TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > ابتسامتك الوديعة باقية.. وستورقُ..!

ابتسامتك الوديعة باقية.. وستورقُ..!

نشر في: 8 يوليو, 2020: 06:48 م

 د . فارس كمال نظمي

في لحظة اختراق الرصاصات التافهة لدماغك المصنوع من أسمى إرثٍ حققته الحضارة والطبيعة معاً، تكون قد انتقلتَ أخيراً من قلق الوجود المرير إلى استراحة الخلود الآمنة. وهو انتقالٌ لم تكن خائفاً أو متوجساً من حدوثه، إذ لطالما كنتَ ترى القتلة – الذين تعرفهم وتتوقعهم جيداً- كائناتٍ فائضة لا يجوز التردد أمامهم أو الاكتراث لوحشيتهم ووقتيتهم.

ولذلك احتويتَ اغتيالك سلفاً – سواء حدث أم لم يحدث- بحصانةٍ صوفيةٍ ظلت ترافقك عبر ابتسامتك الوديعة الثابتة. هذه الابتسامة ستظل تنير دروب أطفالك وتمنحهم طاقة الأمل في نضجهم القادم حينما سيلتحقون بجيل الثوار الوطنيين الصاعد، وتنهزم قطعان التافهين والسفلة والمقتاتين على أردأ فضلات الحضارة والطبيعة.

هو ليس اغتيالاً للفكر والثقافة وحرية التعبير وحق الحياة فحسب، بل هو اغتيال سياسي في جوهره تمثلت فيه ضمناً عناصرُ الفكر والثقافة وحق التعبير والحياة ، ولذلك فهو موتٌ غادرٌ سيتمأسسُ تراكمياً وعميقاً – كما في اغتيالات كثيرة سابقة ولاحقة- في نسيج الذاكرة السياسية الجماعية، حيث يغلي الزمن الاجتماعي الهادر بصراعاته التأسيسية لبلادٍ آمنةٍ ستولد من دمك ودماءِ آلاف الضحايا الذين سقطوا وهم واعون تماماً بفكرة الولادة الجدلية هذه، ومختارون لها إيثاراً وبطولةً.

لا يوجد اغتيال سياسي بدون قاتل سياسي، أو محرض سياسي، أو متستر سياسي، أو متغافل سياسي، أو متهاون سياسي، أو متردد سياسي، أو جبان سياسي، أو جميع هؤلاء مشتركون تضامنياً تحت خيمة النظام السياسي ورواضيعه الكثيرون. الاغتيال السياسي لا يقترفه أفراد، بل تمارسه بنية قتل ممأسسة، مارست وظيفتها "الاعتيادية" معك لتتركك – كما تركتْ وستترك غيرك- وحيداً تصدّ بأفكارك ومفاهيمك وكلماتك المسالمة رصاصاتهم التافهة الغادرة ، لكنك لست وحيداً إلا بالمعنى المجازي فقط، فالأفكار تحرث التاريخ الاجتماعي ببطءٍ وتريثٍ حتى تنضجه، ليصير روضة سمادُها القتلى المبتسمون، كابتسامتك الخالدة...!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram