وزير الرياضة مطالب بتشكيل اللجنة العليا لتسوية الذمّة المالية
متابعة : إياد الصالحي
لم يترك فايروس كورونا المستجد (كوفيد-19) أية فرصة مؤكدة للاتحاد الدولي لكرة القدم، وكذلك الاتحادات القارية والوطنية، لاتخاذ قرار ثابت من دون تراجع في ظلّ تباين نسب تفاقم المرض في هذا البلد وذاك حسب تقارير منظمة الصحّة العالمية وبيانات المؤسّسات الصحية الرسمية التي ما تزال تشكّل قلقاً كبيراً أربك أعمال الحياة برمّتها بانتظار مدة الانتهاء من كارثة الوباء العالمي غير المعلومة حتى الآن.
وفي العراق، كحال أندية العالم، ظلّت قضية تسوية المسألة المالية حبيسة الاجتهادات وتبادل الآراء والمفاتحات الرسمية والتضارب في المصالح دون أن تحتكم تلك الأندية الى وثيقة أو دليل إرشاد أو اتفاق مصادق عليه من جهتين مالية وقانونية ملزمتين بالأشراف والتنفيذ على المضي بالإجراءات في أقرب وقت لطي صفحة الذمّة المالية بين اللاعبين والمدربين والتخصّصات العاملة في النادي بعقود نافذة وبين إدارة النادي "الطرف الأول" المسؤول عن إبرام تلك العقود.
حفظ نظام الدوري
بعد اتخاذ الهيئة التطبيعية قرارها الرسمي يوم الأربعاء الثالث من حزيران 2020 بإلغاء دوري الكرة الممتاز لموسم 2019-2020 (تماشياً مع قرارات خلية الأزمة والوضع الراهن، وبالاتفاق مع الأندية الخمسة عشر المشاركة، من أجل الحفاظ على جاهزية اللاعبين، لاسيما لاعبو المنتخب الوطني الذين ينتظرهم استحقاق على مستوى التصفيات المونديالية) كما جاء في بيانها، بات لزاماً عليها أن تضع قضية التسوية المالية للموسم الملغي نصب اهتماماً مع أنها غير معنية بما حُرِّر من صيغ تعاقد الأندية، إلا أنها مسؤولة عن حفظ نظام الدوري بوجود أندية مكتسبة الشرعية المحلّية والقارية بموجب رخصة تم استيفاء شروطها سابقاً ولم تكن هناك حاجة لمراعاة أمرها لو أن منافسات الدوري استمرّت وفقاً لموعد جديد إسوة ببعض دوريات العالم، لكن ترتّب على إلغاء النسخة (46) في تاريخ المسابقة حسم القيد المالي لما له من تبعات خطرة تهدّد الأندية المخالفة بالتجميد من قبل الاتحاد الآسيوي للعبة في حال تقدّم أحّد اللاعبين أو المدرّبين بشكوى رسمية له مطالباً بدفع مستحقات مضمونة في وثيقة تعاقده.
كان يفترض بالهيئة التطبيعية أن تضم الأندية الخمسة المنسحبة سابقاً، والتي تشكّل عِماد المسابقة للموسم المذكور، في أية مشاورات تجريها طالما أن قرار الإلغاء قد ساوى بينها وبين الأندية الخمسة عشر في نقطة عدم خوض المنافسة، وعليه فإن رئيس وأعضاء الهيئة يدركون حجم المخاطر الناجمة عن إهمال الملف المالي كون جميع الأطراف مسؤولة عن استقرار منظومة اللعبة.
مشاورات التطبيعية
وفي الوقت الذي تشهد ساحة الجدل الكروي مناقشات محتدّة بشأن موعد انطلاق الدوري في النسخة 2020-2021 وتداخل استحقاق المنتخب الوطني لخوض مبارياته المتبقية مع هونغ كونغ وكمبوديا وإيران في تشرين الأول وتشرين الثاني المقبلين، وتواصل الهيئة في تنفيذ الواجبات الموكلة إليها من الاتحاد الدولي (الفيفا) لمراجعة النظام الأساس وتعديله إن لزم الأمر، والتحضير لانتخابات جديدة في زمن اقصاه مطلع تشرين الأول القادم، لا بدّ أن تسارع الهيئة بالتشاور مع الجهات الرسمية وفي مقدمتها وزارة الشباب والرياضة، أعلى جهة حكومية تعنى بقطاع الشبـاب والرياضة، والراعية لمصالح الأندية إدارياً وقانونياً ومالياً، لوضع آلية بائِنة بتفصيلاتها تؤسَّس في ضوئها قرارات التسوية المالية للموسم الملغي.
