متابعة/ المدى
نتجت حالة من الترقب بشأن النزاعات على ملكية الأوقاف الدينية بين الوقفين السني والشيعي بعد إعلان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، التريث في تطبيق اتفاقية أبرمت بين الوقفين السني والشيعي لتقاسم الأوقاف الدينية في البلاد، وفق آلية أثارت غضب عراقيين من المكون السني وقياداته الدينية بشكل كبير وانتقد رجل الدين السني البارز أحمد الكبيسي القرار.
وقال في رسالة صوتية إن "الأوقاف السنية ليست ملكا للسنة فقط وإنما ملك للعالم الإسلامي كله".
وامتنع الوقف الشيعي عن التصريح رسميا بما يخص القضية، لكن مصادر من داخل الوقف قالت إنها لم تبلغ بقرار الكاظمي، الذي جاء بعد لقاءات بين وفد المجمع الفقهي العراقي، وكل من الكاظمي ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي.
وهذا يعني أن الوقف الشيعي سيستمر بالتعامل وفق الاتفاقية القاضية بتوزيع الأوقاف بين الوقفين، بحسب الحجج الوقفية، أو بحسب مذهب الواقف، أو بحسب النسب السكانية المعتمدة في كل محافظة
ويقول منتقدو رئيس ديوان الوقف السني، سعد كمبش، إنه وقع على اتفاقية حل النزاع بين الوقفين بدون استشارة المجمع الفقهي العراقي.
لكن رئيس الديوان قال إن "المعترضين لم يطلعوا على الاتفاقية"، متسائلا "هل قرأوا ورقة منها قبل أن يعترضوا عليها؟".
وبحسب كمبش فإن "الاتفاقية الموقعة أخيرا هي ورقة لتشكيل لجنة برئاسة رئيس الوزراء، لتنفيذ اتفاقية موقعة عام 2003 لتقاسم أملاك الوقفين"، وهي موقعة من "جلال الطالباني ونوري المالكي وعادل عبد المهدي وعدد كبير من رجال الدين في بغداد والمحافظات".
ويقول كمبش إن "الاتفاقية في حال تنفيذها ستعيد آلاف العقارات إلى سيطرة الوقفين السني والشيعي، بعد أن سيطرت عليها جهات أخرى لسنوات"، مضيفا "لن تحول الاتفاقية أي عقار من ملكية الوقف السني، وإنما على العكس ستعيد إليه آلاف العقارات".
ونفى كمبش أن "تكون الاتفاقية شملت تقاسم مراقد مثل مرقد عبد القادر الكيلاني، أو جوامع مثل جامع الرمادي الكبير"، كما شاع في الوسط السني العراقي.
وقالت مصادر من داخل ديوان الوقف السني إن "الأملاك موضع النزاع تمتلك قيمة مادية كبيرة تقدر بالمليارات"، مضيفا أن "من غير المنطقي أن يسلم مسجد مثل مسجد عبد القادر الكيلاني إلى الوقف الشيعي، ليس لأنه مسجد سني فقط، وإنما لأنه سيثير أزمة دولية أيضا".
وأضاف المصدر أن "المسجد صرفت عليه المليارات من أموال باكستانية ولن يقبل أحد أن تصادر تلك الأموال لمصلحة الوقف الشيعي".
وقال المصدر إن "الوقف الشيعي هو أيضا لا يريد هذا، وهم أيضا لا يريدون جوامع مثل جامع النداء الذي بناه صدام حسين على شكل صواريخ، كما أنهم لن يقبلوا الصلاة في أماكن مغصوبة".
وأضافت المصادر المسؤولة في الوقف الشيعي أنها "تنتظر القرار الأخير لمجلس الوزراء"، ملوحة بثقل الوقف "وتبعيته للمرجعية الدينية الشيعية".
وقال عضو لجنة الأوقاف والشؤون الدينية النائب أسوان الكلداني إن "مجلس النواب مع قرار إيقاف العمل بقرار التقسيم"، مضيفا أن "بعض الجهات تدخلت لإيقاف العمل بالقرار بسبب وجود خلافات قد تؤدي إلى كشف فساد أو استغلال أوقاف".
ولدى سؤال النائب عما إذا كانت هذه الجهات هي الوقف الشيعي قال "نعم وقسم من السنة".
وتزداد الاتهامات بوجود ملفات فساد داخل الوقفين، والخلاف الحالي أدى إلى بروز هذه الاتهامات بشكل علني.
وقال الشيخ الكبيسي في رسالته الصوتية إن الكاظمي عرض عليه رئاسة الوقف السني، قائلا: "رفضت وقلت له الأوقاف مليئة بالفساد، وأنا لا استطيع أن أتحمل وزر درهم واحد يسرق من مال الأوقاف".
وهذه من المرات النادرة التي توجه الاتهامات الصريحة لأحد الوقفين من قبل رجال دين بمستوى أحمد الكبيسي.
ورفض النواب السنة قرار الفصل بين الوقفين والآلية المعتمدة للفصل والتي ستؤدي بحسبهم إلى "السيطرة شبه المطلقة على أوقاف السنة"، بحسب القيادي السني ورئيس مجلس النواب الأسبق أسامة النجيفي.
ودعا النجيفي في تغريدة على (تويتر) إلى "التصدي للقرار سياسيا وقضائيا".
وتعود مشكلة الأوقاف في العراق، بحسب مصادر من الوقفين، إلى زمن الاحتلال العثماني للعراق، الذي سجل "الأوقاف كلها وفق المذهب السني".
وبحسب مصدر من الوقف السني فإن "حجج الوقف العثماني تشير إلى أن الأوقاف الدينية في كربلاء وغيرها تابعة لديوان الوقف السني"، وقال إن "تركيا تمتلك أصولا لهذه الحجج الوقفية، وإذا استعين بها فستثبت عائدية الكثير جدا من الأوقاف للوقف السني".
لكن حجة الوقف الشيعي، بحسب مطلعين على المباحثات، هي أن "النظام عمد إلى تسجيل الأوقاف بطريقة لا تعبر عن حقيقة انتماءات الواقفين مما سبب كل هذا التخبط".
وحتى بعد 2003، كانت في العراق وزارة واحدة تدير الأوقاف والشؤون الدينية لكافة الأديان والمذاهب في العراق، لكن تقسيم الوزارة إلى عدة أوقاف أدى إلى نزاعات بين الوقفين، خاصة وأن الأملاك مصدر النزاع تدر عائدات كبيرة جدا سنويا.
اترك تعليقك