إلقاء الضوء على الانتخابات الحساسة الراهنة في الولايات المتحدة

إلقاء الضوء على الانتخابات الحساسة الراهنة في الولايات المتحدة

 ترجمة عادل حبه

في الانتخابات الأميركية لعامي 2016 و 2020، فشل الديموقراطي الاشتراكي بيرني ساندرز في الفوز بالسباق الرئاسي الديمقراطي ضد هيلاري كلينتون ، لكن حملته الإنتخابية سجلت تغييرات سياسية مهمة، خاصة بين الشباب. 

دخلت الولايات المتحدة الآن المرحلة الحاسمة لانتخابات هذا العام (2020). ووفقاً لمعظم استطلاعات الرأي، سيفوز جو بايدن والديمقراطيون في الرئاسة، بل وحتى في مجلس الشيوخ ، حيث يتمتع الجمهوريون الآن بأغلبية هشة، ما لم يحدث شيء غير متوقع.

في هذا المنعطف الحرج في التاريخ الأميركي المعاصر، حيث يعتقد العديد من المحللين أن الفاشية برزت في المجتمع الأميركي وكشفت عن وجهها الوحشي، وتنامى دور الحركة اليسارية والتقدمية في أميركا بشكل عام، والحزب الشيوعي الأميركي في على وجه الخصوص، هو جدير بالملاحظة في تسلسل أحداث هذا البلد. ولهذا السبب قررنا إجراء محادثة مع كورتيس أتكينز، رئيس تحرير People World وعضو المجلس الوطني للحزب الشيوعي الأميركي، والتي يمكنك قراءتها أدناه.

س:من يدعم ترامب؟ أي فئة من فئات الشعب الأميركي صوتت له في عام 2016 ؟، وهل تعتقد أنهم سيصوتون له مرة أخرى في 3 تشرين الثاني من هذا العام؟

ج:تغطي الإجابة على هذا السؤال عدة جوانب. لا شك أن ترامب يحظى بدعم حركة جماهيرية. والدعم الأكبر له هو في الولايات الجنوبية وأجزاء من الغرب الأوسط. لقد سعى ترامب للحصول على دعم قطاعات من السكان من خلال التحريض على العنصرية وكراهية الأجانب وكراهية الإسلام والمشاعر المعادية للمهاجرين. والخبر السار، إذا كان خبراً جيداً (!)، هو أن مؤيديه يشكلون حوالي ثلث إجمالي الناخبين الأميركيين. وهذه هي قاعدة الفاشية الجماهيرية في أميركا - الناخبون الذين سيقفون إلى جانب ترامب مهما كانت أقواله وأفعاله قبيحة. وسوف لن تترك هؤلاء خارج الميدان بالرغم من وفاة 220.000 مواطن بفيروس Covid-19.

في عام 2016 ، قام ترامب أيضاً بحملة مع عدد كبير من الناخبين البيض من الطبقة العاملة في الدول الصناعية، والذين يصوتون عادةً للديمقراطيين. لقد دفعت عقود من "العولمة" و "التجارة الحرة" الناس إلى تقديم مزاعم مضللة بأن ترامب "سيعيد الوظائف في الخارج إلى الولايات المتحدة". لكن هذا لم يحدث ، والآن غادر العديد من هؤلاء الناخبين ترامب. وقد يؤدي فشله في إدارة واحتواء وباء Covid-19 إلى إبعاد المزيد من الناس عنه.

س:هل لا يزال ترامب يحظى بنفس المستوى من الدعم داخل الإدارة الأميركية كما كان في عام 2016؟

ج:تتنوع أسباب دعم ترامب بشكل أكبر داخل الجهاز السياسي والاقتصادي الأميركي. بالنسبة للعديد من الجمهوريين ، كان ترامب مجرد وسيلة لتحقيق غاية. قد لا يتفقون مع أسلوب عمله أو نظريات المؤامرة الخاصة به، لكنه قدم لهم التخفيضات الضريبية، ورفع القيود، وزيادة الإنفاق العسكري، وتعيين القضاة المحافظين في المحاكم.

فيما يتعلق بالمجاميع الطبقية الرأسمالية، يجب القول أنه في عام 2016، كان هناك الكثير من التشرذم في هذه الفئة. وإعتبر البعض أن عدم مسؤولية ترامب وتهوره وسياساته الانقسامية على أنها تهديد للنظام النيوليبرالي الدولي. وهذا هو السبب في أن أول من دعم ترامب بين الشركات كانوا في الغالب من المستثمرين المحليين الصغار ومتوسطي الحال.

فضلت القطاعات الرأسمالية في مجال الطاقة والمال والتكنولوجيا المتقدمة مرشحاً جمهورياً داخل الإدارة، مثل جورج دبليو بوش ، أو حتى مرشح ديمقراطي مثل كلينتون. فنطاق عملهم هم الميدان الخارجي ، ولذلك كان الكثير منهم لا يميل إلى المخاطرة ودعم شخص يهدد بإغلاق الحدود وتقييد التجارة الحرة. فمن وجهة نظر مصالحهم، هي الإدارة الفعالة للنظام الرأسمالي.

بالطبع ، بعد هزيمة هيلاري كلينتون في انتخابات عام 2016، رحبت الطبقة الرأسمالية بأكملها بالتخفيضات الضريبية وإلغاء الضوابط التي فرضتها رئاسة ترامب. وشهدت بعض القطاعات، مثل المجمع الصناعي العسكري، نمواً في أرباحها بشكل كبير في ظل رئاسة ترامب.

