TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: من الغراوي إلى جميل الشمري

العمود الثامن: من الغراوي إلى جميل الشمري

نشر في: 20 سبتمبر, 2020: 09:37 م

 علي حسين

في ظل نظام اعتقد المواطن المغلوب على أمره مثل جنابي أنه ديمقراطي، وفي ظل مؤسسات أمنية كان يفترض أنها في خدمة الشعب، مازال البعض يعتقد بأنه يحمل تراخيص لإذلال الناس والحط من آدميتهم..

اليوم ونحن نقرأ خبر محاولة وزارة الدفاع تهريب جميل الشمري المتهم بمجزرة الناصرية، فإننا نجد أنفسنا أمام عملية ممنهجة لاستعادة ممارسات التسلط على الناس، في العام الماضي وأثناء ولاية عادل عبد المهدي جرت وقائع وأحداث كثيرة أعادت إلى الأذهان أساليب القتل والخطف التي تمارسها الحكومات المستبدة، سيقول البعض إن هذه حالات فردية متناثرة هنا وهناك، ونقول إنها رسائل رعب أرسلتها الجهات الحكومية، لكل من يختلف مع منهجها التسلطي ، ولهذا لن يكون مفاجئًا أو غريبًا قرار عادل عبد المهدي بالسماح لجميل الشمري بعد مجزرة الناصرية أن يتبختر داخل وزارة الدفاع، ماذا تسمّي مثل هذه التصرفات؟، البعض سيقول غباء، وأنا أسمّيها تسلّطًا واستبدادًا حين يعتقد من تسلّموا مناصبهم بالصدفة أنهم قادرون على إرهاب المواطنين.

ظلت الناس تنتظر أن ترى أمامها مسؤولًا، يتعامل على مسافة واحدة مع الجميع، مسؤول شعاره العدالة أولًا، لكنهم وجدوا أنفسهم أمام عقليات خربة تتعامل مع المواطن باعتباره عدوًا وعميلًا يجب اجتثاثه، كانت الناس تريد مسؤولين يعبرون بالبلاد من عصر الفساد والقمع إلى عصر الحريات، فوجدوا أمامهم مسؤولين يريدون إعادة العراق إلى زمن القرون الوسطى، وأن نبقى جميعًا نعيش عصر الشعوب الخانعة التي يحكمها عسكر مستبدون يحتمون بدبابات الجيش. 

اليوم علينا جميعًا أن ندرك أن لا استقرار لوطن يمارس فيه الجلاد وظيفته بقوة القانون، وعلينا أن نقولها مرة ومرتين وإلى ما لانهاية، إن الجلادين ومن يقوم بحمايتهم يجب أن لا يفلتوا من قبضة القانون، وعلينا أن ندرك جميعًا أن لاعدالة مع مثل هكذا مؤسسات أمنية، ولا استقرار مع قوانين عرجاء، تقفز كلما أرادت الناس أن تحاسب المفسدين والسراق والمزورين والقتلة، وتصمت عندما تنتهك آدمية الإنسان، ولا مستقبل لبلاد يقودها مسؤولون يرون الجريمة وينكرونها وكأنها لم تحدث.

ليس هناك قدر يحتم على البشر أن يتحولوا إلى ضحايا لوحوش بشرية، لكن أنظمة القمع والاستبداد هي التي تصر على أن نبقى أسرى لجميل الشمري ورشيد فليح ومن قبلهم مهدي الغراوي الذي خرج مثل " الشعرة من العجين " في قضية سقوط الموصل التي سجلت في النهاية ضد مجهول ، اجهزة امنية تعيش على وهم " القوة وعصر السجون المخيفة وزنازين الموت .

لعل أفظع ما في الأمر أن مشهد قتل المواطن تحت سمع وبصر الدولة يكشف لنا أن كل ما قيل عن المواطنة والقانون هو كلام من قبيل الاستهلاك اليومي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. khalid muften

    جميل الشمري يستجم في تركية بعد ان اتعبه قتل الثوار . مبروك لوزارة الدفاع .

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

نتائج اجتماعية سلبية محتملة لمقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959

العمودالثامن: لماذا تصمت نقابة المحامين؟

العمودالثامن: المندلاوي وشعار "مشيلي وامشيلك"

العمودالثامن: حين تغضب النقيبة !!

تشريع زواج القاصرات في العراق خيانة لهنَّ

العمودالثامن: عصر المرتشــين

 علي حسين كانت كلمة (مرتشي) حين تقترن بشخص ما فهي كافية لتضعه أسفل سلم التوصيف الأخلاقي في المجتمع، ويذكر البعض منا أن الاختلاس أو سرقة المال العام كان يلقى ردعاً يصل لحد الفصل...
علي حسين

كلاكيت: الكوميديا التي لا تنشغل فقط بالضحك..

 علاء المفرجي على الرغم من أن الفنان الكبير قاسم الملاك، لم يبدأ مسيرته الفنية أواخر الستينيات ممثلاً كوميدياً، بل تنوعت أدواره منذ ذلك الحين بين الكوميديا والأدوار التراجيدية، وغيرها من الأدوار. فكان أن...
علاء المفرجي

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوبفي مجال التعليم؟

محمد الربيعي (الحلقة 6)التجربة اليابانيةاليابان، المعروفة بتنظيمها الاجتماعي وثقافتها الغنية، تعد واحدة من اكبر الاقتصادات في العالم. بعد الحرب العالمية الثانية، شهدت اليابان نهضة اقتصادية هائلة، حيث تحولت من بلد مدمر الى قوة اقتصادية...
د. محمد الربيعي

مقالة إخوان الصَّفا: القائل والعاقل

رشيد الخيون تضاعفت الأقوال المسموعة على مدار الساعة، والقلة ممَن يخضعها لعقله، كي يميز الغث مِن السَّمين، وبقدر ما نفعت التكنولوجيا، الفكر النير، خدمت الجهل، لأنها تُدار بيد الإنسان، إذا كانت يد عاقل أو...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram