TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: كلهم ضحايا.. إلا أحمد راضي

العمود الثامن: كلهم ضحايا.. إلا أحمد راضي

نشر في: 21 يونيو, 2020: 08:57 م

 علي حسين

كل إنسان له اهتمامات وشؤون يومية إلا الطائفي، ليس له من الشؤون إلا حديث الخراب.. وكلما فكرت في ما يجري اليوم على أرض الرافدين تذكرت قول عمنا الراحل علي الوردي: "إن الوعّاظ المتفرنجين لا يختلفون عن الوعاظ المعمّمين إلا بمظاهرهم الخارجية ومصطلحاتهم التي يتمشدقون بها.

هؤلاء يصيحون: (الدين... الطائفة... يا عباد الله) وأولئك يصيحون ويهتفون: إلى الأمام.. إلى الأمام، وهؤلاء يهتفون: إلى الوراء.. ولعلهم يفعلون ذلك لكي يخدّروا الناس ويشغلوا أذهانهم عن النظر في مشاكلهم الراهنة التي هي ليست إلى الأمام ولا إلى الوراء".

وأعتذر من القراء جميعًا على العودة إلى حديث الطائفية التي كنا نتمنى لو أننا تجاوزناه، لكننا للأسف نجد من يسمون أنفسهم نخبة المجتمع ، هم أول من يروج لهذه السموم، فتخيل جنابك أن يكتب شاعر ومسؤول ثقافي متشفيًا برحيل أحمد راضي لأنه انتمى إلى قائمة برلمانية سنية، فيما لا يزال أحد أبرز الطائفيين، ممن يتولون مناصب إعلامية بارزة، يصر على أن يكون صوتًا ملغومًا بالخراب والانتهازية. 

لقد ضاقت بنا التعابير أيها السادة في ظل حالة تتكرر كل يوم لتنقلنا من سيئ إلى أسوأ، وكان آخرها ما كُتب قبل رحيل نجم الرياضة العراقية أحمد راضي، حيث وجد البعض في محاولة إنقاذه من الموت فعلًا طائفيًا، فكيف ينقذ أحمد راضي ولم يتم إنقاذ اللاعب الراحل علي هادي الذي راح ايضا ضحية فشل المنظومة الصحية؟.. لم يسأل أحد من جهابذة الطائفية لماذا يموت علي هادي وأحمد راضي ومئات العراقيين ولا تتوفر لهم رعاية صحية؟ لم يكتب أحد من رافعي شعار التوازن في الموت عن أوضاع مستشفياتنا التي تفتقر لأبسط الأجهزة الطبية، في الوقت الذي نهبت عشرات المليارات من موازنة وزارة الصحة في زمن "أتقياء الأحزاب الدينية"، لم يسأل أحد نفسه لماذا يراد من المواطن سواء كان نجمًا محبوبًا، مثل علي هادي وأحمد راضي، أو مواطنًا بسيطًا أن يتحول إلى مجرّد رقم يضاف إلى سجلات الموتى؟ ولماذا لا توجد مستشفيات متطورة في بلد يصدر يوميًا أكثر من أربعة ملايين برميل نفط؟، مثلما لا يسأل أحد لماذا لم تتم محاسبة المسؤولين الذين حولوا البلاد إلى شركة يديرونها مع حاشيتهم؟.

لا صوت يعلو على صوت الطائفية القبيح.. هكذا عاشت مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من 48 ساعة من الاشتباك العنيف لمجرد أن البعض أعلن أن أحمد راضي سينقل إلى عمان للعلاج، هكذا مضت أعنف عمليات الابتذال نحو اختراع تهم لإنسان كان يتمنى أن يموت في أحضان عائلته. 

في هذا الصنف من المعارك المبتذلة والشاذة على النفس الإنسانية السويّة أراد البعض أن يوزع بمعرفته على من يستحق صفة ضحية ، ومن لا يستحق .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Khalid Muften

    في زمن الحرب والوباء تتوحد الجهود لدرء الخطر الا بعض ضعاف النفوس من الطائفين والاانتهازيين وسراق المال العام حيث ينعقوا على خراب البلد .

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram