TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: أبو طبر يعود بوجوه جديدة

العمود الثامن: أبو طبر يعود بوجوه جديدة

نشر في: 16 سبتمبر, 2020: 09:24 م

 علي حسين

مرّة أخرى، مشهد قتل جديد وبوحشية تذكرك بأفعال داعش الإرهابية، وإذا أردت الدقة فهي تحيل الجيل القديم إلى جرائم "أبو طبر" الذي أرادت الدولة آنذاك أن تؤدب الشعب ولو بطبر حاد .

أكتب هذه المقدمة وأنا اشعر بالأسى والألم حين أقرأ تفاصيل جريمة مجزرة المنصور البشعة التي راحت ضحيتها الصيدلانية شيلان وعائلتها، وكيف أن المجرم تلذذ بتقطيع جثث الضحايا، وفي الوقت الذي لا يزال التحقيق في جرائم اغتيال الناشطين ينتظر في دهاليز اللجان، وعوائل المخطوفين تسأل عن مصير أبنائها، ومن خطفهم، ومتى سيُقدم الخاطفون للعدالة.

عندما تسأل عن قضية مقتل 700متظاهر، من قتلهم؟، وماذا فعلت الدولة للثأر لهم؟، ولماذا لم تعلن نتائج التحقيقات رغم أن القضاء صدع رؤوسنا بالشفافية وحكم القانون؟ سيقولون لك هذه أسرار وأمن وطني.

مقتل شيلان وقبلها نحر عائلة باكملها وقبلهما مقتل نسوة ورمي جثثهن في الشوارع، وقبل هذا وذاك مطاردة الناشطين بأسلحة كاتم الصوت، كل هذه المشاهد تقول إن أشياء كثيرة لم تتغير، وإن هناك من لا يريد أن نمضي نحو مستقبل آمن. 

إنّ ما جرى من قتل للناشطين لا يقل بشاعة عن قتل شيلان وعائلتها، وإفراغ الرصاص في جسد ريهام يعقوب هذه جرائم كاملة ومخطط لها ، وستبقى عارًا يلاحق مرتكبيها ومَن فوّضهم، لكنها ستبقى ايضا تشير الى اننا توحشنا، ولم يعد منظر القتل وتقطيع الجثث يثير مشاعرنا، مثلما يثيرها الهتاف لأصحاب السلطة.

وهذا السكوت عن القتل هو بحد ذاته موافقة صامتة على ان يواصل ابو طبر حصد الضحايا ، المخيف الغريب على قيم الانسان العراقي الذي لا يخرج مناديا بالقصاص من القتلة ، عمت الاحتجاجات معظم المدن الامريكية بعد مقتل الأمريكي الأسود جورج فلويد على يد رجل شرطة.. في الوقت الذي صمتنا فيه عن قتلة متظاهري تشرين ، والان نصمت على ذبح الناس الابرياء داخل بيوتهم . 

تنمو الكراهية وتزدهر في الظلمة، واليوم الظلمة هي الصمت الذي أصبحت فيه مشاهد قطع الرؤوس، واستخدام المنشار والدريل في تجميل أجساد البشر أمرًا عاديًا، و"كليبات" الدماء التي تتفنن في بثها فضائيات الكراهية .

ما نزال نتحدث عن المؤامرة الأميركية ، ونكاد ننشغل كل يوم في مغامرات التحليل السياسي ونتقافز في الفضائيات ببرامج فقدت صلاحيتها للاستخدام الآدمي، من أوصلنا إلى مشاهد قطع الرؤوس ؟ .

مارست قواتنا الامنية كل وسائل القمع من ضرب بالرصاص الحي، وقنابل الغاز ، لأن المتظاهرين تجاوزوا الإشارة الحمراء في طريق الديمقراطية العراقية، لم يطق عادل عبد المهدي أن يسمع البعض يشكك بنزاهة حكومته فخرج يعلنها صريحة: "إنّ المتظاهرين يريدون الخراب".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

 علي حسين عاش العلامة المرحوم محسن مهدي ينقب ويبحث في كتب التراث ويراجع النسخ المحفوظة في مكتبات العالم من حكايات ألف ليلة وليلة، ليقدم لنا نسخته المحققة من الليالي، يقول لنا فيها إنّ...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

التكامل الاقتصادي الإقليمي كبنية مستدامة للواردات غير النفطية

ثامر الهيمص المرض الهولندي تزامنت شدته علينا بالإضافة لاحادية اقتصاديا كدولة ريعية من خلال تصدير النفط الخام مع ملف المياه وعدم الاستقرار الإقليمي. حيث الاخير عامل حاسم في شل عملية الاستثمار إجمالا حتى الاستثمار...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram