كتب : د.باسل عبد المهدي
إن السؤال الأهم الذي يفترض توجيهه الى رعد حمودي، ليس بيانه الإعلامي المُكلّل بتفاؤل افترضهُ لنفسهِ، حول مسيرة الانتخابات، وإعلان ضمانات الأمان للجميع، فالبيان ومحتواه بحدّ ذاته يؤشّر ما لا يقبل الشك ما سبّبته سياسة السنين المارّة من تمزّقات وفضائِح في مسيرة العمل الأولمبي ونتائجه مقابل المليارات التي وُظِّفتْ واستغلّتْ لغير مصلحة الرياضي العراقي ونتائجه المنتظرة، كمادة وغاية العمل الأولمبي.
إنها حقيقة اعترفَ بها شخصياً حمودي حين أعلن بأن أكثر من سبعين بالمائة من ميزانيات وأموال لجنته قد استنفذتها الرواتب والمخصّصات المصروفة للعاملين فيها وفِي اتحاداتها، وهُم ولله الحمد، لا تضاهيهم في أعدادهم وكفاءة أغلبهم أي لجنة أولمبية لأي بلد آخر على وجه الأرض..
إذن فإن السؤال الأهم الذي يفترض على قائد المسيرة الأولمبية إجابته في بيانه المُعلن هو ما يلي:
ماذا أثمرت نتائج عمل الدورتين الانتخابيتين الماضيتين التي ترّأستَ فيها الأولمبية ومكتبها التنفيذي، والذي عُدّ بنظر المراقبين والمختصّين، بأنه الأسوأ إدارة ونتائج في كل تاريخ الرياضة في العراق؟!! كما إن الأهم الذي يتوجّب توضيحه في بيانات مُماثلة هو الضمانات العملية التي تستطيع أن تقدّم خلال الدورة الانتخابية القادمة في مواجهة تكرار حالات الفشل والتلاعب والتزوير والانشقاقات والاستغلال والواسطات السياسية وغير السياسية التي صاحبت رئاستكم للعمل الأولمبي كل الحقبة المارّة من آذار ٢٠٠٩ ولغاية أن يفرجها الله سبحانه وتعالى على عباده الصالحين بوجوب التوقف قليلاً ومراجعة النفس والسلوك والمنهج المختار في أسلوب إدارة المسؤولية ومتطلّباتها المقرّة بموجب القانون حماية لسمعة الرياضة العراقية وسمعة قادتها وتاريخهم أيضاً!! أليس ذلك هو الأكثر أهمية في الذي يفترض التصريح به وإعلانه؟!
النظام الداخلي .. والخبراء
أن يصدر ويعلن وينشر في الجريدة الرسمية النظام الداخلي للجنة الأولمبية الوطنية العراقية بزمنٍ قياسي مُلفت وقبل انتهاء مراجعة وتدقيق مجلس شورى الدولة لقانون الأولمبية المشرّع، وهو (أي النظام الداخلي) ملحق متمّم للقانون، حالة لا تلفت اهتمام حمودي وماذا يُخبّئ أو خبّأ وراءها!! وأن يفتح باب الترشيح (للخبراء) على مصراعيه دون أي إعلان أو وجوب الالتزام بأي مواصفات وضوابط مطلوبة في ما تستوجبه هذه الصفة (الخطيرة) في العمل الأولمبي ومستقبله، إجراء لم يَعد يُدغدغ مشاعر وتطلّعات قائد أولمبيتنا ودرجات تفاؤله المطروحة في البيان، أو أن تعلن وتنشر لجنة الشباب والرياضة في مجلس النواب قراءتها الثانية لقانون الأندية الرياضية، التي تمثّل مُجمل قاعدة الإنجاز من الرياضيين والمصدر الذي تستمّد منه وترشّح عنه كل إداري للعمل الاتحادي، أن تعلن ذلك وتبشّر به نحو التصويت، قبل ودون مشورة رسمية أو تدقيق مُلزم من مجلس شورى الدولة والوزارة القطاعية الحكومية المسؤولة قانونياً عن إجازة ومراقبة وتقييم عمل الأندية هذه، بادرة متعجّلة وتجاوزاً غريباً لا يجد رئيس أولمبيتنا أية أهمية تذكر للتفكير بأسبابه ودوافعها!!
