بغداد / المدى
ما زالت اعمدة الدخان تتصاعد من داخل احد مخيمات النازحين في سنجار، عندما وصل وزيرا الداخلية والدفاع الى نينوى في زيارة يعتقد انها جاءت على خلفية القصف التركي لمنطقة الإيزيديين.
وتأخرت الحكومة العراقية نحو 12 ساعة حتى اصدرت بيانا استنكرت فيه الهجوم، واعتبرته "خرقا للسيادة"، فيما لا يعرف حتى الان حجم الاضرار والضحايا، على اثر سقوط عشرات الصواريخ على البلدة القريبة من الحدود السورية.
ودخلت نحو 20 طائرة من طراز "اف 16" تركية بعمق نحو 200 كم داخل الاراضي العراقية، بعد دقائق من منتصف ليلة الاحد على الاثنين، وبحسب المصادر ان نحو 23 صاروخا سقط اغلبها على مخيمات للنازحين.
ويعد الهجوم الاخير هو الثاني الذي تشنه انقرة على سنجار منذ بداية العام الحالي، والخامس منذ عام 2017، حيث تتذرع بالهجوم بحجة "تحييد" عناصر من حزب العمال الكردستاني (بي كي كي) المعارض لتركيا، المتواجدين قرب سنجار. وقالت مصادر امنية في سنجار لـ(المدى) انه "حتى منتصف نهار اليوم (امس الاثنين) كانت النيران مازالت مشتعلة في مخيمات سر دشتي في جبل سنجار". ويضم المخيم نحو 14 الف نازح منذ عام 2014 (لحظة احتلال داعش لسنجار). واستمر الهجوم اقل من ساعة، واستهدف مناطق داخل سنجار بالاضافة الى جبل سنجار الذي يضم اكثر من 2000 شخص، ومنطقة العمادية التابعة لدهوك، وقريتين تابعتين لسد دوكان.
استنكار الحكومة
وشهدت الموصل (مركز محافظة نينوى)، اجراءات امنية مشددة منذ ساعات الصباح الاولى اليوم (امس الاثنين)، مع وصول وزيري الدفاع جمعة عناد، والداخلية عثمان الغانمي، فيما لم يتبين سبب الزيارة التي جاءت متزامنة مع القصف التركي.
واعلنت العمليات المشتركة، استنكارها لاختراق طائرات تركية الأجواء العراقية، واصفة الامر بأنه "تصرف استفزازي". وقالت قيادة العمليات في بيان منتصف نهار امس الاثنين، ان "18 طائرة تركية اخترقت الاجواء العراقية".
وبينت القيادة ان الطائرات اتجهت الى "سنجار - مخمور - الكوير- اربيل، وصولا الى قضاء الشرقاط بعمق 193 كم مِن الحدود التركية داخل الاجواء العراقية"، مؤكدة أن القصف "استهدف مخيما للاجئين قرب مخمور وسنجار".
الى ذلك دعا عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية كريم عليوي، وزارة الخارجية إلى استدعاء السفير التركي في العراق وتسليمه مذكرة احتجاج على "انتهاك" أنقرة للسيادة العراقية.
وقال عليوي في بيان، إن "التعدي المستمر على الأراضي العراقية من قبل القوات التركية يعتبر انتهاكًا صريحًا لسيادة العراق". وأضاف، أنه "على رئيس الوزراء ووزير الخارجية استدعاء السفير التركي وتسليمه ورقة احتجاج ولربما تصل إلى الشكوى لدى الأمم المتحدة".
وتابع: "نرى ان ما أقدمت عليه (تركيا) من انتهاك سافر لسيادة العراق استخفاف بالقرارات الأممية من جهة وسيادة العراق من جهة أخرى".
مخلب النسر
وكانت وزارة الدفاع التركية قالت صباح امس، أنها دمرت 81 هدفا لمنظمة "بي كي كي" شمالي العراق، في إطار العملية التي سميت بـ"مخلب النسر".
واضافت الوزارة في بيان عبر (تويتر)، انها استهدفت "مواقع في سنجار وقرجيك وقنديل والزاب وأفشين باسيان وهاكورك، يتخذها الإرهابيون قواعد لهم شمالي العراق"، بحسب وصف البيان.