ميزانية الحكومة
ونظراً لكون الأموال الممنوحة لـ(16) نادياً (الزوراء ونفط الجنوب والميناء والكهرباء والقوة الجوية والحدود والصناعات الكهربائية وأمانة بغداد والنفط والشرطة وأربيل ونفط ميسان ونفط الوسط والطلبة والنجف) واردة من ميزانية الحكومة حسب الوزارات المشرفة على كل نادٍ، نقترح تشكيل لجنة عليا برئاسة عدنان درجال وزير الشباب والرياضة وعضوية ممثل عن وزارة المالية والوزارة الراعية لناديها ورئيس الهيئة التطبيعية إياد بنيان، تباشر بإعداد لائحة تسوية الذمة المالية، وتأخذ بنظر الحسبان حقوق جميع العقود بضوابط مشتركة تحفظ أموال الدولة أولاً من أية مساومات تحت الطاولة أو توافقات تحيط بها شبهات فساد أو تنصّل طرف من تسديد مبلغ العقد أو تخفيضه بشكل كيفي أو تعسُّفي، والعمل بموجب دليل الارشاد الذي أصدره الفيفا مؤخراً والمرتكز على خمسة شروط منها اتخاذ النادي إجراء رسمي يبيّن مسعاه الجاد للتوصّل الى حلول مرضية مع اللاعبين والمدربين، ووجود مبرّر مرتبط بوضع النادي الاقتصادي يجبره بتعديل قيمة العقد الى نسبة أدنى من قيمته الحقيقية، ويراعي بين النسبة المُراد تحديدها وبين راتب المتعاقِد، وأن لا يؤثّر المبلغ الذي يُتفق عليه بعد التسوية على الظرف المعيشي للاعب، وأخيراً يفصّل النادي فيما إذا كان إجراء التخفيض يشمل جميع المتعاقدين معه أم بعضهم.
تفاوت المبالغ
تبرمج اللجنة العليا لتسوية ذمم الأندية الحكومية عن موسم الكرة الملغي جدولاً بحضور رئيس النادي وأمينه المالي أمام اللجنة، مصطحباً كشف الموسم 2019-2020 وصور من العقود للتداول في أمرها، واتخاذ القرار الصائب دون أن يتأثر أي طرف منه، مُراعية وجوباً أن هناك تفاوتاً بين مبالغ اللاعبين حسب المكانة والخبرة وحاجة الفريق لدوره، فمن يتقاضى 50 أو 100 مليون دينار عن الموسم الواحد غير من تمنحه إدارة النادي 300 أو 400 مليون دينار، ثم أن الوباء القاهر أضعف قدرات أغلب الأندية على الإيفاء بحقوق المتعاقدين، فضلاً عن الظرف الاقتصادي الذي يمرّ به البلد والذي حالَ دون تسلّم المؤسسات الراعية لأنديتها الميزانيات الكافية مثلما جرت السياقات في موسم 2018-2019 فما دون.
الأندية .. الاستثناء!
ويمكن للجنة العليا أن تنظر في الملفات المالية لأندية القاسم والديوانية وزاخو والسماوة بشكل استثنائي نظراً للظروف العصيبة التي تعانيها هذه الأندية قبل اجتياح وباء كورونا بفترة طويلة بعدما تخلّت مجالس المحافظات عن غالبيتها نتيجة شحّة الدعم وصعوبة توفير مبالغ العقود للاعبيها ومدربيها في ظل حاجة المحافظة نفسها للأموال لغرض تأهيل البنى التحتية وتقديم الخدمات وتسيير شؤون الدوائر الرسمية، ولا تذكر تلك المجالس أنديتها إلا عند حضور ممثليها المؤتمرات الانتخابية كل أربع سنوات، وعند تضييف (إياب) مباريات الموسم على ملاعبها ويكون طرفها أحد الأندية الجماهيرية بحسب ما أفاد مسؤولون عن تلك الأندية لوسائل الإعلام غير مرّة، وهذه من الملاحظات المهمّة التي ينبغي أن تعالجها الهيئة التطبيعية عند دراسة لوائح وضوابط مسابقة الدوري الممتاز باشتراط تقديم النادي المشارك في المنافسة كشف حسابه البنكي بما يغطي حقوق المتعاقدين معه عن الموسم الواحد، وبخلاف ذلك لا يحق له المشاركة بالمسابقة عملاً بشروط الاتحاد الآسيوي للعبة قبيل بدء أية نسخة من دوري الأبطال!
فيتو الآسيوي
إن الإسراع في تشكيل اللجنة العليا بشكل مبكّر سيتيح التفرّغ للهيئة التطبيعية كي تنجز متطلّبات النسخة الجديدة من الدوري بعيداً عن المشاكل والصراعات بين اللاعبين والمدربين وأنديتهم وجاهزية الـ(فيتو) الآسيوي بسحب ترخيص الأندية المُخلّة بمعاييره، ونعني المالية طبعاً، ونتمنى ألاّ يلجأ أي لاعب أو مدرب للتشكّي والطعن بقرار التسوية لدى غرفة فضّ المنازعات ولجنة أوضاع اللاعبين في الاتحاد الدولي لكرة القدم كون عقوباتها بلا سابق إنذار ولا توجد مُهلة للتسديد مثلما يرى الفيفا ذلك حقّاً مكفولاً للمشتكي، وربما تتعرّض الكرة العراقية الى العقوبات هي الأخرى إذا ما توالت الشكاوى أمام المؤسسة الدولية.
اترك تعليقك