قرارات بريمر
أن ننسى أو نتناسى بأن أولمبيتنا العراقية قد ولِدتْ من رحم دوكان وقرارات سيئ الذكر (بريمر) ولوائح مستشاره (مارك كلارك) المُعدّة بقصدٍ واضحٍ من أجل المنافع الخاصة اغتنموها ومن أجل تمزيق الصفوف والفرقة التي ابتغتها سياسات الاحتلال وسلطاته على عموم وحدة جغرافية رياضتنا الوطنية. فالسلطات هذه ومستشاريها أغفلت بقصد الإعلان عن أي إجراء أو موقف حينها، عندما اجتمعت الهيئة العامة للأولمبية (٢٩شخصاً) مباشرة بعد انتهاء اجتماع دوكان والتي انتخبت بموجب لوائحه المعلنة للعمل لمدة سنة واحدة لأجل إكمال تشريع قانون وطني حديث للأولمبية في مواجهة القرار اللعين لبريمر، باعتبارها وكل أجهزتها (كيانا منحلاً) من أجل البدء بالعمل كمؤسسة حقيقية معرفة المهام وكفرع للجنة الأولمبية الدولية في العراق ومُحرّرة من كل قيود الماضي ومزاجاته المُخرّبة. هذه الهيئة العامة أغفلت شروط انتخابها واجتمعت ثم قرّرت بنفسها لنفسها، أن تستمرّ في مواقعها لسنوات خمس بدلاً من واحدة. نتيجة كل هذا التطلّع المزاجي الغريب، إن استمرّت هذه السنوات في السعي لإعداد القانون وإكمال مدّة تجاوزت ستة عشر عاماً متواصلة، أي لأربعة دورات انتخابية، ابتدأت من أوائل سنة ٢٠٠٤ ولغاية أواسط سنة ٢٠٢٠ واللجنة الأولمبية الوطنية العراقية وإدارتها وقراراتها وميزانياتها تعمل وتنتخب وتقرّر بموجب لوائح تُطرَّز على مصالح ومنافع صانعيها ولا تستند لأي قانون وطني رسمي مُقرّ. هذه حقائق لا يلتفت لها نظر (الرئيس) في بيانه خشية من الإخلال في عدد ممّا مُحتسب من أصوات مضمونة في معركته الانتخابية القادمة!!
أحكام جنائية
أن لا يفكّر أو يوضّح في أي بيان مبرّرات السماح لمن صدرت بحقهم أحكام جنائية حق المشاركة في الانتخابات كأمر تمنعه القوانين العراقية السارية في وعلى كل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية العاملة فيه، سؤال خطير يفترض أن لا يتعرّض له تقرير الرئيس تحسّباً لموازين القوى الانتخابية ونتائجها، مثلما لا يجوز مثلاً إعلان الاجراءات المتخذة في محاسبة العديد من الرياضيين من الذين أعلن رسمياً سقوطهم في شِراك تناول المنشّطات المحظورة أثناء مشاركتهم في البطولات العربية والدولية المُهمّة، أو أن يترك موقعه الرسمي ويهرب خارج البلاد فجأة ودون سابق إعلان (أميناً عاماً) مُنتخباً للأولمبية مُحمّلاً بما جادت عليه خزائنها من منافع مالية وغير مالية تمثّل واقعة أو حدثاً ليس بتلك الخطورة ولا تثير الاهتمام لأننا في الأولمبية لا نتصرّف وكأننا (مركز شرطة) وقد يعد في تصوّر حمودي إجراءً مناقضاً لمبادئ الميثاق الأولمبي ويمثّل واحداً من أوجه التدخّل الحكومي في الشأن الرياضي !!
