حسين رشيد
1
حين أعلن إقليم كردستان عن يوم الاستفتاء عام 2017، تباكى مَن تباكى ونعب مَن نعب من القوى والأحزاب السياسية والحركات الدينية والاتباع على خارطة البلاد، البلاد التي أضاعوها بالارهاب والفساد والنهب المنظم للمال العام.
يومها دعمت عشرات الصفحات في مواقع التواصل الاجتماعي، متبنية خطاب التخوين والعمالة، دون أي يعي المدوّنون العاملون في تلك الصفحات أن من يدعمهم غارق حتى اذنيه بالعمالة وخيانة البلاد والولاء للغير، جتى أغرقهم دون أن يعوا ذلك، وباتوا اليوم مجرد لعب توجه لترويج لهذا الخطاب وذاك والهجوم على هذه الفئة وتلك ومنذ عام تقريباً وشتى التهم ترمى على شباب تشرين لانهم أرادوا تخليص الوطن من هذه الزمر، أرادوا وطناً كانوا يحلمون به بأحلام آبائهم وأخواتهم الذين أكلتهم حروب البعث وسياساته الهوجاء أردوا الحفاظ على بقايا وطن كي ينمو من جديد ويحتضن الجميع، ومع كل تلك التهم والهجمات الإعلامية والالكترونية والاجتماعية وعمليات القتل والتصفية فشلوا ونجح شباب تشرين بصناعة خطاب جديد واجبروا قادة وزعماء على الاعتراف بالهوية الوطنية التي انتجتها انتفاضتهم الخالدة.
2
منذ أيام عدة نشطت العديد من الصفحات الالكترونية في مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك / تويتر) والأخير بوجه الخصوص بالترويج لخطاب طائفي مقيت وأن صعوبة البقاء والتعايش المكوناتي المذهبي بات أمراً صعباً حسبما تقول تلك الصفحات التي يحمل بعضها اسماء حقيقية لكتّاب وإعلاميين وأخرى باسماء وصور وهمية أغلبها يضع صورة قيادات وزعامات دينية وسياسية، هذا الخطاب الذي أخرج في هكذا وقت وسلسلة أحداث وتصريحات حكومية بتبني الاصلاح ومحاربة الفساد وبسط سلطة الأمن والقانون وفتح ملفات الفساد وإجراء التعديلات والتغييرات في القيادات الأمنية، والتعهد باجراء التحقيق في ملف اغتيال المتظاهرين يضعنا في الصورة لما اطلق هذه الخطاب الذي تزامن مع قضية (قناة دجلة) وتصريحات رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي عن السلاح، ودخول الطرف الثاني من المعادلة الطائفية والترويج لخطاب آخر وهو خطاب حزبي كما خطاب الطرف الأول وليس اجتماعياً متنبى من عامة الناس، الذين وقف أغلبهم ضد هكذا خطاب وراهنوا على وعي وخطاب شباب تشرين الوطني، وزادوا على ذلك بتعليقات ترفض كل ما جاء في الخطابين وتندد بهكذا ترويج في وقت تحتاج البلاد التكاتف والوقوف بجانب الحكومة، رافضين لهكذا خطابات حزبية فئوية حسبما كانوا يكتبون وينشرون في مواقع التواصل الاجتماعي.
3
في الذكرى الأولى لتحرير مدن البلاد المغتصبة من قبل داعش الإرهابي والتي تطهرت بدماء الشرفاء والفقراء من أبناء الشعب، تغنى من ينادي اليوم بالتقسيم وعدم القدرة على التعايش بالبطولة والوحدة العراقية واختلاط الدماء في تحرير الأرض، وكان هذه الاختلاط وليد اليوم، وانطلق الترويج لمفهوم وفكرة حدود الوطن وخارطة البلاد الموحدة، لكن كل ذلك الإعلان والترويج كان تحته باطن آخر فيه تورية وتغطية لما يراد فعله بانتظار الوقت المناسب فقط، والذي يبدو أنه حان حسب ما يراه الطرفان الحزبيان لا الاطراف الاجتماعية فكل خطوة للحكومة تنبى بخسارة جديدة لقادة وزعامات الطوائف والأحزاب والقوى المذهبية وبعض من يدعي اللبرالية لكن في داخله عفريت طائفي ينط بين آونة وأخرى.
بعد اعلان الحكومة عن موعد الانتخابات والتي عادت وأكدت عليها في وقت لاحق من الاعلان ترى الاحزاب والقوى السياسية النافذة والمتنفذة بالسلطة من طرفي المعادلة المذهبية إنها خاسرة لمعركة الانتخابات المقبلة فما حصل في جنوبي البلاد ضد الاحزاب متوقع حصوله في المدن الأخرى وإن لم يكن بذات الطريقة فسيكون عبر صناديق الانتخابات إذ تم حمايتها من التزوير والمال الأسود، وهذا ما أخافهم وأرعبهم أن تتوالى الخسائر وتتضاعف لذا وجدوا في رنة الطائفية المشروخة وعدم القدرة على التعايش فرصة للعودة والتصدّر من جديد والجثوم على صدر الوطن والمواطن لكن هذه المرة صعبة جداً وربما تفشل كل محاولاتهم حتى إذ استعانوا بالسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة وهذا ليس ببعيد عنهم.
اترك تعليقك