حقاً .. ماذا لو استقال مصطفى الكاظمي ؟

آراء وأفكار 2020/07/07 07:18:59 م

حقاً .. ماذا لو استقال مصطفى الكاظمي ؟

 عبد الحليم الرهيمي

هذا السؤال – العنوان المثير للتأمل والاهتمام ليس لي ، أنما هو عنوان مقال للكاتب والاعلامي اللبناني مصطفى فحص نشره قبل أيام في (الشرق الاوسط ) الصادرة في لندن .

الواقع ، حسناً فعل الزميل فحص في اثارة هذا السؤال المهم الذي كان ينبغي أن يطرحه العراقيون على أنفسهم قبل الآخرين داعين الكاظمي نفسه والساعين لدفعه للاستقالة أو اسقاطه الى التأمل والتفكير العميق بما سيترتب على ذلك من تداعيات ونتائج خطيرة .

إن الدفع والسعي باتجاه استقالة الكاظمي أو اطاحته في ظروف شديدة التعقيد والخطورة يمر بها العراق وشعبه وهما في الحالة التي وصلا إليها بسبب تفشي الفساد والخراب والفشل في إدارة الدولة طوال السبعة عشر عاماً الماضية إنما يعني الدخول بنفق مظلم ومخيف ذلك أن الكاظمي الذي تسنم رئاسة الحكومة بمثل هذه الظروف جراء ضغط الحراك الشعبي الجارف وجراء لحظة تقدير (واقعية ) للطبقة السياسية للموقف بالموافقة – ولو على مضض – على ترشيح الكاظمي لرئاسة الحكومة باعتباره آخر رئيس حكومة مدني ومستقل يراهن الكثيرون على أن يكون رافعة الإنقاذ الوحيدة المتبقية للأوضاع بمن فيهم من وافق ابتداءً على ترشيحه لرئاسة الحكومة ويسعون الآن لإطاحته أو دفعه للاستقالة ، بممارسة أشد أنواع الضغوط عليه وأقساها دون أن يدركوا ما سترتب على ذلك من تداعيات لا أحد يستطيع التكهن تماماً بما سينجم عنها من نتائج وخيمة ومرعبة .

لذلك فالحرص على بقاء الكاظمي رئيساً للحكومة ودعمه في إجاز برنامجه الإصلاحي المعلن يعني تجنب العراق وشعبه للمزيد من المآسي والألام وتضييع فرصة لن تتكرر في الرهان على رئيس حكومة لا تعد فقط القيام باصلاحات جدية في مفاصل الدولة وإعادة هيكلتها ومواجهة الأزمات الراهنة المالية والاقتصادية والصحية والأمنية ، إنماً أيضاً – وهذا مهم – إبعاد العراق من أن يكون ساحة للصراع الاميركي – الايراني الملتهب لعدم انحيازه او تبعيته لأي من الطرفين ، ولعلاقته الجيدة المعلنة بهما في الوقت نفسه ، وبما يمكنه من القيام بدور كبير لتخفيف التوتر بينهما .

لاشك أن بقاء الكاظمي رئيساً للحكومة وعدم وضع العراقية والمعوقات أمامه سيكسب العراقيون الرهان على دعم عربي ودولي ، وتحديداً خليجي وأوروبي وأميركي لتجاوز أزمته المالية والاقتصادية والمساعدة في تجاوز أزمته الصحية وحتى الأمنية ، لما لهذه الدول من إمكانيات تمكنها من دعم العراق مباشرة أو بضمانه لدى المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية وخاصة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبما يحافظ على الحد الأدنى للوضع المالي والاقتصادي وعلى السيولة النقدية اللازمة والحفاظ على قيمة الدينار العراقي ومنع هبوط سعره ، وإن تحقيق ذلك الدعم والمساندة لا شروط له كما ترى الأوساط الدولية والعربية وخاصة الخليجية سوى توفر الأمن والاستقرار ونهج سياسة مستقلة .

واذا كان الرهان ينعقد على وجود الكاظمي برئاسة الحكومة في مواجهة الأزمات الخطيرة التي تواجه العراق وشعبه وعلى النأي بالعراق عن أن يكون ساحة للصراع الاميركي – الايراني فأن دفعه للاستقالة او أطاحته ، يفرض على الجميع أن يقف أمام لحظة الحقيقة والسؤال : ماذا بعد استقالة الكاظمي أو اطاحته ؟

يذهب كثيرون الى القول إن أبواب جهنم ستفتح أمام العراق وشعبه ذلك أن الطبقة السياسية ، أو الجهات السياسية ، التي دفعته للاستقالة إنْ حصلت أو أطاحت به سوف تقع بين نارين : نار العجز عن المجيء برئيس حكومة جديد يرضى به الحراك الشعبي ، ونار القدرة على مواجهة وحل الأزمات المتفاقمة إذا تمكنت من تقديم رئيس جديد للحكومة على المقاس الذي تريده .

وبالطبع ستكون المهمة الاولى على جدول أعمال الحكومة المفترضة هي إخراج القوات الدولية الاميركية من العراق . وبالطبع إن تحقيق ذلك لن يمر بسهولة ، فقد أعلنت الولايات المتحدة بتعقيب الرئيس ترامب على قرار البرلمان بأخراج تلك القوات ، بأن حصول ذلك (دون اتفاق وبشكل غير ودي سنفرض على العراق عقوبات ستكون العقوبات على ايران بجوارها ، شيئاً صغيراً . وان بلاده لن تغادر العراق إلا إذا دفع ثمن القاعدة الجوية الاميركية هناك .. )

وبالطبع ، لن يكون تهديد ترامب هذا بفرض عقوبات على العراق سوى صفحة من صفحات محاصرته والضغط عليه والتي سيتبعها منع البنوك والمؤسسات الدولية من مساعدة العراق وكذلك منع الشركات الاستثمارية من التوجه اليه ، فضلاً عن دعوة الدول العربية الحليفة لواشنطن لمقاطعته والتوقف عن دعمه ومساندته .

وللتذكير ، ثمة من أطلق على الأوضاع في العراق بعد نيسان 2003 بالفوضى الخلاقة التي يمكن أن تثمر عن شيء مفيد ، والآن إذا ما واجه العراق بعد استقالة الكاظمي إو إطاحته الفوضى ستكون عارمة ومدمرة وهو الأمر الذي يتطلب من الجميع ، وخاصة من الساعين لإطاحة حكومة الكاظمي ، الى المزيد من التأمل والتفكير بعمق وبمسؤولية وطنية عن مصير ومستقبل العراق وشعبه عند دفع الأوضاع للفوضى المدمرة والنفق المظلم الذي لا ضوء في نهايته !

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top