إشاعات مُغرِضة
لو أردنا وضع كل هذه الإيضاحات أمام ناظريّ أي متابع عارِف ومُنصِف لانتهينا الى نتيجتين لا ثالث لهما :
أولهما: وجوب الكَفّ والابتعاد عن تحميل الآخرين نتائج الفشل والإشارة بتعمّد مُبالغ الى ما يروّجه البعض من إشاعات مُغرضة. الرئيس يعرف بالتأكيد المقصود من هذا الكلام في بيانه، فلقد سبق ذلك أن تحدّث به علانية موظفو ومعتمدو لجنته من ملتقطي ومروّجي الإشاعات المقصودة المتفرّغين لإثارة الفتنة والتسقيط الكاذب والمنظّم الذي يتولاه منتفعو السياحة الرياضية وملذاتها المعلومة على نفقة الرياضة العراقية وأموالها !!
وثانيهما، أن تتركوا السعي والعمل لمعاودة الترشيح الى المواقع التنفيذية في الأولمبية، وأن تفسحوا المجال لمن هُم أكفأ وأكثر إخلاصاً ونزاهة للقيم والمبادئ الرياضية والوطنية الحقة.
إن تجربة السنين المارّة قد شهدت، بلا أي شك، فشلكم كأفراد أو كمجموعة، وخواء امتلاككم أي إمكانية فكرية أو عملية كافية للأخذ بالمسيرة الأولمبية وقراراتها الى وضع يتلاءم مع المهمّات المعلومة للجان الأولمبية في مختلف بلدان العالم .. أو أعلنوا بدلاً من ذلك، التنازل عمّا جنيتموه أو ستجنوه من رواتب ومخصّصات كبيرة وما تمتّعتم به من موارد ومكاسب وحقوق و(جاه)، قرّرتموها لأنفسكم من غير شرع أو قانون، أو أعلنوا بدلاً من ذلك أفراداً أو مجتمعين إعادة تجميع وتوظيف هذا الكم الهائل من الأموال وصرفها لصالح عمليات تطوير الرياضين الذين نعتاش جميعاً على جهودهم المبذولة وكميات العرق المتصبّب من جباههم.
إنه الاختبار الحقيقي الذي يعرف درجات الولاء والالتزام بالقيم الرياضية والوطنية الحقّة بدلاً من بيانات تبديد القلق واللغة الضبابية المُضلّلة.. كذلك كإجراء يمكن أن يكون نموذجاً للاقتداء وقد يضعف أو يضع حدوداً للاندفاع الكبير والغريب لتبوئ موقع (الخبير) في العمل الأولمبي ومستلزماته من دون الالتزام بأي مواصفات وضوابط ودراسات علمية وخبرات عملية تتطلّبها بالضرورة واجبات ومهمّات مثل هذا اللقب (الخطير).
الخلاصة
خلاصة كل ذلك ، بأن على قيادات الأولمبية الحالية، والمستقبلية أيضاً، أن تبتعد وتكفّ عن النظر والاهتمام بنفسها وبمصالحها (فقط) ، وأن تمتلك من الشجاعة ما يكفي لتقبل نصائح وانتقادات الآخرين دون اللجوء الى ما تقرّره لقاءات واتفاقات وحسابات الغرف المُظلمة والبيانات الدعائية التي تسبق (دوماً) الحملات الانتخابية التي تتجاوز بعمد ما حصل واقعاً.
إن الانجازات الرياضية التي تعتبر المهمّة الأولى والأخيرة لأي لجنة أولمبية في العالم، لا يمكن أن تصنعها البيانات الضبابية وما تتضمّنه من أحلام، أو ما يمكن أن تقود إليه التشبّثات والواسطات المبذولة أو مناورات الانقلابات من أجل البقاء، برغم تراكم تجارب الفشل وافرازاتها المُضرّة لسنين طوال، إنما هي ، أي الانجازات، صناعة حقيقية تستمد وقودها من معاناة الرياضيين وتطلّعاتهم ومن كمية العرق المتصبّب من جباه أولئك الذين يوفرون لنا جميعاً القوت الوحيد لخبزتنا (الحلال) في هذه الحياة.
إن تجربة السنين العشرة المارّة ونتائجها وأزماتها وفضائحها المُخجلة، برهنت وبلا أي شك، استحالة تفهّم قيادة أولمبية العراق بأنها (خادمة) فعلاً للرياضة العراقية وليس العكس !! والله من وراء القصد .
اترك تعليقك