بغداد/ المدى
منذ الربيع الماضي، بدأت 4 جهات مسلحة جديدة "غير معروفة"، تنشر مقاطع فيديو وتصدر بيانات عن هجمات ضد القوات الاميركية في العراق باستخدام "صواريح الكاتيوشا"، آخرها كان عشية الزيارة المفترضة لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الى السعودية (تأجلت بسبب تدهور الحالة الصحية لملك السعودية).
مرجعية تلك الجهات التي باتت تعرف باسم "جماعات الكاتيوشا"، يرجح بانها قادمة من ثلاثة مصادر: جهات تقودها من الخلف، او مستأجرة، او أنها فصائل تعمل خارج منظومة الجماعات المسلحة الشيعية المعروفة في العراق. وتصاعدت الهجمات (باسلوب الكاتيوشا) ضد المصالح الاجنبية والمعسكرات التي تستضيف قوات اجنبية في العراق، منذ صيف 2019 في ازمة ما عرف بـ"مضيق هرمز" بين الولايات المتحدة الامريكية والجمهورية الاسلامية الايرانية.
ونفذت تلك الجهات اكثر من 40 هجوما في العاصمة بالاشهر الـ8 الماضية. وكانت الحكومة قد اعتقلت الشهر الماضي، 13 مسلحا تابعا لكتائب حزب الله (احد تشكيلات الحشد الشعبي) بتهمة قصف المنطقة الخضراء، قبل ان تطلق سراحهم بعد ذلك بايام.
لم تتبن "الكتائب" أي هجوم على القوات الاجنبية في الاشهر الماضية، على الرغم من تهديداتها المتكررة باستهداف المصالح الامريكية في العراق، لكن من يعلن مسؤولية عن تلك الهجمات هي اربع جهات شبحية هم: عصبة الثائرين، اصحاب الكهف، سرايا ثورة العشرين، وقبضة الهدى.
وفي هجوم هو الثاني بعد عملية الدورة، اشارت وسائل اعلام مقربة من الفصائل المسلحة، الى مسؤولية "عصبة الثائرين" عن استهداف المنطقة الخضراء مساء الاحد، بثلاثة صواريخ "كاتيوشا". وقالت قيادة العمليات المشتركة يوم الاحد، "المنطقة الخضراء تعرضت الى سقوط ثلاث قدائف هاون عيار 82 ملم انفجرت اثنان وواحدة لم تنفجر". واضافت القيادة في بيان أنه "من الواضح بان الجهات التي تقف خلف هذا الهجوم ما زالت تريد خلط الاوراق واضعاف الدولة".
واشار البيان الى ان رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، وجه قيادة العمليات المشتركة "بتكثيف جهد امني استخباري سريع للتوصل للفاعلين وتقديمهم للقضاء".
وحصلت (المدى) على مقطع فيديو، يعتقد انه للهجوم الاخير على الخضراء، وقد اظهر اشتراك عجلتين في استهداف المنطقة الحصينة، والذي تم بأسلوب جديد. وبحسب المقطع ان سيارة حمل "بيك اب" قطعت الطريق في منطقة الزوية في الكرادة القريبة من الخضراء، فيما قامت سيارة صالون (جارجر) باطلاق صواريخ اثناء سيرها، في منطقة تضم منشآت حساسة ومقار للاحزاب وهيئة الحشد الشعبي. وبحسب متخصصين، ان الصاروخ الذي استعمل وهو من نوع (مورتر 224)، يستخدم بواسطة وحدات المشاة الخفيفة، او المحمولة جوا ولا يحتاج الى منصة اطلاق. وزن السلاح الكلي مع القذيفة لا يتجاوز الـ21 كغم، ومداه الاقصى يصل الى اكثر من 3 كم، ويطلق بمجرد اسقاط القذيفة في "السبطانة" او بواسطة زناد.
وبحسب وسائل مقربة من الفصائل المسلحة، ان "منظومة الدفاع داخل السفارة لم تنجح في صد صواريخ"، والتي سقطت في "باحة السفارة وليس في محيطها". وكانت منظمة "السيرام" قد افشلت مطلع تموز الحالي هجوما على السفارة الاميركية، فيما احبطت القوات الامنية في اليوم نفسه، صاروخا كان موجها الى معسكر التاجي، شمالي بغداد.
كيف نشأت هذه الجماعات؟
قيادي سابق في الحشد الشعبي، يقول لـ(المدى) ان "تلك الجماعات ظهرت عقب فشل سياسة طهران في العراق، بعد مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني في غارة امريكية مطلع العام الحالي، قرب مطار بغداد". وفي نيسان الماضي، اصدرت 8 فصائل عراقية معروفة (ضمن الحشد الشعبي) بيانا بخططها لاستهداف القوات الأميركية في البلاد، انطلاقا من كونها "قوات احتلال"، في وقت كان فيها المكلف السابق لرئاسة الوزراء عدنان الزرفي، يستعد للاعتذار عن المهمة. ووفقا لذلك يرجح القيادي السابق الذي طلب عدم نشر اسمه، بان هذه الجماعات الثمانية "تقود من الخلف وباسماء وهمية خلايا الكاتيوشا"، لتتخلص من المسؤولية والحرج، خصوصا وان بعضها مشترك في الحكومة ويملك مقاعد في البرلمان.
وفي بيان مشترك صدر في ذلك الوقت، عن فصائل تعرف نفسها باسم "فصائل المقاومة العراقية"، وهي "عصائب أهل الحق"، و"الأوفياء"، و"جند الإمام"، و"النجباء"، و"كتائب سيد الشهداء"، و"كتائب الإمام علي"، و"سرايا عاشوراء"، و"سرايا الخراسان"، قالت إن "العمليات التي حصلت ضدكم (القوات الأمريكية) لم تكن إلا ردا بسيطا على اعتداءاتكم، لأن قرار العمليات ضدكم لم يكن قد اتخذ في ذلك الوقت". وفشل اسماعيل قاآني، خليفة سليماني الذي زار العراق في نهاية آذار الماضي، في تشكيل تحالف شيعي لمواجهة التواجد الامريكي في البلاد، فيما بدأت حينها تهاجم "جماعات الكاتيوشا" معسكر التاجي والسفارة الاميركية ثم مطار بغداد.
نائب شيعي سابق، لديه تفسير آخر عن عائدية تلك الجماعات. ويقول لـ(المدى) طالبا عدم نشر اسمه: "تلك الخلايا مستأجرة من بعض الفصائل في العراق لتحقيق بعض المكاسب الاقتصادية والسياسية دون ان تظهر في الصورة". وتقوم هذه الجهات بحسب النائب السابق بـ"تصعيد المواقف" و"استهداف السفارة" مع كل ازمة سياسية او مفاوضات تتعلق بقضايا بين واشنطن وطهران.
بالمقابل كان عدد من القوى الشيعية التي تملك اجنحة مسلحة، قد اشتكت اكثر من مرة للحكومة السابقة من "تصرفات جماعات الكاتيوشا" التي تعيق عملها ببعض المفاصل التجارية.
وقالت مصادر سياسية عن هجمات حدثت ضد مواقع شركات اجنبية في البصرة، بانه صراع للحصول على "عقود حماية الشركات التي تسعى اليها بعض الفصائل".