وأكدت الدفاع أنه تم تدمير 81 هدفا، تشمل كهوفا ومخابئ لعناصر حزب العمال، وأشارت إلى أن المقاتلات عادت إلى قواعدها في تركيا سالمة عقب تنفيذ مهامها.
وأشارت الى أن العملية، أسفرت عن خسائر كبيرة للتنظيم "بي كي كي". وأوضحت أنها راعت، خلال تخطيط وتنفيذ العملية، حماية أرواح المدنيين وأملاكهم.
ولفتت الوزارة إلى أن القوات المسلحة التركية ستواصل بحزم "مكافحة الإرهاب حتى تحييد آخر إرهابي".
وكانت اطراف عراقية، قد حذرت في وقت سابق من خطورة بقاء عناصر حزب العمال الكردستاني في شمال الموصل، بسبب تهديدات تركيا المستمرة بشن هجمات هناك.
وفي العام الماضي، سيطر حزب العمال لأول مرة، على مقاليد السلطة في سنجار، بالاتفاق مع بعض القوى المحلية المرتبطة بالحشد الشعبي، ونصب قائممقام ومدير ناحية من المؤيدين للحزب المعارض لتركيا.
واختبأ الحزب المعارض لتركيا، وراء قوات إيزيدية في المدينة تعرف بـ"اليبشه"، تأسست قبل 5 سنوات، وهي في الحقيقة مكونة من عناصر (بي كا كا) أو مؤيدة له على أقل تقدير، لتشكيل الإدارة الجديدة، على الرغم من رفض حكومة نينوى ذلك الإجراء.
وكانت بدايات حزب العمال قد ظهرت قبل عام 2003، وبعد سقوط نظام صدام صار لديهم حزب رسمي باسم "الحركة الديمقراطية الإيزيدية الحرة".
وبعد احتلال داعش للمدينة نزل "حزب العمال" من جبل قنديل في 2014 لنصرة الإيزيديين بعد احتلال داعش.
وقد أقام الحزب بُنية تحتية لمقاتليه في هذه الجبال. ومع أنه ليس هناك إحصاء دقيق لعدد مقاتلي حزب العمال الكردستاني في الجبل فإن التقديرات تشير إلى أن عددهم لا يتعدى الأربعة آلاف مقاتل.
ويؤكد مسؤولون في سنجار أن حزب العمال ليس عراقيًا، "انه يضم جنسيات متعددة، تركية وأوروبية وسورية".
مع استئناف الحياة
وتقول مصادر محلية في سنجار لـ(المدى) ان "القصف التركي تزامن مع استئناف عودة النازحين الى المدينة".
واتهم قائممقام قضاء سنجار محما خليل، في وقت سابق، الحكومة الاتحادية بالتقصير والضعف ازاء ما وصفها بـ"عمليات التخريب الممنهج" التي تجري في القضاء، من قبل قوى داخل وخارج العراق، مشيرا الى وجود "اجندات اميركية، روسية، تركية، ايرانية، سورية، تعمل على عدم عودة النازحين الايزيديين الى قضاء سنجار".
وكانت وزارة الهجرة والمهجرين، قد أعلنت، السبت الماضي، عن عودة نحو (211) نازحا من مخيمات محافظة دهوك إلى أحياء ومناطق قضاء سنجار بمحافظة نينوى.
وقال مسؤول فرع الوزارة في المحافظة إسكندر محمد امين بحسب بيان ان "هدف الوزارة الأساس هو عودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية"، مشيرا إلى ان كادر فرع دهوك قام بتأمين عودة (211) نازحا إلى مناطقهم الاصلية، مؤكدا ان الايام القادمة ستشهد عودة دفعات اخرى من النازحين إلى مناطقهم المحررة .
واضاف أمين ان النازحين عادوا من مخيمات (الداودية، جم مشكو، ومخيم بيرسفي) فضلا عن النازحين خارج المخيمات، لافتا إلى ان النازحين عادوا إلى مناطقهم الاصلية في قضاء سنجار التابع إلى محافظة نينوى.
اترك تعليقك