قبل وباء Covid-19 ، كان معظم أصحاب رؤوس الأموال الكبار يميلون إلى فترة ولاية ثانية لترامب. ولكن في أعقاب التفشي الكارثي لفايروس كورونا الجديد والركود، أصبح الكثيرون في وول ستريت وسيليكون فالي على استعداد للقبول بإدارة بايدن. إنهم ليسوا مع زيادة الضرائب المحتملة في إدارة بايدن، لكن معارضة الجمهوريين لمزيد من التحفيز الاقتصادي ثبطت من عزيمة العديد من الجمهوريين.

من الواضح أنه لا تزال هناك قوى رأسمالية كبيرة تدعم ترامب. وكان المليارديرية التنفيذيين لصناديق الاستثمار وعمالقة قطاع العقارات هم من بين أكبر الداعمين لترامب، وتواصل فوكس نيوز بث حملة ترامب وتجمعاته على شاشة التلفزيون بأمانة. لكن بينما يكافح ترامب لجمع الأموال في الأيام الأخيرة من الانتخابات، يبدو أن أنصار ترامب هؤلاء ليسوا أكثر من مجرد استثناءات قليلة.

س:يبدو أن التحالف الناجح المناهض لترامب يتكون من مجموعة من القوى لضمان فوز بايدن. ما هي نقاط القوة والضعف في هذا التحالف وهل يمكن لهذا التحالف التكتيكي أن يستمر بعد الانتخابات؟

ج: يعد تحالف ترمب المعارض أكبر تجمع انتخابي في العقود الأخيرة. إنها تتكون في الأساس من "الجبهة الشاملة" وحركة "حياة السود تمهنا" ومنظمات السكان الأصليين، ومجموعات أمريكا اللاتينية و المهاجرين، والمجموعات النسائية، والمنظمات الآسيوية واليهود ، والشباب ، والمسلمين، وأعداد آخرى. ويضم التحالف أيضاً اليساريين والليبراليين والمعتدلين وبعض المحافظين وقطاعات من مجتمع الأعمال.

بالنظر إلى هذا التنوع في المصالح الطبقية والاجتماعية، فمن الطبيعي أن تكون تحصل توترات في هذا التحالف. وأصبح هذا واضحاً عندما تم وضع الأساس لحملة بايدن - هاريس. طالب اليسار بتأمين الرعاية الصحية للجميع (رعاية صحية عامة) ، بينما قاومت جماعات الضغط التابعة لشركات التأمين الخاصة. وكانت النتيجة هو حل وسط "خيار عام" ترك التأمين الخاص كما هو موجود خالياً. هذا مجرد مثال. إذا فاز الديمقراطيون في الانتخابات، فمن المرجح أن تتصاعد هذه التوترات.

بعد الانتخابات، قد تجد الحركات اليسارية والتقدمية نفسها على خلاف مع عناصر أخرى من التحالف المناهض لترامب. ولكن بالنظر إلى وجود اليمين المتطرّف في الكونغرس، الذي يسعى إلى تخريب وعرقلة تقدم العمل، ستظل هناك حاجة للوحدة في العديد من المجالات.

س:طالما كانت تعبئة العمال والكادحين وستظل المهمة الرئيسة لأي حركة يسارية وحزب. ما هو نهج الحزب الشيوعي الأميركي في هذا الصدد؟

ج:الحزب الشيوعي الأمريكي هو جزء لا يتجزأ من التحالف المناهض لترامب، ويسعى إلى إدخال المفاهيم التقدمية في هذا النضال، ومن بينها حملة "التصويت ضد الفاشية" التي ينظمها الحزب الشيوعي، والتي تهدف إلى تحذير الطبقة العاملة من مخاطر ترامب، وتنظيم المسيرات العامة، واحتجاجات الشوارع، وتجمعات توقيع الناخبين، والتغطية اليومية لهذه القضايا في صحيفة "بيبول وورد" (عالم الشعب)، وكل ذلك هو جزء من نشاط الحزب الشيوعي في الولايات المتحدة الشيوعي.

ينتهج الحزب الشيوعي الأميركي ستراتيجية "الجبهة الشعبية" التي اقترحها لأول مرة جورجي ديميتروف،الشيوعي البلغاري البارز في عام 1935 في المؤتمر السابع للكومنترن السابع. المجتمع الأميركي معقد، وهناك العديد من القوى الطبقية والاجتماعية منخرطة في النضال.

س: السؤال المطروح هو"إلى جانب مَن تقف الآن". 

ج:في الوقت الراهن هناك تياران متضادان في أميركا.فمن ناحية يقف أكثر القوى رجعية وأكثرها فاشية إلى جانب ترامب، وفي الطرف الآخر يقف جميع الساعين إلى الحفاظ على الديمقراطية البرجوازية بكل نواقصها.

سيتم تعديل ستراتيجيات وتكتيكات الشيوعيين اعتماداً على نتيجة الانتخابات. الكثير من التعبئة التي حدثت حتى الآن، بادرت إليها الحركات الجماهيرية نفسها، وليس من الحزب الديمقراطي. هذا هو شكل الاستقلال السياسي الذي سيسعى الشيوعيون إلى توسيعه، والانخراط في نضال شعبي من أجل أجندة حكومة بايدن.

مهما كانت نتيجة انتخابات 3 تشرين الثاني، سيواصل الحزب الشيوعي الأميركي الاتحاد وتجنب الطائفية أو التوحيد. لن يفصل الشيوعيون الأميركيون أنفسهم أبداً عن القوى الهائلة التي تحاول إلحاق الهزيمة باليمين المتطرّف، وسيحققون الاشتراكية في النهاية. أينما كانت الجماهير ، فهذا هو المكان الذي ستجد فيه الحزب في المقدمة.

عن /صحيفة "الشعب" الناطقة بلسان حزب توده إيران

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top