منتظر الخرسان
في ظل غياب المسارح والابنية الثقافية، اجتمع عمال النظافة في بلدية الرفاعي شمالي ذي قار على فكرة إحياء مسرح الشارع بأفكار تعالج الواقع الاجتماعي.
المجموعة الشبابية المكونة من 20 شابا ما بين عامل للنظافة وسائق في قسم الخدمات، جميعهم يعملون بأجر يومي، دفعهم المجتمع المحلي لتحمل المسؤولية والمساهمة في معالجة الظواهر السلبية ومناقشة المشاكل المجتمعية.
"حسين ناصر" شاب في الثلاثين من عمره وهو عامل نظافة في بلدية الرفاعي يقول لـ(المدى) ان فكرة المشاهد التمثيلية التي بدأها مع زملائه لم تكن حاضرة في اذهانهم حتى وقت قريب الا ان وباء كورونا واجتياحه للبلاد وجلوس الجميع في المنازل دفعني مع ثلة من الشباب للتفكير وايجاد طريقة ما للتوعية والحديث مع الناس بطريقة مختلفة.
هو ومجموعته باشروا باكورة اعمالهم التمثيلية عن عامل النظافة ومدى تفاعل المواطن معه لتتبعها اعمال اخرى منها التوعية ضد وباء كورونا وظاهرة التسول ومشهد عن العنف الاسري، ليحصلوا على تأييد من الشارع.
وكانت خشبة مسرحهم هو الرصيف الذي يجاور الشارع الرئيس في مدينة الرفاعي ليبلغ بعدها عدد مشاهدهم التمثيلية 15 مشهدا حتى الآن.
لم تبق هذه المشاهد محصورة في شوارع قضاء الرفاعي بل قاموا بنقلها الى مواقع التواصل الاجتماعي بانشاء قناة يوتيوب لتكون بعنوان "هموم ولايتي.. حمودي الفقير" وينطلقون منها بتفاعل واضح من قبل المشاهدين ودعم المتابعين لهم.
"محمد عدنان" صاحب الأدوار الحزينة في اغلب المشاهد التي يقدمها الشباب يرى السبب في تعلقه بتلك المشاهد "لان الفقر لا احد يجيده الا من تعايش معه، فظروف الحياة القاسية كانت كفيلة بان يمر بهذه المرحلة"، والان يعمل جاهدا من اجل اظهار مشهد الفقر بالحقيقة التي مر بها كي يشعر الجميع بمدى قساوة الحياة على الفقراء. وينضم معهم "اسعد حميد" وهو سائق مركبة في قسم خدمات البلدية ليؤكد ان المشاهد المسرحية التي يقدمونها هي حقيقة الواقع الذي يمر به المجتمع. وأن اختيار الشارع ليكون خشبة المسرح هو للدخول الى نفوس الناس. ان ما يقوم به الشباب هو تعبير عن العديد من المشاكل العائلية او الامور المجتمعية والتي تتم مشاهدتها يوميا.
ويعود "حسين ناصر" من جديد ويبين انهم حديثو العهد بالتمثيل مع عدم تعلمهم للأعمال المسرحية من قبل الا ان ما يقومون به بحسب الوصف "لا بأس به" وعملهم في تطور مستمر.
اما الدراما والسيناريو والاخراج فيتم بحثه عندما تُطرح الفكرة ليبدأ تقسيم الادوار وطبيعة الجمل وكيف ستكون حركة كل فرد منهم.
وبهذا النحو تسهم هذه المجموعة الشبابية في إحياء مسرح الشارع الذي فُقد منذ زمن في محافظة ذي قار والعراق بعدما ظهرت اولى تجاربه في سبعينيات القرن الماضي على يد الدكتور سعدي يونس البحري في بغداد وبقية المحافظات ليحاكي اذهان الناس وما يعانيه المجتمع في ظل الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
اترك تعليقك