بغداد/عديلة شاهين
أصاب فايروس كورونا العالم بحالة من الخوف و الهلع خشية الإصابة به ، وبما أن النظافة هي السلاح الأكثر فعالية في مواجهته تهافت الناس على شراء المعقمات و مواد التنظيف ووصل الحال لدى البعض الى تخزين تلك المنتجات،
وولدت هذه الطفرة الاستهلاكية تراجعاً في طرح كمية بعض المواد المعقمة في الأسواق و تضاعف سعرها، و بعد أن اوضحت منظمة الصحة العالمية أن الفايروس ينتقل إما بشكل مباشر عن طريق الرذاذ التنفسي في حالتي العطاس و السعال من شخص مصاب الى شخص سليم أو غير مباشر عن طريق ملامسة الأسطح الملوثة التي قد ينشط عليها الفايروس لعدة أيام تغيرت سلوكيات الناس المعتادة التي تخص النظافة و التعقيم، و من الطبيعي أن تسيطر حالة الخوف من الفايروس لدى العالم إلا أن هذه الحالة وصلت مؤخراً الى حد الهوس الذي دفع الناس الى تعقيم كل شيء بأفراط، تقول الثلاثينية السيدة رشا علي أنها أصبحت تعقم كل شيء تأتي به من خارج المنزل كأكياس المشتريات و ملابسها التي تقوم بنقعها بالكلور الخاص بالملابس الملونة بمجرد دخولها للمنزل و تضيف قائلة : أقوم أيضاً بنقع الخضار و الفواكه في الماء و الصابون مضيفة الكلور و أقوم بغسلها الى حد اهتراء يدي، في الوقت نفسه لدي بخاخ معقم لا يفارقني أقوم ببخة بصورة مستمرة على مقابض الأبواب و المفاتيح الكهربائية و كل شيء مكشوف تقريباً ناهيك عن غسل يدي المتكرر بالماء و الصابون حتى دون لمسي لشيء، و هذا الإفراط في استخدام المواد المطهرة و المعقمة سبب لي إصابات متعددة كالتشققات في الجلد و النزف أحياناً إضافة الى إصابتي بضيق التنفس رافقه سعال شديد و وفقاً لنصائح طبية يتوجب علي الاقلاع عن الإفراط في التعقيم و التطهير الذي ربما يتحول الى هوس إو وسواس قهري.
الوسواس القهري
التقت المدى بأستشاري الطب النفسي د. محمد الأمارة الذي قال موضحاً :
ارتفعت حالات الاضطراب و الخوف من نقل عدوى فايروس كورونا كوفيد-19 و تحولت عملية غسل اليدين الى رغبة ملحة غير مبررة مما قد يصيب البعض بالوسواس القهري الذي يعد هوس حول فكرة أو صورة أو الخوف من شيء ما يلح على العقل بأستمرار مما قد يسبب التوتر و القهر، و تنشط أزمات الوسواس القهري في الأوقات الصعبة كالحروب و الأوبئة، و مع انتشار وباء كورونا زاد التشديد على النظافة و التعقيم مما أدى الى زيادة القلق لدى مرضى الوسواس القهري و تعد هذه الأيام أشد وطأة عليهم لعدم قدرتهم للسيطرة على هواجسهم، مضيفاً:
يعيش أصحاب مرض الوسواس القهري مع عدة سلوكيات متكررة و التدقيق للتعامل مع مخاوفهم غير المنطقية من التلوث و التي يمكن أن تصبح أسوأ بشكل ملحوظ أثناء أوقات الأوبئة بالأفراط في التعقيم و غسل اليدين و الوجه و قد يصل الى ترك آثارٍ سلبية و إصابات جلدية خطيرة. و تندرج جائحة كورونا ضمن ما قد يزيد أوضاعهم صعوبة و للتخفيف من حدة هذه الأعراض يجب ممارسة النشاطات التي تشغل معظم الوقت كممارسة الرياضة و قراءة الكتب و التواصل مع الأصدقاء عبر الانترنت و التواصل مع الطبيب في حال زيادة أعراض القلق و التوتر أو فقدان السيطرة عليها أيضاً على المرض التقليل من الإفراط بالاستماع الى أخبار كورونا و معرفة الإحصائيات الجديدة و عدد الإصابات و الوفيات حوله لأن ذلك يغذي الوسواس القهري و يشعل التوتر أيضاً مراقبة الأفكار بتخصيص المريض دفتر أو صفحة خاصة به لتدوين أفكاره اليومية حول تعرضه لسلوكيات قهرية أم لا و أسباب حدوثها و أن هذه العملية تساعد كثيراً في تقييم حالة المريض و هل هي في تفاقم أم تتناقص و تساهم في تحديد المثيرات التي تسبب ظهور الحالة.
