موسيقى الاحد: منير بشير بعيون زوجته

موسيقى الاحد: منير بشير بعيون زوجته

ثائر صالح

صدر العام الماضي كتاب "من بودابست الى بابل" في بودابست باللغة المجرية، وهو سيرة ذاتية للسيدة إيرين كجيي أرملة الفنان منير بشير، تروي فيه مراحل حياتها مع عازف العود الشهير.

قدّم له الصديق السفير بالاج بوكور الذي خدم في عدة دول عربية وأصبح رئيساً لدائرة التشريفات في الخارجية المجرية سنوات طويلة. هو أقرب الى بيوغرافيا عن منير بشير، رغم تناوله تفاصيل حياة السيدة كجـيي قبل زواجها في بودابست حيث درس منير وعمل قبل انتقاله الى لبنان مع عائلته.

الكتاب سلسلة من الجلسات مع السيدة كجيي حررها محرر مجري، مما تسبب في أخطاء في التواريخ وبعض التفاصيل. مع ذلك يحمل الكتاب الكثير من المعلومات المثيرة عن الفنان الراحل.

يبدأ الكتاب بمشهد درامي هو بقاء السيدة لوحدها والرعب الذي سيطر عليها إبان حرب الكويت في غياب زوجها وابنها في دور الضيافة التابعة لمدينة بابل السياحية التي أنشأت بالتزامن مع إطلاق مهرجان بابل الدولي سنة 1987، بحيث مر شريط حياتها بدءاً بعائلتها، ثم تعرفها على منير وزواجها منه وذكرياتها حتى تلك اللحظة. يحمل هذا المشهد دلالات كبيرة، إذ تعود اليه السيدة كجـيي في خاتمة الكتاب لتصف حزن منير لرؤية حلمه يتهاوى مع انهيار الدولة العراقية بعد حرب الكويت.

تكلمت عن هروبه من بغداد الى بيروت في خريف 1960 بعد الحكم عليه بالإعدام لأسباب سياسية، ثم قبوله في كونسرفاتوار تشايكوفسكي في موسكو في ربيع 1961 بمساعدة من أصدقائه الشباب الذين شاركهم آراءهم السياسية. لكنه عانى من المناخ القاسي لموسكو، فطلب من المنظمة السياسية نفسها المساعدة في الانتقال الى أكاديمية فرنس ليست في بودابست وتم له ما أراد (ص 24 – 25) ليبدأ الدراسة سنة 1962 ويتخرج سنة 1965. وقد تعرف على الفتاة المجرية خلال سنوات دراسته، وتزوجا بعد تخرجه. عمل في القسم العربي في الراديو المجري (حيث أخرج وأدار برنامجاً أسبوعياً وفق حديث أحد الأصدقاء)، ثم في القسم التركي بعد إغلاق القسم العربي. 

يصف الكتاب الجهد الذي قام به منير بشير في القيام بتغييرات جذرية على الحياة الموسيقية في العراق (دوره في مدرسة الموسيقى والباليه، ورشة الأدوات الموسيقية، دائرة المستشار الفني، إطلاق مهرجان بابل الدولي وغيرها)، في نفس الوقت نجد إشارات الى الصراعات التي خاضها، منها التقرير الذي رفعه ضده أحد زملائه المقربين بتهمة الماسونية (وقد اشير الى الحرفين الأولين من اسمه، ولعله الإشارة الوحيدة المباشرة في كل الكتاب إلى إحدى الشخصيات من العراقيين) ومن ثم اعتذار ذلك الشخص منه لاحقاً بعد "استضافته" من قبل أجهزة الأمن (ص 72).

خلال متابعتي للإنترنت بحثاً عن المزيد من المعلومات عن منير بشير، لم أعثر على كتابات عربية تناقش تفاصيل موسيقية عنه، سوى الصفحة الإنكليزية على الويكيبيديا التي تطرقت الى تفاصيل طرق وزن (دوزان) العود التي استعملها، وتقنيات العزف بالمضرب أو بالأصابع أو الأظافر، والتزويق الذي استعمله والارتقاء بالعود من أداة مصاحبة الى أداة منفردة. 

وقد توفي منير بشير في بودابست يوم احتفال العائلة بعيد ميلاده، ودفن هناك بحضور عدد كبير من الشخصيات المجرية والأوروبية والعربية في يوم شديد البرودة من تشرين الثاني 1997 حيث أسهمت بكلمة توديعية، وحسبما أتذكر لم تشترك الحكومة العراقية رسمياً في التوديع.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top