بعبارة أخرى: عاطفة (الحروب) الكروية!

علي رياح 2020/10/19 06:40:59 م

بعبارة أخرى: عاطفة (الحروب) الكروية!

 علي رياح

في سِجال الحروب ، لا مجال للعاطفة أن تتسلل إلى الميدان ، خصوصاً حرب النجوم .. لا أعني هنا ارتياد الفضاء وسبر الأغوار التي لم تطأها قدم بني البشر ، إنما أعني تلك الحروب التي تنشأ بين النجوم في ميدان واحد ، وهي حروب فيها التنافس والحسد وربما التسقيط ، قد يرتدي فيها أصحابها القفازات الحريرية ، ومؤكد أن الإعلام له اليد الطولى في نقل الضرب إلى ما تحت الحزام! 

لكن الندّيّة بين النجوم في ميدان واحد ، قد تنتهي إلى غير هذه التفاصيل تماما .. قد يصحو (الأنداد) في لحظة ما على حقيقة أن القمة يمكن أن تتسع للنخبة كلها لا للفرد الواحد فحسب .. في يوم ما قد يصير التنافر سبباً في علاقة تكامل مؤطرة بالإيثار بدلاً من الأنانية البالغة .. يتخلى النجم عن السلاح الذي كان يتمنطق به ذات يوم ، ولا نرى منه سوى الإنسان الذي يرى في علاقته مع الآخرين – حتى لو كانوا أنداده – علاقة تكامل واقتراب وربما امتزاج! 

في عام 2003 أنجزت برنامجاً وثائقياً عن نجمنا الشهير الراحل علي كاظم لقناة (الجزيرة الرياضية) ، وكان الفصل الأخير من البرنامج مؤثراً ويستدعي ألماً ممضاً ، فلقد وصفت تردي الوضع الصحي لهدافنا التاريخي ولم أتردد في توظيف المعادل الصوري الذي يبيّن الإهمال الذي (حظي) به علي كاظم أسوة بالعشرات غيره من صناع الإنجاز والفرح لدينا! 

فوجئت في اليوم التالي لعرض البرنامج باتصال هاتفي من الخارج ، ولم اتبيّن فيه مفتاح الدولة تماماً حتى سمعت تحية الطرف الآخر ، وكانت اللهجة الكويتية ، وكان النجم الأسطوري جاسم يعقوب ، ولم يكن أي شكل للقاء قد جمعني به من قبل .. قال لي : أخي العزيز علي .. أريد منك أن تقدم لي خدمة وسأكون ممتننا لك ما حييت إذا استجبت لي! 

أجبته : أبو حمود تتدلل ، ذيج الساعة المباركة اللي تحدثني بها وتطلب شيئاً أو خدمة .. 

* أريد توصلني لعلي كاظم .. أريد أكلمه بأي وسيلة .. ثق يا أخي أن قلبي كان يتقطع وأنا أشاهد برنامجك يوم أمس .. يا أخي معقولة يصير جذي بعلي كاظم . علي كاظم؟؟! 

كان أبو حمود يتدفق إنسانية وطيبة ، وكنت أنا استعيد زمن (حرب النجوم) بين منتخبي العراق والكويت خلال العقد السبعيني وكانت الذروة في الدوحة 1976 خلال دورة الخليج العربي الرابعة .. كان شريط الحوادث يمر، وكانت التساؤلات تتوالد : أين ذهب ذلك العداء الكروي الذي كنا نعيشه يوم كانت المنافسة عراقية – كويتية بامتياز بينما كان الآخرون يغطّون في أحلام الوصول إلى مجد هذين المنتخبين؟! 

لم يفصح جاسم يعقوب عن نيته تجاه نجمنا علي كاظم ، وكنت أتوقع خطوة أكبر من السلام والتحية والسؤال عن الصحة .. وصدقت توقعاتي . وجه أبو حمود الدعوة إلى أبي وسام للسفر بأسرع ما يمكن إلى الكويت ، كي ينال ما يستحق من علاج ورعاية صحية .. 

عدت إلى خواطري وصوري العالقة في الذاكرة : لقد كانت القطيعة بين النجمين والمنتخبين على أشدّها أيام الذروة في التنافس .. كانت المباراة أشبه بالموقعة ، أو هكذا كنا نتصوّر أو نتوهّم .. لكن النجوم لديهم مآثرهم في التعبير عن تكامل العلاقة ، ذلك لأن الكلمة الفصل تبقى دوما للفعل الإنساني الذي يستحضر الرفقة والعشرة واللقاء ، حتى لو كانت الرفقة في الملعب ضارية ، وحتى لو كانت العشرة فرحاً ودموعاً متقابلة ، وحتى لو كان اللقاء تحت دوي المدافع الكروية!

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top