الماء و الصابون اكثر فعالية
و بحسب الدكتور سيف ناصر أخصائي أمراض الحساسية و الربو الذي صرح للمدى :
تعتمد آلية عمل المطهر على خواص الكحول القاتلة للكثير من أنواع البكتريا و الفايروسات مما يفقدها قدرة السيطرة على المضيف أما بالنسبة للصابون فيقوم بشطف و إزالة الأوساخ و العوامل المؤدية للإصابة على عكس المطهر الذي يقتل البكتريا و الفايروسات فقط و ربما تكون عملية غسل اليدين بالماء و الصابون أكثر فعالية في قتل الفايروس من المعقمات التي تؤدي الى تهيج الجلد و جفافه.
وتحتوي المنظفات المنزلية على مادة الأمونيا التي تسبب العديد من المشاكل التنفسية الحادة و أمراض الرئة كما تحتوي على مواد سامة و مسرطنة أيضاً الأبخرة المتصاعدة منها تسبب مشاكل خطيرة في العين و الرئة و تؤثر على الجلد و تؤدي الى الحساسية و تشققات الجلد.
و قد خلصت دراسات كثيرة الى أن التعرض المتكرر لمنتجات التنظيف الكيميائية قد يكون له أثر خطير على وظائف الرئتين و ربما الإصابة بالربو أيضاً تؤدي الى تهيجات في الاغشية المخاطية المسؤولة عن تحديد مسار الهواء الداخل الى الرئتين مما قد يضر بوظائف الرئتين أيضاً التعرض الى المنظفات بصورة مستمرة يؤدي الى تدمير عنصر (الميتوكونداريا) في الخلايا الذي يؤثر بدوره سلبياً على هرمون (الأستروجين) لدى النساء مما يسبب خطورة عدم قدرتهن على الحمل.
إصابات حادة
يتساءل البعض عن مدى خطورة الإفراط في استخدام المعقمات و مواد التنظيف لتجيب الدكتورة الصيدلانية سهى العطار قائلة : بعد خشية معظم الناس من زيارة الأطباء تجنباً للزحام و الاختلاط خوفاً من انتقال عدوى فايروس كورونا، أصبح المواطن يلجأ الى الصيدلاني في معظم الحالات و قد وردتني في الفترة الأخيرة عدة حالات متشابهة يعاني أصحابها من إصابات جلدية و تنفسية نتيجة الإفراط في استخدام المعقمات أو خلط مواد التنظيف مع بعضها البعض ظناً إنها تحقق مستوى عال من النظافة، و إن خلط هذه المواد يؤدي الى تفاعلات كيميائية تطلق غازات سامة و من هذه المواد :
*خلط الكلور مع منظفات المراحيض المركزة
*خلط الكلور مع المنظفات القوية على الدهون التي تكون في الأغلب على شكل بخاخات
*خلط الكلور مع الليمون أو الخل
*خلط الكلور مع الفلاش ربما يؤدي الى الوفاة
*خلط الكلور مع ما يعرف بالسوبر جل أو مع المطهرات كالديتول أو الكحول
و إن خلط هذه المواد ينتج عنه الكثير من الأعراض الخطيرة منها :
*التهاب الجلد
*احتقان أغشية العين
*التهاب الأغشية المبطنة للأنف و الفم
*ألم في القصبة الهوائية
*الغياب عن الوعي
*ورم في اللثة أو الفم يرافقه ضيق في التنفس
و للتخفيف من حدة هذه الأعراض لا بد من المحافظة على تهوية جيدة للأماكن المغلقة و استخدام المنظفات السائلة خفيفة التركيز و غسل اليدين كلما كان ذلك ممكناً و استخدام اية نوعية مطهر خارج المنزل إذا لم يتوفر الماء ووضع الكريمات المرطبة بشكل منتظم تفادياً لتشقق الجلد و تحسسه و ضرورة استخدام الكمامة و القفازات عند استخدام المنظفات عالية التركيز مع عدم اقتراب مرضى الربو و الحساسية من هذه المواد و ممكن لهؤلاء المرضى استخدام المواد الطبيعية للتنظيف كالخل و عصير الليمون و بيكربونات الصوديوم و تخفيف المنظفات بالماء للتقليل من تركيزها، و في حال التعرض للإصابة جراء استنشاق هذه المواد يجب الابتعاد فوراً عن المكان و الانتقال الى مكان جيد التهوية و إذا تعرض الجلد للمنظفات يجب غسله بالماء الجاري لمدة لا تقل عن ١٠ دقائق و عند ملامستها للعين تغسل العين بالماء الجاري لمدة ١٥ دقيقة و الامتناع عن شرب الحليب أو محاولة التقيؤ إذا ما تم ابتلاع جزء منها و أخيراً التوجه لاقرب مركز صحي لإجراء اللازم.
اترك تعليقك