعية والاقتصادية لهذه الشريحة الكبيرة"، مبينًا ان "استقطاع رواتب الموظفين هو الآخر يشكل انتهاكا للقانون".
ولفت إلى أن "الحكومة معنية اليوم بمراجعة قراراتها المجحفة وادارة الازمة المالية من خلال استرداد الاموال المنهوبة من الدولة والسيطرة على المنافذ الحدودية والملف النفطي وشركات الاتصالات فضلا عن اجراء تخفيض حقيقي في رواتب الدرجات الخاصة".
وتابع قائلا: "نجدد القول بأن استهداف شريحة المتقاعدين منخفضي ومتوسطي الدخل والموظفين وذوي الشهداء والسجناء السياسيين هو خطوة خاطئة ينبغي اعادة النظر فيها بالسرعة الممكنة". من جهته اعتبر النائب السابق ابراهيم بحر العلوم أن الاستقطاعات غير المنصفة لرواتب المتقاعدين هو تجسيد لفشل السياسات الاقتصادية والمالية المتبعة في الحكومات السابقة.
وقال في تغريدة له على (تويتر)، ان "فلسفة تعظيم موارد الدولة لا تعني اضعاف قدرة المواطن المعيشية فرواتبهم ليست موانئ او منافذ حدودية او اموال مهربة، لقد اثبت الواقع خطأ الالتزام بقرار أوبك +".